شفق نيوز/ ألقت تداعيات التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بظلالها على أسعار الذهب في العراق، مما جعل استمرار التمسك بعادات وتقاليد الزواج خاصة عند أصحاب الدخل المحدود والمتوسط أمراً عسيراً، في ظل هذا الغلاء الذي بات يشكل عائقاً كبيراً أمام كل من يريد اتخاذ خطوة نحو الارتباط والزواج.

ووصل سعر مثقال الذهب عيار 21 من الذهب الخليجي والتركي والأوروبي، في أسواق الجملة بشارع النهر في العاصمة بغداد، اليوم السبت، إلى 570 ألف دينار، وسعر الشراء 566 ألف دينار، كما سجل سعر بيع المثقال الواحد عيار 21 من الذهب العراقي عند 540 ألف دينار، وبلغ سعر الشراء 536 ألف دينار.

وفيما يخص أسعار الذهب في محال الصاغة، فإن سعر بيع مثقال الذهب الخليجي عيار 21 تراوح بين 570 ألفاً و580 ألف دينار، بينما تراوح سعر بيع مثقال الذهب العراقي بين 540 ألفاً و550 ألف دينار.

أما أسعار الذهب في أربيل، فقد سجل عيار 24 سعر بيع 672 ألف دينار، وعيار 21 سعر بيع 588 ألف دينار، وعيار 18 سعر بيع 505 ألف دينار، وفقاً لما أفاد به مراسل وكالة شفق نيوز.

وتسبب ارتفاع سعر غرام الذهب في تباطؤ السوق حتى من قبل المقبلين على الزواج، ورغم تمسك أغلب العائلات العراقية بالذهب كمطلب رئيسي لإتمام الزواج، إلا إن ارتفاع أسعاره لأرقام قياسية غيرت من عاداتهم قليلاً، حيث بدأت بعض الأسر التقليل من الطلب على الذهب وابتعادهم عن التكلفة الباهظة.

وفي هذا السياق، قالت المواطنة أم أحمد من بغداد، التي تستعد لتزويج ابنتها، إن "أسعار الذهب لا تتوقف عن الصعود ما أثر أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، ورغم أن الذهب برزت قيمته بالزواج في عادات وتقاليد العراقيين، لكن بسبب غلاء الأسعار الحالي أصبح من الضروري الرفق والتيسير بشراء القليل منه او إيجاد بدائل أقل تكلفة".

وأكدت السيدة لوكالة شفق نيوز، أن "على الأسر العراقية مراعاة زيادة تكاليف الزواج خاصة في ظل أزمة الغلاء الحالية، وذلك من خلال عدم المغالاة في طلبات الزواج التي تفرضها التقاليد الاجتماعية، بل ينبغي زيادة الوعي وتقليل التكاليف وقيمة المهور والتخلي عن بعض المتطلبات التي تثقل كاهل العريس، وهو ما فعلته مع ابنتي بطلب خاتم وقرط وقلادة رفيعة فقط، وكانت بقيمة مليوني دينار".

ويرجع مختصون ارتفاع أسعار الذهب في الأيام السابقة ومن المتوقع "ارتفاعه أكثر" في الأيام المقبلة إلى التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار التي تشهده منطقة الشرق الأوسط، وفق الخبير الاقتصادي مصطفى فرج، الذي أشار إلى أن "قيمة الدينار العراقي ضعفت ما جعل الذهب أغلى عند شرائه بالعملة المحلية".

وأوضح فرج، خلال حديثه للوكالة، أن "الذهب سلعة آمنة يلجأ الجميع إليها للاستثمار، كما أن زيادة معدلات التضخم تدفع الناس إلى الاستثمار بالذهب للحفاظ على قيمة أموالهم، فضلاً عن مسألة العرض والطلب، حيث إن ارتفاع الطلب المحلي والعالمي على الذهب يؤدي إلى ارتفاع أسعاره".

وهو ما يحصل حالياً في العراق، وفق فرج، مردفاً: "هناك ارتفاع في الطلب على الذهب من قبل المواطنين والمتنفذين والتجار وبعض السياسيين الذين حُصرت أموالهم داخل العراق بعد التشديدات الأمريكية، لذلك لجأوا سابقاً إلى الاستثمارات العقارية، وحالياً اتجهوا إلى الذهب لتخزينه".

وزاد بالقول: "كما ينبغي الإشارة إلى أن هناك علاقة طردية غالباً بين أسعار النفط والذهب، فعندما ترتفع أسعار النفط ترتفع أسعار الذهب، والعكس صحيح، وهذا ما ظهر جلياً بارتفاع أسعار النفط بعد حرب لبنان وما رافقها من توترات إلى حدود 79 دولاراً للبرميل، لترتفع معها أسعار الذهب أيضاً".

واتفق مع ما طرحه فرج، الباحث في الشأن الاقتصادي، علي عبد الكاظم، الذي أوضح أن "في أوقات الأزمات سواء العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية يعمد المستثمرون إلى تنويع المحفظة الاستثمارية من عملات وذهب وسندات وأسهم، لكن الأكثر أماناً هو الذهب، حيث إن الدولار بين ارتفاع وانخفاض وكذلك الحال مع النفط والأسهم والسندات، أما الذهب فهو يحافظ على قيمته".

ورأى عبد الكاظم، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "ارتفاع أسعار الذهب في العراق طبيعي لارتباطه بالتداعيات الاقتصادية للصراع الجاري في منطقة الشرق الأوسط، أما ارتفاعه عالمياً فهو يرتبط بالبورصة العالمية التي تعتمد على العرض والطلب بالأسواق الدولية، حيث إن زيادة الطلب على هذا الملاذ الآمن يؤدي إلى ارتفاع أسعاره".