شفق نيوز/ دخلت التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في العديد من الأعمال السينمائية والدرامية في العديد من دول العالم ومنها الدول المجاورة، حيث استفادت هذه الدول من هذه التقنية خاصة في صناعة الدراما وافلام السينما، وتغيرت من خلال تلك الأشكال النمطية للأعمال الفنية على مستوى الانتاج والاخراج.

وعلى الرغم من انتشار الذكاء الاصطناعي ودخوله في مفاصل إنتاج الأفلام والمسلسلات، إلا أن تعامل الدراما والسينما العراقية مع هذه الظاهرة لا يزال خجولاً ومحدوداً للغاية.

ويرى بعض المعنيين أن ادخال الذكاء الاصطناعي في الدراما العراقية يفسد الواقعية التي تقوم عليها معظم الأعمال المحلية، ويجب التعامل مع هذه الميزة بحذر شديد من اجل الحفاظ على اصالة وهوية الدراما العراقية.

ويذهب آخرون إلى أهمية تحديث الإنتاج الفني العراقي والاستفادة من معطيات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، بغية مواكبة التطورات العالمية في مجال الإنتاج الفني.

ويؤكد فنانون أن الدراما العراقية على مستوى النص والإخراج بقيت بعيدة عن الحداثة وعن استخدام الذكاء الاصطناعي ما يجعلها تقبع في ذيل القائمة بالمقارنة مع الدول المجاورة التي أنتجت دراما وأفلاماً باستخدام متقن للذكاء الاصطناعي وحصدت جوائز عالمية في المهرجانات الدولية.

وبهذا الصدد يؤكد المخرج زيد شكر، أن "الدراما العراقية لم تستفد حتى الآن من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلا بحدود ضيقة للغاية وتقتصر على ترتيب النص وحسب".

ويضيف في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الأعمال الفنية العراقية تحتل المرتبة الأخيرة على مستوى دول المنطقة، لأنها ما تزال تعمل بمحلية من ناحية الفكر والإنتاج والإخراج".

ويشير إلى "وجود محاولات خلال العامين الأخيرين للاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من قبل بعض المؤلفين في كتابة سيناريو أعمالهم".

وينوه شكر أيضاً إلى أنه "يوجد لدى بعض المخرجين الشباب محاولات شخصية تسعى لصناعة أعمال فنية تمتلك الجودة من حيث الصورة وأداء الممثلين والموسيقى والمونتاج باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه المحاولات فردية ولا تشكل منافسة مع الدراما الخليجية لأنها محدودة من جهة، ومن جهة أخرى لا يوجد تسويق صحيح للدراما العراقية يجعلها تدخل في إطار المنافسة".

وبالضد من ذلك يذهب بعض النقاد إلى أن العراق يستخدم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي منذ سنوات، وقد قطعت الدراما المحلية باستخدام الذكاء الاصطناعي شوطا لا بأس به على مستوى التقطيع الصوري.

وفي هذا الإطار، يقول الناقد الفني صدام هاشم، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "السينما والدراما العراقية تستخدم الذكاء الاصطناعي من خلال عمليات المونتاج الرقمية".

ويلفت إلى أن "التطور الصوري الخاص في الدراما العراقية هو نتاج الذكاء الاصطناعي".

ويضيف: "لا يمكن للدراما العراقية الاندفاع بعيداً بمغامرة استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع بسبب طبيعة الأعمال العراقية الواقعية التي تحاكي الفرد العراقي".

ويؤكد، انه "بالإمكان استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال الخيال العلمي وفي مواضع محددة في السينما والأعمال الدرامية، بيد أن ثمة أحداث كثيرة شهدها العراق شكلت منعطفات حادة ومواضيع درامية مهمة تم إنتاجها وإخراجها بشكل رائع، وهي ليست بحاجة إلى الذكاء الاصطناعي".

ويوضح، أن "الآونة الأخيرة شهدت تطوراً كبيراً ومبهراً على صعيد عدد الأعمال العراقية التي تم إنتاجها، ومنها الدرامي والسينمائي، ويعكس هذا الكم من الأعمال الفنية قدرة العراق على الخروج من طور الناشئ إلى طور المنافس".

ويتابع، أن "الدراما العراقية تواكب التطورات التكنولوجية التي تدخل في الحياة اليومية وتقتنص منها موضوعات اجتماعية مهمة، وقد طرحت في هذا السياق العديد من الأعمال الفنية، وجميعها تدل على الانفتاح الفكري للدراما والسينما العراقية مع العالم".

وأثار دخول الذكاء الاصطناعي في عالم الفن والسينما ردود أفعال عالمية بين مؤيد ومعارض، ففي الوقت الذي يرى البعض في الذكاء الاصطناعي بأنه مجرد موضة عابرة، يرى آخرون أن على الإنتاج الفني أن يتكيف مع الذكاء الاصطناعي لأنه يضيف جمالية إلى المقاطع الصورية والمونتاج والإخراج، ولا مناص من استخدامه.

ويشير فنانون عراقيون إلى أن الدراما العراقية لم تستفد حتى الآن من ميزة الذكاء الاصطناعي المتاحة لصناع الدراما في العالم.

