شفق
نيوزـ بغداد
وصفت
لجنة الزراعة والأهوار والمياه النيابية، يوم الأحد، تعامل رئيس الحكومة العراقية
في التعامل مع أزمة المياه بـ"الكسول"، مؤكداً أن بغداد أوفت بجميع
التزاماتها مع تركيا بغية زيادة الحصة المائية، فيما طالبت رئيس الحكومة بالاهتمام
بملف المياه بقدر "اهتمامه بالانتخابات".
وقال
عضو اللجنة ثائر مخيف، لوكالة شفق نيوز، إن "هناك تكاسل من رأس هرم الحكومة بخصوص
ملف المياه، لاسيما أن العراق التزم بكل اتفاقاته مع تركيا من تفعيل خط جيهان التركي
إلى رفع سقف التبادل التجاري ومنح الشركات التركية مشاريع استثمارية مختلفة في البلاد،
بالإضافة إلى الكثير من التسهيلات، لكن أنقرة حتى الآن لم تبدي تفاعلاً أو تفي بالتزاماتها
المائية مع العراق والإطلاقات ما زالت شحيحة جداً".
وحذر
من أن "تفاقم أزمة المياه ينعكس سلباً على الواقعين البيئي والزراعي كما أن استمرار
الأزمة سيؤدي إلى قتل الشعب العراقي".
وأضاف
"يفترض بذل جهود واهتمام أكبر يوازي الاهتمام بالانتخابات ومتعلقاتها الكثيرة،
علماً أن مستوى الإطلاقات المائية شحيحة جداً جداً الموضوع يستحق معالجات سريعة".
وكان
مدير زراعة ميسان، ماجد الساعدي، قد حذر في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، من تداعيات
خطيرة يواجهها القطاع الزراعي في المحافظة، في ظل توقف الخطط الزراعية وجفاف مساحات
شاسعة من الأهوار، ما انعكس بشكل مباشر على معيشة آلاف الفلاحين ومربي الجاموس.
وقال
الساعدي لوكالة شفق نيوز إن "ميسان تُعد محافظة زراعية بامتياز، إذ يشكل العاملون
في قطاع الزراعة من فلاحين ومزارعين ومهنيين أكثر من 60% من سكان المحافظة".
وأشار
إلى أن "الخطة الصيفية للزراعة توقفت بالكامل، كما لم تُقر حتى الآن الخطة الشتوية،
في ظل جفاف غير مسبوق ضرب الأهوار بنسبة تجاوزت 90%".
كما
تطرّق مدير زراعة ميسان إلى تداعيات جفاف الأهوار، مبيناً أن "مناطق الأهوار التي
تعتمد بشكل رئيسي على تربية الجاموس تعاني من هجرة سكانها وبيع حيواناتهم بأسعار زهيدة،
نتيجة انحسار المياه، حيث إن الجاموس لا يمكنه العيش في بيئة جافة، ومع غياب المياه
تقلصت إمكانات التربية بشكل كبير".
وخلص
إلى القول: "إذا استمر توقف الزراعة بنحو تام، سواء في الخطة الصيفية أو الشتوية،
فإن آلاف العوائل في ميسان ستكون معرضة لتدهور اقتصادي واجتماعي كبير، في ظل اعتمادها
الكامل على الزراعة كمصدر وحيد للعيش".
بدوره،
أكد النائب السابق جمال البطيخ لوكالة شفق نيوز، أنه "من المفترض تكثيف الجهود
الدبلوماسية والفنية لمعالجة ملف المياه كونه على تماس مباشر مع المواطن".
وشدد:
"أعتقد أن الموضوع سياسي بامتياز، والغريب أن لا أحد من المعنيين (رئاسة الجمهورية،
رئاسة الوزراء، رئاسة البرلمان، وبعض المعنيين) تصدى لملف المياه وحلحلته رغم أن نهر
دجلة يضربه الجفاف وهو يتوسط العاصمة بغداد التي يسكنها أغلب المسؤولين".
