شفق نيوز/ رغم عدم إمكانية تقييم أي حكومة في العالم بعد مضي عام واحد فقط من عمرها، إلا أن ثمة منجزات وجدت على أرض الواقع في العراق خلال العام 2023، ولعل أبرزها بعض الخدمات الأساسية المفتقدة منذ العام 2003، هذا التقدم الذي حققته حكومة محمد شياع السوداني، كان مليئاً بالمعرقلات والمنغصات على الصعيدين الاقتصادي والأمني.

وجاءت ولادة حكومة السوداني في تشرين الأول 2022، نتاج ائتلاف إدارة الدولة وبعد مخاض عسير، بحسب المحلل السياسي، صباح العكيلي، مضيفاً، أن "هذه الحكومة تمتاز بدعم سياسي وشعبي، وتختلف عن الحكومات السابقة بتبنيها الخدمات في جلّ المنهاج الحكومي، وصنف السوداني حكومته بأنها (حكومة خدمات) وتبنى مشروعاً وطنياً لتقديم الخدمات بأنواعها المختلفة".

منجزات السوداني

وقال العكيلي حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "السوداني وجد عبئاً ثقيلاً يعود للسنوات الماضية، لذلك عمل على رصد المبالغ اللازمة لإكمال المشاريع المتلكئة التي نسبتها 70 بالمائة وأكثر، وتم إنجاز الكثير منها".

وعن الجانب الاستثماري، بيّن أن "هناك مشروعين كبيرين، مشروع الفاو الكبير الذي كان ضمن اهتمامات السوداني وكان يشرف عليه بشكل مباشر لإكمال هذا المشروع الواعد الذي سينعكس إيجاباً على الاقتصاد العراقي، بالإضافة إلى إنشاء خط التنمية الكبير، وهذا المشروع الواعد أيضاً هو جزء من منجزات السوداني".

وأكمل: "ولعل حكومة السوداني من أفضل الحكومات الماضية أداءً قياساً بالمدة التي تسلّم فيها، وهذا الأمر يلاحظ من خلال المشاريع الكثيرة لفك الاختناقات في بغداد، حيث هناك 16 مشروعاً، وهذا لم يسبق لأي حكومة منذ العام 2003".

 

وزاد العكيلي، بالقول: "أما على جانب الرقابة، فإن السوداني تجاوز الكثير من المراحل التي عجزت عنها الحكومات السابقة في قضية محاربة الفساد، وكانت له صولات وجولات على الفساد ووصف الفساد بـ(الجائحة)، وتم تقديم المتورطين بالكثير من ملفات الفساد إلى القضاء".

وفيما يتعلق بالإصلاح الإداري، أوضح أن "السوداني شكّل لجاناً لتقييم إدارات المديرين العامين، وكان هناك عملية تغيير في إصلاح النظام الإداري، وهذا انعكس إيجاباً على مستوى أداء المؤسسات الحكومية".

وبيّن، أن "السوداني يختلف عن الحكومات السابقة في تقديم مسودّة الموازنة الاتحادية لثلاث سنوات، وعادة الحكومات الماضية كانت تواجه تحدياً كبيراً في تأخير إقرار الموازنة، وهذا يؤثر على البرنامج الحكومي للحكومات السابقة، لذلك هذا المنجز يحسب له".

والمنجز الآخر للسوداني، بحسب العكيلي، هو "نجاح الحكومة في إقامة انتخابات المجالس المحلية، وكان هذا الإنجاز على مستوى أداء مفوضية الانتخابات وبسط الأمن خلال ممارسة العرس الانتخابي، وهذا ما كان وعد به السوداني".

وأشار إلى أن "الحكومة وعدت بأن يكون العام 2024 هو عام الإعمار والبناء وإعطاء جانب من صلاحية المحافظات في تطبيق المادة 21 من قانون مجالس المحافظات".

 

منغصات

واجهت حكومة السوداني منذ تسلمها السلطة جملة تحديات، بعضها على الصعيد الاقتصادي والأمني ومكافحة الفساد، لكن ارتفاع أسعار النفط ساهمت في تخفيف من حدة هذه المواجهة، ودفعت السوداني إلى معالجة الكثير من القضايا، خاصة أنه تبنى نهجاً خدمياً من الطراز الأول، و بالدرجة الأولى، وفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي.