ويؤكد الفنان محمود أبو العباس، أن "العديد من دول العالم استخدمت التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في الأعمال الفنية، لكننا في العراق لم نخطُ بعدُ خطوات جريئة بهذا المجال".

ويضيف في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الدراما العراقية شهدت خلال السنوات القليلة الماضية حركة دؤوبة، ولو تواصل الدعم المادي والمعنوي من الجهات الرسمية فيمكن تقديم أعمال فنية قادرة على المنافسة وتحقيق نتائج جيدة"، منوها إلى أن "معدلات انتاج الدراما العراقية في ازدياد مطرد سنوياً، وأن عدد الأعمال الدرامية التي أنتجت العام الماضي وصلت إلى 26 عملاً".

ويلفت أبو العباس إلى "وجود العديد من المنصات وشركات الإنتاج التي ساهمت بصناعة دراما جيدة، لكنها لم تنفتح بعد على معطيات الحداثة واستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يمنح العمل الفني الجمال والدلالات المختلفة".

ويتابع، أن "إنتاج الأعمال الدرامية لم يعد يقتصر على شهر رمضان فقط، فبعض القنوات الفضائية تعمل بشكل متواصل على إنتاج أعمال درامية، فضلاً عن منحة رئيس مجلس الوزراء المخصصة لإنتاج الدراما، وكل ذلك له مردود إيجابي على واقع الإنتاج الدرامي".

بدوره، يقول الفنان مازن محمد مصطفى في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "الذكاء الاصطناعي ظاهرة جديدة وتحتاج إلى دراية ومهارة عالية بغية توظيفها في الدراما العراقية، وهذا ما لم يحصل حتى الآن، لأن تجارب الذكاء الاصطناعي في الدراما العراقية بقيت محدودة في إطار تجارب شخصية لفنانين شباب دون أن تأخذ الاهتمام الحقيقي من المخرجين".

ويضيف مصطفى، أن "المتلقي العراقي اعتاد مشاهدة أعمال فنية واقعية، أما الأعمال الافتراضية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي فقد لا تنسجم مع المزاج الاجتماعي المحلي، وربما لهذا السبب لم يغامر المخرجون في استخدام هذه الميزة المهمة".

ويشدد على أهمية "انفتاح الدراما العراقية على استخدام التقنيات التي توفرها التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، ولكن يجب أن يتم ذلك بوعي ومسؤولية، لأن انفتاح التجارب المحلية على التجارب العالمية والاستفادة من التكنولوجيا الرقمية بشكل مدروس، لا يفقد الدراما العراقية واقعيتها وخصوصيتها المحلية".

ويشير إلى أنه "شاهدت مؤخراً عملاً فنياً افتراضياً بإستخدام الذكاء الاصطناعي، وانسحبت ميزة الذكاء على جميع أدوات ذلك العمل بما فيها الممثل، وقد يكون هذا الشيء صادما للبعض، إلا أن المحاولة والتجريب أمر مشروع إن تم بوعي وإدراك لمسؤولية الفن وأهمية الحفاظ على هوية وأصالة الدراما العراقية".

وبين أن "بعض شركات الإنتاج أصبحت تستورد مخرجين ومديري تصوير من الخارج بهدف إنتاج أعمال درامية عراقية، وهذا أمر مؤسف، لأن العراق كان من الدول السباقة في المنطقة لإدخال التكنولوجيا والحداثة والأدوات المتطورة في صناعة الدراما"، منوها، إلى أن "نجاح الأعمال الفنية المحلية مرهون ببراعة الاشتغال عليها وآليات عرض الأحداث وتناولها، وكل ذلك بحاجة إلى دراسة عميقة ودراية كبيرة وإحاطة كاملة بالتقنيات الحديثة وبميزة الذكاء الاصطناعي بغية مواكبة تطور الإنتاج الفني في المنطقة".

أما المخرج ازهر خميس، فيقول في حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "الدراما العراقية تعكس الأحداث والتغييرات السريعة في العالم من خلال مواضيعها وتقنياتها".

ويضيف، "اعتادت الدراما المحلية على تناول قضايا اجتماعية وسياسية معاصرة، واستخدام التكنولوجيا المتطورة في صناعة العروض التلفزيونية".

ويلفت إلى "نجاح الدراما بنقد الواقع وتسليط الضوء على القضايا السياسية ما يجعلها تلاقي رواجاً لدى الجمهور المحلي بغض النظر عن الأدوات والتقنيات المستخدمة بهذه الأعمال، والتي يتعامل بعضها بالفعل مع الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية ولكن بشكل محدود لا يؤثر على واقعية الأعمال الدرامية".

وتؤدي العديد من العوامل المختلفة دوراً في تحديد موقع السينما والدراما العراقية بالمقارنة مع الدول المجاورة، إذ تتأثر صناعة السينما والدراما بعوامل عديدة، منها الدعم الحكومي والبنية التحتية والعقبات القانونية وغير ذلك، ما يعني أن تطور الدراما يرتبط بشكل مباشر بالمؤثرات الخارجية، ولعل ذلك من الأسباب التي تؤدي إلى انكماش الأعمال الفنية العراقية وعدم المغامرة بإدخال التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في الدراما المحلية إلا بحدود ضيقة للغاية.