شفق نيوز/ في كل صيف، تتحول مناطق اقليم كوردستان العراق إلى وجهة سياحية رئيسية تجذب الآلاف من الزوار من داخل وخارج العراق، لتشكل رافداً أساسياً للاقتصاد في الإقليم وتخلق فرص عمل لآلاف الشباب.
وبفضل جمال الطبيعة الخلابة، والمناخ المعتدل، والتنوع الثقافي، أصبحت كوردستان واحدة من أكثر المناطق التي تشهد إقبالاً سياحياً في البلاد.
وتقول الناشطة انتصار صالح لوكالة شفق نيوز، إن "السياحة الصيفية في كوردستان ليست فقط وسيلة للاستجمام والاستمتاع بجمال الطبيعة، بل هي أيضًا مصدر رئيسي لدعم الاقتصاد المحلي، فالمناطق السياحية مثل: شقلاوة، أربيل، السليمانية، ودهوك، تزخر بالمنتجعات والفنادق التي توفر تجربة مميزة للزوار، بالإضافة إلى ذلك، تنشط العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية في فصل الصيف، ما يزيد من جاذبية المنطقة للسياح".
وتوضّح صالح أن "عائدات السياحة الصيفية في كوردستان تُقدر بملايين الدولارات سنويًا، ما يسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المحلي، وتأتي هذه الإيرادات من الإقامة في الفنادق، التسوق، وتناول الطعام في المطاعم المحلية، وتنظيم الجولات السياحية".
وتضيف أنه "من جانب آخر، تساهم السياحة الصيفية في تعزيز التفاهم الثقافي بين الزوار والسكان المحليين، حيث يتعرف السياح على تراث وثقافة كوردستان من خلال الحرف اليدوية، والمأكولات التقليدية، والمهرجانات الشعبية، وكل هذا يعزز الصورة الإيجابية للمنطقة كوجهة آمنة ومستقرة".
وتؤكد صالح انه "مع تزايد أهمية السياحة الصيفية في كوردستان، بات من الضروري الاستمرار في تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للزوار، فهذا القطاع الحيوي يسهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة".
فرص العمل
ويبين كاك كامران وهو يعمل في أحد الفنادق في السليمانية لوكالة شفق نيوز، أن "السياحة الصيفية تخلق فرص عمل موسمية ودائمة لسكان المنطقة، سواء في قطاع الضيافة (فنادق، مطاعم)، أو في قطاع الخدمات (مرشدين سياحيين، سائقي النقل)، أو في قطاع الحرف اليدوية والمحال التجارية، فهي أصبحت البديل الرئيس لآلاف الشباب وأصحاب العوائل من العمل الحكومي، كما وانها تسد الفراغ الذي تسببت به أزمة الرواتب المستمرة حيث أن بعض الموظفين كذلك يكون لديهم أعمال خاصة وإضافية متعلقة بالسياحة كأن يكون لديه سيارة أجرة أو محل لبيع المنتجات المحلية أو يعمل في فندق او مطعم او مقهى.
جمال الطبيعة
ويؤكد يوسف أحمد الدليل السياحي لوكالة شفق نيوز أن كوردستان تتميز بتضاريسها المتنوعة، من الجبال الشاهقة إلى الوديان الخضراء، و يُعتبر جبل ازمر وجبل سوران من أبرز المعالم التي تجذب السياح، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالمشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات الجبلية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الأنهار والشلالات مثل شلالات "احمد آوه" تعد أماكن رائعة للتنزه والاسترخاء.
الثقافة والتاريخ
ويضيف أحمد أن السياحة في كوردستان لا تقتصر على المناظر الطبيعية فقط، بل تضم أيضاً تنوعاً ثقافياً وتاريخياً غنياً، يمكن للزوار زيارة المواقع الأثرية مثل قلعة "شيروانه" جنوب السليمانية وقلعة أربيل وغيرهما، التي تُعتبر من أقدم القلاع المأهولة في العالم، كما تُعقد في المدن الكبرى مثل السليمانية ودهوك العديد من الفعاليات الثقافية والمهرجانات الصيفية التي تعرض الفنون التقليدية والموسيقى.
الأنشطة الترفيهية
ويشير يوسف أحمد الى ان كوردستان تتيح للزوار فرصة الاستمتاع بأنشطة ترفيهية متعددة، مثل التخييم، وصيد السمك، والتنزه في الطبيعية، كما توجد العديد من المقاهي والمطاعم التي تقدم الأطباق المحلية الشهية، مما يجعل تجربة السياحة في كوردستان تجربة متكاملة.
زيادة حجم الاستثمار في قطاع السياحة
ونتيجة للزيادة المستمرة في أعداد السياح، فإن هناك زيادة ملحوظة في الاستثمارات المحلية والأجنبية في مشاريع البنية التحتية السياحية، مثل بناء منتجعات جديدة، تحسين الطرق، وتطوير أماكن الجذب السياحي.
