شفق نيوز/ إن كنت مواطناً عراقياً من سكنة مجمع بسماية في العاصمة بغداد، أو من الذين قدموا للحصول على سكن فيه عبر مصرف الرافدين الحكومي فرع المستنصر، سيما العام 2020، أو من الذين استلموا قرضاً مالياً، فستصدم عند مراجعتك ذلك الفرع، بذهاب اموالك خارج نطاق المصرف.
وتبدو الصدمة واضحة على وجوه عشرات المواطنين لدى مراجعتهم فرع المستنصر، وذلك بعد معرفة أن ماسددوه من اقساط وما دفعوه من مقدمة مالية تبلغ قيمتها ملايين الدنانير، غير موجودة ضمن نظام "السيستم" المتبع في المصرف.
النزاهة تعلنها..
في يوم 20 آب 2022 أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية في بيان صدر عنها أن موظفين قد اختلسوا 14 مليار دينار في مصرف حكومي (الرافدين - فرع المستنصر )، من ضمنها قروض مجمع بسماية السكني، وبينت الهيئة حينها أن "القضية امام قاضي محكمة تحقيق الرصافة المُختصَّة بقضايا النزاهة وغسل الأموال والجريمة الاقتصاديَّة، الذي قرَّر توقيفهم وفق أحكام المادة (316) من قانون العقوبات".
الصدمة..
يقول المواطن "المقترض"، (م. هـ)، لوكالة شفق نيوز، إنه "صدم" حين مراجعته لفرع المصرف لغرض التسديد الشهري، بأنه "مطلوب ثلاثة أقساط، غير مسجلة في سيستم الفرع وفق ما أبلغه موظف الحاسبة"، مبينا أن "ادارة المصرف لم تطلب منه مراجعة أو تسديد ذلك الطلب، إلا أنه بادر بطلب كشف حساب بعد سماعه ببيان هيئة النزاهة".
ويضيف أنه "لدى تقديمي جميع الوصولات التي تثبت تسديد كل ما بذمتي من أقساط، طلبت مني ادارة المصرف رفع تظلم للمطالبة بحقي، ووعدت بمقارنة تلك الوصولات مع مالدى الفرع من وثائق"، مبديا في ذات الوقت استغرابه برفع مايسمى بـ"التظلم"، وقد سرق منه هذه الاموال التي يتسائل عن مصيرها.
الضحايا يتوسلون بـ "التظلم"
فيما يقول المواطن (ح. ج.) لوكالة شفق نيوز، مكررا ذات الوصف للحدث بأنه "صدم لدى مراجعة المصرف بأنه مطلوب اقساط 8 أشهر"، متسائلا "أين نشتكي وأين نذهب وأموالنا تبخرت في مصرف حكومي يتبع للدولة!!".
وبين أيضاً، أنه قدم مايسمى بـ"التظلم"، مضيفا باستغراب "لا اعرف كيف اختاروا هذه الكلمة، فهي غير لائقة، حيث سرقت اموالنا ونطلب منهم تظلماً، وكأننا نتسول!!".
هذا والتقت وكالة شفق نيوز، بعشرات المواطنين الذين تحدثوا بالوصف نفسه، حاملين ذات المشكلة وبينوا ذات الموقف الصادم، متسائلين عن مصير أموالهم، التي تجاوزت لدى البعض منهم نحو 15 مليون دينار عراقي.
تنويه الى سكان بسماية..
المواطن اسامة اسعد، وهو ضابط لدى وزارة الدفاع العراقية، نشر بدوره عبر موقع فيسبوك تنويها إلى الساكنين في مجمع بسماية، دعا فيه المقترضين عبر فرع المستنصر، إلى "عمل كشف حساب بالتسديد وتقديم وصولاتهم"، وذلك بعد خوضه ذات التجربة.
وبين أن الكثير من وصولات التسديد، لم تدخل سيستم حاسبة الفرع، سيما من دفع مبلغ أموال تلك التسديدات لدى موظف يدعى (حسن) والذي سافر خارج العراق حاليا، وفق ماذكره وايده معلقون على المنشور.
وتابع قائلا أنه "التقى خلال المراجعة عدة مواطنين يشكون الامر، بينهم شابان لديهما اقساط 8 اشهر "ضائعة"، وثالث متقاعد قد ضاعت من "السيستم" أموالا سددها عن "قرض مالي".
بعد هروب المختلسين.. تعيين مديرة وكادر جديد
من جانبه ذكر مصدر مسؤول في وزارة المالية لوكالة شفق نيوز، إن تلك الأموال قد ذهبت نتيجة عملية تلاعب كبيرة بوصولات التسديد للاقساط سواء ضمن بسماية أو أقساط السلف والقروض، مشيرا الى اكتشاف الموضوع من قبل هيئة النزاهة في الثامن من آب 2022.
وبين، أن هيئة النزاهة مازالت تجري تحقيقاتها في الموضوع، مشيرا الى تغيير مديرة فرع المصرف السابقة وتعيين بديلة عنها، فضلا عن تغيير عدد كبير من كادره، بالإضافة إلى القبض على عدد من الموظفين المشتبه بتورطهم في العملية، وهروب آخرين الى خارج العراق بينهم الموظف المسؤول عن ملف بسماية.
وبين أن حجم الاختلاس قد بلغ نحو 14 مليار دينار عراقي، لافتا الى أن إدارة مجلس مصرف الرافدين تعمل بعد تسلم الشكاوى من المواطنين على استصدار قرار يكون لصالح المواطن المقترض في حال ثبت صحة الوصولات التي قدمها.
أرقام فلكية ..
مصدر حكومي مسؤول، كشف لوكالة شفق نيوز، أن عدد المواطنين المتضررين من عملية الاختلاس هذه بلغ نحو 500 مواطن مقترض، لافتا إلى أن من بينهم نحو 228 معاملة لمواطن فقدت معاملات دفعهم مقدمة 10% من أقساط بسماية والتي تبلغ مابين العشرة ملايين والثلاثين مليون دينار للقسط الواحد، وفق نظام الدفع القديم للعام 2020.
ملاحقة "المختلسين" مستمرة
في السياق تحدث مصدر مسؤول في هيئة النزاهة الاتحادية، لوكالة شفق نيوز، عن هروب اغلب موظفي فرع المستنصر من المتورطين في قضية الاختلاس الى خارج البلاد، مؤكدا استمرار ملاحقتهم بالتنسيق مع الجهات المعنية.
امكانية مقاضاة المصرف..
وأوضح المسؤول في النزاهة، أن على إدارة مجلس مصرف الرافدين تعويض المواطنين المتضررين من عملية الاختلاس، سيما من يمتلك منهم وصولات تظهر تسديده لتلك الدفعات، مؤكداً أن المواطن لا ذنب له من تقصير المصرف.
وأشار المصدر في ذات الوقت إلى امكانية رفع دعوى قضائية في المحاكم المدنية من قبل المواطنين المتضررين ضد المصرف في حال رفض الأخير إطفاء ماظهر من نقوصات في تسديد الأقساط.
ولدى اتصال وكالة شفق نيوز، بعدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، سيما النواب عن لجنة النزاهة، رفضوا التحدث في الموضوع، وأشار بعضهم إلى عدم امتلاكه أي معلومة تخص هذا الملف.