ورأى الفيلي خلال حديثه للوكالة أن "النهج الخدمي الذي تبناه السوداني جعله يعالج الكثير من المفاصل، حيث وكما هو معلوم أن البعد الخدمي هو المحرك الأول لإرساء دعائم أي حكومة تريد الاستقرار"، مردفاً بالقول: "كذلك نجح السوداني في قضية التوظيف، من خلال خلق وظائف كثيرة، وإن كان البعض يجدها ترهق الميزانية من الناحية العملية، لكن السوداني رأى أن صرف هذه الأموال للمواطنين أولى من سرقتها من قبل الفاسدين المتنفذين".

وأضاف أن "حكومة السوداني نجحت في معالجة الكثير من المشاكل بين المركز والإقليم، حيث نجح في دفع رواتب الموظفين بالرغم من كل الضغوط التي كانت تمارس من بعض الأطراف التي كانت لا تؤمن بالفيدرالية وبحقوق موظفي الإقليم، بل أن بعضهم كان حتى في اللحظات الأخيرة يتهجم على السوداني متهماً إياه بالتفرد بقرار تسديد رواتب موظفي الإقليم، لكن السوداني امتاز بانعدام التصعيد مع القوى السياسية في هذا الجانب".

وتابع الفيلي: "كذلك نجح السوداني في تجسير العلاقة مع عدد من الدول العربية والمحيط الإقليمي التي كانت ترى أن العراق يمثّل لها واحداً من أهم مرتكزات القوى في المنطقة الإقليمية".

وأشار إلى أن "حضور السوداني هذا ومعالجته لبعض المشاكل، تسببت بظهور جملة من المنغصات، حيث ان بعض الجهات كانت ترى أن ما ذهب إليه السوداني لا يمثل جزءاً من الاتفاق السياسي، وإنه كان حاداً في مسألة حمل السلاح، واتهامه بعض الجهات التي قصفت مطار أربيل وقاعدة عين الأسد ومناطق حكومية بأنهم خارجون عن القانون".

وأكد الفيلي، في ختام حديثه، أنه "كانت هناك في هذا العام مشاكل جمّة، لكن لا يمكن تقييم عمل أي حكومة خلال عام واحد فقط، وعموماً نجح السوداني في خلق هدوء واستقرار نسبي، وهذا كله لم يكن له النجاح ما لم يكن هناك شكل من أشكال التعاضد ما بين هذه الأطراف المشكّلة للحكومة، في وقت هناك أطراف ما تزال تؤمن بعملية إقطاعية الدولة".

 

تركة مشاريع معطلة

من جهته، رأى مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية، عباس الجبوري، أن "الإنجازات التي تحققت خلال هذه الفترة بالرغم من قلتها كانت إنجازات جيدة، خاصة في ظل تركة كبيرة من المشاريع المعطلة التي تتجاوز 50 ألف مشروع متنوعة ما بين الطرق والجسور والمباني السكنية، وكذلك في مجال الزراعة والصناعة، وانصب الجهد الاستثنائي على الخدمات التي لها مساس في حياة الناس".

وعلى المستوى الدولي، أوضح الجبوري خلال حديثه للوكالة، أن "حكومة السوداني نجحت دولياً من خلال علاقاتها الطيبة مع دول الخليج والعربية والأجنبية، وتمكنت من إقامة بطولة خليجي 25 في البصرة".

أما الاقتصادية، فقد كانت ضمن الإنجازات، وفق الجبوري، "خفض الدولار إلى 1320 (السعر الرسمي)، وزيادة رواتب المتقاعدين، وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي، وتثبيت أصحاب قانون 315 على الملاك الدائم، لكن كانت هناك تراكمات سابقة أثرت سلباً على الوضع الاقتصادي، لذلك ما تحقق كان من القاعدة الصفرية".

دعم الأقليات

وأصدرت حكومة السوداني العديد من القرارات والتوجيهات التي تدعم الأقليات، منها قرار مجلس الوزراء فيما يخص الحفاظ على الموظفين من المكوّن نفسه، وتعيين أبناء المكوّن نفسه عن الشاغر في حركة الملاك في جميع مؤسسات الدولة، بحسب مستشار رئيس الوزراء لشؤون الإيزيديين، خلف سنجار.

وأضاف سنجار، خلال حديثه للوكالة: "أيضاً قرار تمليك الأراضي ومساكن الإيزيديين في سنجار بعد نحو 50 عاماً من حرمانهم، كما كانت هناك العديد من القرارات ذات الدلالة المعنوية بمناسبة أعياد الإيزيديين والمسيحيين والصابئة المندائيين"، مؤكداً أن "الحكومة تعمل وفق البرنامج الحكومي على تطبيق اتفاق سنجار وعودة النازحين وتعويض المتضررين من العمليات الإرهابية".