وأشار
البطيخ إلى أنه "يفترض استخدام أوراق ضغط مثل التبادل التجاري والذهاب لمجلس الأمن
الدولي أو الاتحاد الأوربي لتقديم شكوى إزاء قطع حصة العراق المائية".
ويعدّ
العراق من بين أكثر خمس دول عرضة للتغيرات المناخية في العالم، وفقاً لتقارير الأمم
المتحدة، فيما حذّر البنك الدولي في نهاية عام 2022 من أن البلاد تواجه تحدياً مناخياً
طارئاً، داعياً إلى تبني نموذج تنموي "أكثر اخضراراً" وأقل اعتماداً على
الكربون.
وفي
مطلع عام 2025، أعلن المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان أن العراق فقد نحو 30% من أراضيه
الزراعية المنتجة خلال العقود الثلاثة الماضية نتيجة التغيرات المناخية، وهو ما يشكّل
تهديداً للأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
وتفاقمت
أزمة المياه في العراق خلال السنوات الأربع الماضية، حيث سجلت مناسيب نهري دجلة والفرات
انخفاضاً غير مسبوق، فيما أكدت الهيئة العامة للسدود والخزانات في وزارة الموارد المائية
أن "الواردات المائية تراجعت بشكل كبير بسبب شح الأمطار والثلوج في مناطق المنبع".
إلى
ذلك، قال مصدر سياسي لوكالة شفق نيوز، إن "ملف المياه لن يحل إلا بعد إعلان نتائج
الانتخابات وبيان ملامح الحكومة الجديدة وبالتالي المسألة رهن بالفواعل السياسية التي
تحضى بدعم تركي".
وأظهرت
صور عامة متداولة، يوم الخميس الماضي، تفاقم أزمة الجفاف في نهري دجلة والفرات، لاسيما
في المناطق القريبة من محطة السحب الخاصة بمشروع ماء عنه غربي البلاد، حيث بدا تراجع
منسوب المياه واضحاً، وانكشفت مساحات واسعة من قاع النهر.
وبيّنت
الصور تكون جزر طينية وجفاف بعض المجاري الفرعية، إلى جانب تراكم النفايات في عدد من
المناطق داخل المدن، ما يعكس بوضوح حدة أزمة المياه التي يعيشها العراق نتيجة الانخفاض
المستمر في الإيرادات المائية من تركيا، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات
الأمطار.
وفي
السياق ذاته، وثقت عدسة وكالة شفق نيوز في مقاطع فيديوية انحساراً حاداً لمياه نهر
دجلة، حتى بات بالإمكان قطع بعض أجزائه سيراً على الأقدام، في مشهد غير مسبوق يعكس
حجم الكارثة البيئية التي تواجهها البلاد.
إلى
ذلك، قال رئيس مؤسسة "جلجاموس" للآثار والأهوار علي جاسم المسافري، لوكالة
شفق نيوز، إن "أهالي بغداد لاحظوا انخفاضاً كبيراً في منسوب نهر دجلة، وظهور جزر
وسطية يمكن اجتيازها سيراً على الأقدام، نتيجة توقف الإطلاقات المائية من سد الموصل".
وأوضح،
أن "الوضع الطبيعي للإطلاقات يجب أن لا يقل عن 350 متراً مكعباً في الثانية، بينما
تصل حالياً إلى 210 أمتار مكعبة في الثانية، بسبب الواردات المحدودة من تركيا البالغة
130 متراً مكعباً في الثانية"، مضيفاً أن "استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى استنزاف
المخزون الإستراتيجي للمياه".
كما
وحذر المسافري من "احتمال جفاف سد الموصل بنهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل"،
معتبراً سقوط الأمطار هو "الأمل الوحيد لتحفيز تركيا على زيادة الإطلاقات".
وتعرض
العراق إلى أربعة مواسم جفاف خلال الأعوام (2017، 2021، 2023، 2025)، وكان الجفاف الأخير
هو "الأقسى منذ نحو 80 عاماً"، بحسب الخبير البيئي أحمد صالح.