شفق نيوز/ خالف مستشار رئيس الوزراء العراقي ما ذهب إليه أربعة خبراء في الشأن الاقتصادي بشأن ما تشهده أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي من "استقرار"، مؤكداً أن "استقرار الدولار حقيقي وراسخ وليس وهمياً كما يعتقد البعض"، لكن الخبراء الاقتصاديون قالوا إن الاستقرار "غير مطمئن"، وما يحصل حالياً هو انخفاض في تذبذب الدولار، أما الاستقرار فهو يكون عند عودة الدولار إلى السعر الرسمي للبنك المركزي.
ويقول مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، إنه "لا يشكل سعر صرف الدولار إلى الدينار في السوق الموازية اليوم في بلادنا أية أهمية نسبية في التأثير في استقرار المستوى العام للأسعار الذي أمسى ذلك المستوى السعري العام مستقراً في مركباته واتجاهاته جراء تأثير عامل سعر الصرف الرسمي المهيمن حالياً على تمويل التجارة الخارجية (الاستيرادية) والبالغ 1220 دينار لكل دولار. وهو تجاه مستقر لسعر الصرف وتتمحور حوله القيمة الخارجية المستقرة للدينار، والذي تجسده حالة استقرار الأسعار النسبية للسلع والخدمات إلى حد كبير".
ويضيف صالح لوكالة شفق نيوز، "وبناءً على ما تقدم، وفي ضوء قوة الاحتياطيات الأجنبية الساندة للدينار العراقي والتي تزيد قيمتها كأصول أجنبية سائلة على 100 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ العراق في تطور احتياطياته الدولية، فإن السوق الرسمية للصرف كاتجاه عام ستبقى المهيمنة على احتواء أية ضوضاء ملونة أو غامضة المعلومات تتأثر بها السوق الموازية للصرف بسبب أحداث سياسية دولية أو إقليمية طارئة هنا وهناك".
ويوضح، "أنه بعد اضمحلال ظاهرة الدولرة في المعاملات الداخلية ولاسيما في العقود والالتزامات والمدفوعات داخل البلاد منذ العام الماضي قانوناً، فإن سوق الصرف الموازية أمست لا تشكل تأثيراتها العامة اليوم إلا على نطاق اقتصادي ضيق من المعاملات المحظورة تمارسها الأسواق غير النظامية وبنسبة 10 بالمائة من إجمالي معاملات العرض والطلب على العملة".
وخلص صالح إلى القول، "وعليه، فإن استقرار سعر صرف الدينار إلى الدولار الذي تشهده البلاد حتى في الأسواق الثانوية آنفاً هو استقرار حقيقي وراسخ وليس وهمي كما يعتقد البعض، بل هو مشتق من قوة تأثير العوامل السعرية والكمية للسياستين النقدية والمالية وتكاملهما في فرض الاستقرار السعري الكلي في البلاد واحتواء التوقعات التضخمية التي كانت تحدثها قوى السوق الموازية للصرف خلال السنوات الماضية".
لكن الباحث الاقتصادي، علي عبد الكاظم، أوضح أن "استقرار الدولار يكون عند عودة الدولار إلى السعر الرسمي للبنك المركزي، لكن إلى الآن سعره أكثر من 15 نقطة عن السعر الرسمي بالموازنة، لذلك لا يوجد استقرار، لكن التذبذب في السوق الموازية نوعاً ما مستقر نتيجة لعدة أمور، منها الزيادة في عدد الدولارات التي كانت للحجاج".
ويضيف عبد الكاظم لوكالة شفق نيوز، "كما أن الموازنة لم تطلق إلى الآن وهذا الشهر بدأ تنفيذها، وهذا له تأثير أيضاً، كذلك في زيادة مبيعات البنك المركزي من مبيعات الدولار، كما أن الركود الذي تشهده الأسواق يقلل من عمليات الاستيراد، وأن كل هذه الأسباب وغيرها ساعدت على إبقاء الدولار منخفض التذبذب حالياً في الأسواق الحالية، أما عملية الاستقرار فعند وصول الدولار إلى السعر الرسمي حينها يمكن القول إن سعر الدولار استقر بين الموازي والرسمي".
ويتفق الخبير الاقتصادي، كريم الحلو، مع ما ذهب إليه علي عبد الكاظم بشأن عدم استقرار الدولار "وإنما هي حالات مؤقتة، لأن قضية الدولار في العراق هي العرض والطلب، فعند زيادة الحوالات البنكية للخارج بلا عرقلات وروتين يقل الطلب على الدولار ما يؤدي إلى انخفاضه، وعند وجود معرقلات في البنوك العراقية وخاصة مع إيران التي يستورد العراق منها 13 مليار دولار سنوياً نحتاج إلى عملة صعبة لإيصالها إلى إيران، أو بعض الأماكن التي لم تفتح فيها منصة مثل إيران وغيرها فهذه تتطلب الذهاب إلى السوق".
ويبين الحلو لوكالة شفق نيوز، أن "هذا الاستقرار مؤقت يستمر لأيام، وهناك مافيات خاصة بالدولار لديها مبالغ ضخمة من الدولار تقوم بإنزالها في السوق ما يؤدي إلى انخفاض سعره ومن ثم تشتريه مرة ثانية ويقل العرض ما يؤدي إلى حصول الطلب عليه ويرتفع سعره مرة أخرى".
