شفق نيوز / تساءلت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، ما إذا كان أعداء الولايات المتحدة، قد توصلوا إلى وسيلة لالحاق الهزيمة بها، بما في ذلك في العراق، موضحة انهم يعتمدون استراتيجية ناجحة تتمثل بمهاجمة المصالح الأمريكية من ملاذات آمنة في دولة ثالثة ويستنزفون القوات الأمريكية حتى ينهار التأييد الداخلي الأمريكي للحرب.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "العراق يطرد القوات القتالية الامريكية بأوامر من إيران، مثلما تخرج الولايات المتحدة من أفغانستان"، مبينة أن "واشنطن منخرطة في حروب منذ العام 1945، وأعداؤها يهاجمونها من ملاذات في دولة ثالثة".
كوريا الشمالية
وخلال الحرب الكورية الأمريكية، رفض الرئيس هاري ترومان، وفقاً لـ"ذا هيل"، مهاجمة مواقع ملاذات الكوريين الشيوعيين داخل الأراضي الصينية، وهو قرار كان عقلانيا لأنه لم يكن يريد المجازفة باندلاع حرب عالمية ثالثة، ولأنه كان يعتقد أن الغزو السوفيتي لأوروبا الغربية، كان يشكل تهديدا أكبر، لكن كان لقرار ترومان تداعيات خطيرة، إذ أن الصين طردت تقريبا القوات الأمريكية من شبه الجزيرة الكورية".
وتطورت الأزمة مع قيام الصين بإرسال حشود لا تنضب من المتطوعين إلى الجنوب، وإنهار الدعم الأمريكي الداخلي للحرب ولترومان نفسه، وتجنب إعادة ترشيح نفسه في انتخابات العام 1952.
أما الرئيس دوايت ايزنهاور، فرأت الصحيفة، أن الأخير "تمكن من التوصل الى هدنة فقط من خلال التهديد باستخدام القنبلة النووية، وظلت كوريا الشمالية قائمة كدولة رعب بوليسية، واليوم هناك 28 الف جندي أمريكي ما زالوا يدافعون عن كوريا الجنوبية، فيما يهدد ديكتاتور بيونغ يانغ الولايات المتحدة بالمواجهة معها".
فيتنام
وفي فيتنام، نفذ الرئيس ليندون جونسون، ضربات جوية محدودة على فيتنام الشمالية، وسمح باستمرار وجود الملاذات الشيوعية الآمنة في داخل كمبوديا، وكان قرار جوسنون عقلانيا لانه لم يرد المجازفة باندلاع حرب كورية ثانية، ولا تشتيت تركيزه على برامجه في الداخل الأمريكي.
وكان لقراره هذا تداعيات أيضا، بحسب تقرير صحيفة "ذا هيل"، فقد أرسل الجيش الكوري الشمالي و"الفايتكونغ" دفقات لا تحصى من المقاتلين إلى الجنوب على طريق هو شي منه، عبر أراضي كمبوديا ولاوس.
وتابعت الصحيفة، أن في حينها حدث تمرداً أدى لانهيار التأييد الشعبي الأمريكي للحرب ولجونسون نفسه، ولم يسع إلى إعادة ترشيح نفسه في العام 1968.
كمبوديا
وبالنسبة الى الرئيس ريتشارد نيكسون، فقد أدى غزوه لكمبوديا وقصفه الاستراتيجي لهانوي، إلى إبرام اتفاقية باريس للسلام، وانسحبت القوات الامريكية في العام 1973، ثم غزت كوريا الشمالية الجنوب في العام 1975، ووقعت كل هذه الانتهاكات لحقوق الانسان، وفقاً للصحيفة الأمريكية.
حرب الخليج
وثمة استثناء وحيد يثبت القاعدة، بوجهة نظر "ذا هيل"، ففي حرب الخليج، استخدم جورج بوش الأب قوة عسكرية هائلة وهاجم العراق من أجل تحرير الكويت عام 1991، وحقق هدفه المحدود في غضون ستة أسابيع فقط، وحافظ على شعبيته الداخلية، ولكنه خسر الانتخابات في العام 1992، برغم أن هزيمته لم تكن مرتبطة بالحرب".