ويقول إبراهيم عبد المجيد المتحدث الرسمي باسم هيئة السياحة في إقليم كوردستان لوكالة شفق نيوز، إن "الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كردستان أولت قطاع السياحة اهتماما بالغا لما لهذا القطاع من تأثير إيجابي على حركة السوق وتوفير فرص عمل للمواطنين المحليين وجعلت الاستثمار في هذا القطاع من الواجبات الرئيسية لها". وأوضح أن "حجم الاستثمار لقطاع السياحة بلغ خلال السنوات الأربع الماضية أكثر من 7.5 مليارات دولار، ويعد الاستثمار في قطاع السياحة هو الأول بين القطاعات الاستثمارية في كوردستان".
الحفاظ على البيئة
ويقول الناشط البيئي انور محمد لوكالة شفق نيوز، إن "كوردستان تشتهر بمناظرها الطبيعية الخلابة التي تشمل الجبال، الأنهار، والشلالات و تزايد الوعي البيئي بين السكان والسياح أدى إلى جهود مكثفة للحفاظ على هذه الموارد الطبيعية، بعض المشاريع تهدف إلى تطوير السياحة البيئية التي تشجع على السياحة المستدامة والحفاظ على الطبيعة".
ويضيف أنور أن "العديد من المناطق السياحية في السليمانية تبنت سياسات صارمة لإدارة النفايات، يتم تشجيع السياح على استخدام سلال المهملات المخصصة وإعادة التدوير، هذه المبادرات ساهمت في تقليل التلوث والحفاظ على نظافة المناطق الطبيعية، و نتيجة لتزايد الاهتمام بالسياحة، تم إنشاء العديد من المحميات الطبيعية في كوردستان، هذه المحميات تهدف إلى حماية الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض، وتوفر بيئة طبيعية مستدامة يمكن للسياح استكشافها والاستمتاع بها خلال زيارتهم لها ففي مجمع جافي لاند السياحي في السليمانية توجد العشرات من المحميات التي يستمتع فيها زوار السليمانية.
ويؤكد ان بعض المشاريع السياحية في كوردستان عموما وفي السليمانية على وجهة الخصوص بدأت باستخدام الطاقة الشمسية كمصادر طاقة بديلة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهذا التوجه يعزز من حماية البيئة ويقلل من انبعاثات الكربون.
كما ويشير إلى أن السياحة في كوردستان لم تقتصر على الاستمتاع بالمناظر الطبيعية فقط، بل أصبحت أيضًا فرصة للتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة يتم تنظيم حملات توعوية سريعة للسياح من قبل الفرق السياحية التابعة لمديرة سياحة السليمانية في بداية دخولهم للمحافظة وكذلك توزيع البوسترات والمطبوعات التوعوية حول أهمية الاستدامة البيئية وكيفية تقليل أثرهم البيئي أثناء زيارتهم للمنطقة. ويختتم انور حديثه بأن السياحة في السليمانية خصوصا وكوردستان عموما أنها ليست مجرد نشاط اقتصادي بل يمكن أن تكون أداة فعالة لتحسين البيئة والمحافظة عليها، من خلال تبني ممارسات سياحية مستدامة".
ويتابع "أصبحت السليمانية وباقي مدن كوردستان نموذجًا في كيفية تحقيق التوازن بين تطوير القطاع السياحي وحماية البيئة، ومع استمرار هذه الجهود، يمكن للسياحة أن تكون محفزًا لمزيد من التحسينات البيئية في المستقبل ليس فقط في كوردستان بل في جميع مناطق العراق من خلال نقل التجارب البيئية إلى باقي المناطق العراقية".
خطط مستمرة لتطوير قطاع السياحة
ويؤكد ابراهيم عبد المجيد المتحدث الرسمي باسم هيئة السياحة في إقليم كوردستان في حديثه لمراسل وكالة شفق نيوز أن للهيئة خططا طويلة وقصيرة ومتوسطة لتطوير قطاع السياحة في كوردستان من خلال توسيع الأماكن السياحية الترفيهية حيث يوجد الآن أكثر من 3100 موقع سياحي واثري وترفيهي في كوردستان تشمل المواقع السياحية و الاثرية و التراثية والفنادق والمطاعم والمراكز الترفيهية.
وأكد أن الهيئة ومن خلال خططها عازمة على زيادة هذه الأعداد من خلال منح فرص استثمارية أكبر في هذا القطاع الحيوي كما توجد خطط مستمرة للهيئة خاصة بتطوير نوعية الخدمات التي تقدم للسياح القاصدين الإقليم بهدف جذب أكبر عدد منهم الى كوردستان وهذا واضح من خلال زيادة أعداد السياح سنويا، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل الآن على اعتماد نظام محاسبي دقيق لأعداد السياح والوافدين لكوردستان وهذا النظام سيقوم بتحديد أجناس السياح وفئاتهم العمرية وتفاصيل أخرى.