شفق نيوز/ أبرز تقرير حديث، عن التمييز العنصري ومعاداة السود في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن غالبية مواطني المنطقة، لا تعترف بأن التمييز ضد السود يمثل "مشكلة" في بلدانها، فيما أبرز "تناقضاً" عراقياً بشأن نتائجه.
ويقول مركز البارومتر العربي في تقرير اطلعت عليه وكالة شفق نيوز إن "بالرغم من إقرارها بأن التمييز العنصري يمثل مشكلة خطيرة، يرى معظم مواطني المنطقة أن التمييز على أساس اللون، لا يمثل أي مشكلة ببلدانهم".
وتكشف نتائج التقرير التي تأتي "على خلفية استطلاع رأي شمل (9) دول، أنه في تونس فقط تبين الأغلبية أن التمييز العنصري والتمييز ضد السود يمثل مشكلة، في حين تنخفض النسب بباقي الدول التي شملها التقرير إلى أقل من (50%)".
ويُرجع المركز، وهو شبكة بحثية مستقلة، وعي التونسيين بخصوص المسألة، إلى "أدوار المجتمع المدني الذي يقوم بحملات تحسيسية مهمة ضد التمييز العنصري، وإلى كون تونس أول بلد عربي يقر قانوناً لتجريم التمييز العنصري".
وسجلت بمصر أقل نسبة من المواطنين الذين صرحوا، أن "التمييز العنصري والتمييز ضد السود، يمثل مشكلة حيث تراوحت النسب بين 6 و8 بالمئة، على الرغم من أن السكان السود في مصر، يواجهون تاريخا طويلا من القمع والتهميش، وهناك أدلة على انتهاكات حقوقية في مصر ضد السكان النوبيين والبدو والمهاجرين واللاجئين الأفارقة السود"، بحسب معدي التقرير.
ويعرّف البارومتر العربي، التمييز ضد السود، بأنه شكل من أشكال العنصرية المهيكلة والممنهجة ويمثل تحيزاً ضد الأفراد السود من أصول أفريقية، فيما يعرف "معاداة السود"، بصفته السلوكيات السلبية والعدائية تجاه السود أو الأفراد داكني البشرة.
وفي دول العراق والأردن والسودان ولبنان ليبيا والأراضي الفلسطينية، جاءت "نسبة المواطنين الذين اعتبروا التمييز العنصري مشكلة، أكبر من نسبة المواطنين الذين يعتبرون التمييز ضد الأفراد السود مشكلة".
ويبلغ هذا التناقض أقصاه في العراق، بحسب نتائج التقرير، "حيث بلغت نسبة المواطنين الذين أفادوا بمشكلة التمييز31%، أي أقل من نصف من أفادوا بأن التمييز العنصري مشكلة (67 %).
ويوضح التقرير أن "في العراق، ثمة تقديرات بوجود مليوني عراقي من ذوي البشرة السمراء، وأغلبهم يعيشون في البصرة".
ويلفت التقرير ذاته، إلى تعرض هؤلاء إلى "تاريخ طويل من التهميش والقمع"، كما يواجهون في الوقت الحالي جملة من التحديات ويبلغ، مثل ارتفاع معدلات الأمية والفقر المدقع والغياب شبه الكامل للتمثيل السياسي".
وتبرز المعطيات المتعلقة بالمغرب، بدورها وسط الاستطلاع، بالنظر لكون نسبة المواطنين الذين يقرون بوجود التمييز ضد السود (43 بالمئة) أعلى من نسبة من يرون أن التمييز العنصري يمثل مشكلة (37 بالمئة).
ويورد التقرير أن "الأفراد السود في المغرب، عانوا من تاريخ طويل من العنصرية، ويرجع هذا إلى ماضي استرقاق الأفارقة السود بالمغرب، بالإضافة إلى كون البلد المغاربي، نقطة عبور تجتذب مئات المهاجرين واللاجئين الذين يرغبون في الوصول إلى أوروبا".
ويظهر من نتائج التقرير، أنه "عندما يفكر المواطنون في دول المنطقة التي ضمها الاستطلاع في التمييز العنصري، فهم يميزونه عن ملف التمييز ضد السود".
ويعتبر معدو التقرير أن هذا التباين في الفهم، يمكن أن يفسر بالاختلاف اللغوي التأويلي، كما أن النتائج المتوصل إليها، يمكن أن تؤكد حسب المصدر ذاته، "فكرة اختلاف النظرة إلى العرق بشكل جذري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" مقارنة بالولايات المتحدة مثلا.
ويشير التقرير إلى أن "التباين الكبير في التصورات حول التمييز العنصري مقابل التمييز ضد السود، يمكن أن يكون أيضا بسبب ثقافة الصمت في المنطقة، أو رفض الخوض في مناقشات حول تاريخ العبودية والاسترقاق، أو الاستعداد للإقرار بمعاداة السود في الوقت الحاضر".
كما يمكن أن يفسر كذلك، بـ"غياب الوعي بالتاريخ المطول للاسترقاق في المنطقة، إضافة إلى حقيقة الحاضر، الذي تدخل فيه هذه النقاشات في خانة التابوات".