ويشير إلى أن "الموازنة لم تطلق إلى الآن، والكثير من المشاريع متلكئة بسبب عدم وصول السلف لهذه المشاريع، رغم أن رئيس الوزراء أطلق مؤخراً إيصال السلف لكنها تأخذ وقتاً بسبب الروتين، لذلك في هذه الحالة يقل الطلب على المواد المستوردة من الخارج لهذا يقل الطلب على الدولار، ما يؤدي إلى حصل نوع من الهدوء والاستقرار الموجود".
ويوضح، أن "العراق يستورد 90 بالمائة من المواد من الخارج، وهذه أغلبها بالدولار، وبعض الدول تم فتح منصات لها وتبلغ حوالات البنك المركزي 280 مليون دولار، وهذا مبلغ ضخم، كما أن سفر المواطنين من الحج وغيره إلى جانب عدم بدء العطلة الصيفية للسادس الاعدادي كل هذا يؤدي إلى قلة الطلب على الدولار".
ويضيف، "لذلك كل هذه العوامل تؤدي بالدولار إلى الهدوء والاستقرار، وانخفض سابقاً إلى 144، لكنه عاد وارتفع مرة أخرى إلى 148، والفرق مع الرسمي 1320 أكثر من 15 نمرة، لذلك هذا ليس استقراراً، بل أن الاستقرار الصحيح يكون كما في السابق عندما كان بالبنك المركزي 1120 وفي الخارج 1121، واستمر الحال على هذا الوضع لسنوات والمشاريع الاستراتيجية وضعت على أن الدولار 1121، ولكن بعد رفع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لسعر الدولار مقابل الدينار وجاء رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني وأعاده لكن استمر التذبذب، لوجود مافيات ولوبي سياسي وبنوك تابعة للأحزاب لها علاقة بملف الدولار".
واختتم الحلو حديثه بالقول "لذلك الاستقرار غير مطمئن وليس طبيعياً، وإنما هي مجرد فترات لحالات معينة تتعلق بالاستيرادات والسفر وكل العوامل التي لها علاقة بخروج الدولار من العراق".
وهذا ما ذهب إليه أيضاً الخبير الاقتصادي، ضياء محسن، الذي أوضح أن "ما يشاع عن استقرار سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق المحلية كذبة يحاول بعض من يركب سفينة الحكومة الترويج لها، لأن المواطن يعلم أن رئيس الوزراء عندما قدم برنامجه الحكومي إلى مجلس النواب العراقي كان من ضمن أولوياته هو تخفيض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وعملت صفحات كثيرة للترويج لهذا الموضوع لكن دون جدوى"، على حد قوله.
ويعزو محسن خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق المحلية إلى جملة من الأسباب التي لم يستطع البنك المركزي العراقي معالجتها، أما لأنه يعرف هذه الأسباب (وهذه كارثة) لكنه لا يستطيع مواجهة المتسببين بهذا الارتفاع، وأما أنه لا يعرف هذه الأسباب (وهذه الكارثة أعظم من سابقتها) لأن البنك المركزي العراقي مؤتمن على أموال الشعب العراقي وعدم متابعة هذه الأموال وأبواب صرفها يعد خيانة أمانة"، على حد تعبيره.
ويضيف، "بالتالي الحديث عن استقرار الدولار الأمريكي في السوق المحلية لا صحة له، لأن الجميع يعلم أن انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي كان في فترة عيد الأضحى المبارك وهناك عطلة طويلة نسبياً، أضف إلى ذلك إن التجار العراقيين أخذوا يستخدمون طرقاً أخرى غير تهريب الدولار إلى خارج العراق والمتمثلة بشراء الذهب وتهريبه".
ويتابع، "عموماً لا نعتقد بأن السلطة النقدية ومع تخبطها في اتخاذ الإجراءات تستطيع السيطرة على سعر صرف الدولار الأمريكي، ولا حتى إجراءات السلطة التنفيذية قادرة على الحد من عمليات تهريب العملة سواء كانت العملة النقدية الأجنبية أو الذهب، أما بالنسبة للأسعار فهي لن تتجاوز 1500 دينار لكل دولار ولن تنخفض إلى أقل من 1450 دينار لكل دولار".
فيما يرى الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن الشيخلي، أن "تأرجح سعر الدولار مسألة طبيعية، وتستمر بين فترة وأخرى نتيجة التأثر بأقل التفاصيل منها عند مغادرة الحجاج وعودتهم، لذلك السعر سيبقى يتراوح ما بين 1450 و1500 دينار بشكل مستمر والمراوحة بين هذين الرقمين أمر طبيعي".
ويشير الشيخلي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "هناك بعض المقيمين في الخارج يتحكمون في العملة بطرح وسحب الدولار عند حدوث أي أمر داخل العراق مستغلين الفرص بالتلاعب في سعره، وهذه الحالة موجودة في كل بلدان العالم وقد تكون في العراق واضحة بشكل كبير لأنه لم نشهد هذه التجربة في السابق، لكن تبقى هذه مسألة طبيعية، ولا ينبغي القلق منها، لكن في حال استمرت لفترة طويلة يمكن اعتبارها حينها حدثاً غير طبيعياً".