أفغانستان
وفي أفغانستان، لم يطارد جورج بوش الابن قادة القاعدة وطالبان الى ملاذاتهم في باكستان، وكان موقف بوش عقلانيا، فباكستان دولة نووية، وحليف للولايات المتحدة، وكانت النتائج أن "تنظيم القاعدة تمكن من اعادة التموضع والاستمرار في التخطيط للارهاب، واستمر مجلس شورى طالبان من مدينة كويتا الباكستانية، بارسال المقاتلين البشتون نحو الشمال الأفغاني"، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن "تمرداً نشأ بمساعدة باكستان، ونفذت الولايات المتحدة ضربات بطائرات مسيرة ضد أهداف القاعدة في منطقة محدودة جغرافيا، كما نفذت عمليتين خاصتين فقط عبر الحدود، في حين تركت قيادة طالبان من دون أي إزعاج في كويتا".
ونوهت إلى أن ذلك أدى أيضاً لـ"انهيار دعم الداخل الأمريكي، للحرب تدريجيا، وبحلول العام 2016، شن دونالد ترامب حملته لانهاء الحروب اللانهائية".
واضافت الصحيفة، أن "الرئيس جو بايدن سيسحب القوات الامريكية في أغسطس/آب الحالي، وستسقط الحكومة الافغانية الحليفة قريباً، وستتبعها فظائع حقوق الإنسان".
العراق
أما في العراق، فقد سمح بوش بوجود ملاذين للعدو، بحسب الصحيفة، التي أشارت إلى أن "المقاتلين الاجانب السنة تدفقوا عبر سوريا، في حين تدفقت الذخائر المتطورة للميليشيات الشيعية، مثل المتفجرات الخارقة للدروع، عبر ايران".
وتابعت "مرة اخرى، كان قرار بوش عقلانيا، لان السياسة العالمية ربما لم تكن تحتمل حربا إقليمية".
ولفتت الصحيفة إلى أن "هذا القرار أدى إلى حركات تمرد، ولم تنفذ الولايات المتحدة سوى عملية خاصة واحدة على الأقل داخل سوريا، ووقعت مناوشات حدودية مع القوات الإيرانية في العام 2007". وأدى ذلك في الأخير، إلى انهيار الدعم الداخلي للحرب ولبوش، حيث تعرض الحزب الجمهوري إلى خسارة في الانتخابات النصفية في العام 2006".
وفي العام 2008، تحرك باراك أوباما من خلال حملة لانهاء حرب العراق، وسحب قواته في العام 2011، لكنه أعادها إلى هناك مجدداً لقتال تنظيم داعش في العام 2014".
ووفقاً للصحيفة فإن "آيات الله الإيرانيين باتوا يسيطرون الآن على رقعة طولها 1900 ميل تمتد من بيروت إلى هرات الافغانية، حيث بدأ الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من سوريا في العام 2018، وبدأ بايدن بسحب قواته من العراق بناء على إصرار الدولة المضيفة".
واعتبرت الصيحفة، أن ثمة عوامل أخرى لها دور في حدوث هذه الهزائم، من بينها أن "حلفاء أمريكا لم يطوروا حكومات نظيفة وكفوءة وشعبية في (سايغون أو كابول أو بغداد)، كما أن الأمريكيين قللوا من أهمية حماسة الماوية والقومية الفيتنامية والقبلية الأفغانية والطائفية العراقية".
وخلصت الصحيفة إلى القول، إن "نموذج العدو كا واضحاً هاجم القوات الأمريكية من ملاذ آمن، وانتظر التحول في الرأي المحلي الأمريكي"، مشيرة إلى أن الناخبين الأمريكيين باتوا "أكثر حساسية تجاه سقوط الضحايا على مدار الثمانين عاما الماضية برغم النمو السكاني في أمريكا من 133 مليوناً إلى 333 مليون نسمة، ونهاية التجنيد، ووجود قوة متطوعة أصغر من أي وقت مضى".
ومنيت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، بـ 405.399 قتيلا بغضون أربع سنوات، وفي كوريا، قتل 36،515 أمريكي في ثلاث سنوات، وفي فيتنام قتل 58209 جندياً في غضون سبع سنوات، وفي أفغانستان والعراق معا 7056 قتيلا بغضون 20 عاما.
وختمت الصحيفة الأمريكية تقريرها، بالتساؤل "هل يجب على بايدن الاحتفاظ بأهداف معرضة للخطر بجوار البلدان التي يلتزم بالدفاع عنها؟، وبهذه الحالة فهو يخاطر بالمصير السياسي لهاري ترومان وليندون جونسون وجورج بوش الابن".