شفق نيوز/ تحيط مأساة بحياة طيور الفلامينغو المهاجرة الى أهوار العراق الجنوبية خلال شهور الشتاء، حيث ينتظرها الصياديون للإمساك بها أما من اجل لحومها او من اجل بيعها الى الراغبين بتزيين بيوتهم وحدائقهم، بما في ذلك الأثرياء في دول خليجية.
وفي سوق في العمارة في محافظة ميسان، يجلس مصطفى أحمد علي في متجره الصغير الذي يعمل به منذ 30 سنة، حيث تتصاعد أصوات الطيور المختلفة الأنواع، وهو يمهمس "اذا كنت تبحث عن الفلامينغو، تعال بعد الساعة الواحدة ظهرا".
ويعتبر صيد الطيور تجارة مربحة في ميسان الواقعة في الاهوار المصنفة وفق اليونسكو كموقع تراثي، وبين الحدود مع إيران، ما يضعها في صدارة المناطق التي تزدهر فيها تجارة صيد الطيور وتهريبها. وتعاني المنطقة من الفقر، ولهذا تعتبر هذه التجارة غير المشروعة، شريان حياة للعديد من العائلات.
وفي منزله الحجري في احد ضواحي العمارة، يقر مصطفى أحمد بأنه يبيع العديد من أنواع الطيور، وفي الغالب لاثرياء عراقيين او أجانب من دول الخليج، ويقول "انهم يسافرون كل هذه المسافة الى هنا من دول كالكويت والسعودية وحتى قطر".
يفتح مصطفى أحمد بوابة قفص كبير على سطح منزله ممتلئ بطيور الفلامينغو وهو يقول "الناس تريدهم من اجل تزيين حدائقهم، او وضعهم في حدائق خاصة لحيواناتهم. انا من أزود العديد من المشترين العراقيين".
ويقر مصطفى أحمد بأن العديد من طيور الفلامينغو تنفق في القفص خاصة خلال ايام الصيف الحارة، مشيرا الى انه يبيع ما بين واحد وعشرة من هذه الطيور كل شهر خلال الشتاء، وهو موسم الذروة. واضاف "يشترونها ميتة او حية، لان الناس تأكل لحمها ايضا".
وفي تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية ترجمته وكالة شفق نيوز، فخلال شهور الشتاء ما بين أكتوبر وفبراير، تهاجر الطيور الى اهوار المناطق الجنوبية حيث تكون درجات الحرارة أكثر دفئا وهناك وفرة من مواردها الغذائية. والتي يتم اصطيادها تباع بما بين 30 و40 الف دينار.
وبينما كان يمسك طائر فلامينغو بحدة تحت ذراعه، يقول مصطفى احمد ان الشرطة لا تشكل تهديدا لعمله التجاري برغم وجود قانون محلي يحظر اصطياد الفلامينغو، ومع ذلك فانه يظل حذرا موضحا "انا لا اجلب الطير الى متجري. لا حاجة لذلك، فالناس تعرف أين تجدني، واذا كانوا يريدون احد الطيور، التقي بهم في المنزل او بامكاني توصيل الطير اليهم مباشرة".
واستنادا الى سمير عبود، رئيس دائرة البيئة في ميسان، فلا وجود لتشريع قانوني محدد لحماية طيور الفلامينغو، لكن العديد من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق، تحمي الطيور المهاجرة او تحظر اصطيادها في الاهوار. الا ان سلطة هذه الاتفاقيات تظل محدودة.
ويوضح عبود انه "باعتبار ان مناطق الصيد تقع على الحدود بين العراق وايران، فانها تقع تحت سلطة قوات حرس الحدود، ما يجعل الامر صعبا لشرطة دائرتنا للسيطرة على المنطقة او القيام بعمليات اعتقال".
ومع ذلك، فان هناك حظراً من جانب حكومة المحافظة لبيع الفلامينغو في الأسواق، وهو قرار صدر بعد حملة مدنية قادها أحمد صالح المعروف باسم الدكتور حمودي، وهو ناشط بيئي معروف في العمارة.
وبرغم ظروف الحياة غير المستقرة في المحافظة، فان العديد من الناس في ميسان يتعاملون بحساسية إزاء القضايا الايكولوجية. وكنتيجة لذلك، فان تجار الطيور مضطرون للتصرف بشكل اكثر تكتما من قبل.
وعندما يضع المشترون طيور الفلامينغو في حدائقهم الخاصة، فإن بعض الطيور يتم قص جزء من ريشها حتى لا تطير هاربة. لكن ابو علي حسين الذي اشترى 3 طيور منها قبل سبعة اعوام، يقول انه لم يقص ريشها ابدا ومع ذلك فإنها لم تغادر، معربا عن اعتقادها انها صارت طيورا متآلفة مع مكان عيشها.
اما بالنسبة الى مصطفى احمد، بائع الطيور الذي يشتريها من صياد في منطقة الاهوار بالقرب من الحدود الايرانية، فانه يرفض اصطحاب الصحافيين الى هناك قائلا "الغرباء لا يسمح لهم بالدخول الى منطقة الصيادين".
ويقول الدكتور حمودي الذي يعرف هذه المنطقة بشكل جيد، ان الالاف من الطيور يتم اصطيادها كل عام في هذه المنطقة، ولهذا فإنني اعطي الشرطة البيئية معلومات لمساعدتها في عملياتها. ويشير ايضا الى ان احيانا يشتري الطيور من السوق السوداء، ثم يطلقها مجددا مشيرا الى انه حرر 17 طائر فلامينغو حتى الان وغيرها من الحيوانات من ايدي الصيادين.
ويشير الدكتور حمودي الى انه يتعرض الى تهديدات بالقتل من جانب الصيادين الذين يمنعونه من مراقبتهم ويحذرونه من العودة الى مناطقهم.