شفق نيوز/ الدفع الإلكتروني، نظام لتسديد أو لتسوية المدفوعات دون الحاجة لاستخدام النقد، ولهذا النظام مميزات كثيرة، أهمها القضاء على عمليات الفساد والاحتيال والرشوة المباشرة في المؤسسات الحكومية، وسهولة التداول، ورفع معدلات الإيداع النقدي في البنوك والمصارف وغيرها من الفوائد.
لكن تحوّل العراق إلى هذا النظام المعمول به عالمياً لا يخلو من عمليات الاحتيال، سواء كان من قبل التجار عند تبضع المواطنين، أم عن طريق استحصال مبالغ إضافية بحجة رسوم الاستقطاع المعمول بها حالياً، خاصة أن ثقافة المجتمع بالدفع الإلكتروني ضعيفة.
لذلك لا بد من تثقيف المجتمع على التداول فيها، وتسهيل فتح الاعتمادات المصرفية للمواطنين لغرض إصدار البطاقات الإلكترونية بانسيابية ومن دون معوّقات، وفق ما تحدث به عدد من الخبراء في الاقتصاد العراقي لوكالة شفق نيوز.
إنهاء التعامل النقدي في محطات الوقود
تسعى الحكومة العراقية إلى تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني واعتماد أنظمة الأتمتة الحديثة وإنهاء التعامل النقدي.
وبناءً على ذلك، حددت شركة توزيع المنتجات النفطية، التابعة لوزارة النفط العراقية، نهاية شهر آذار المقبل، موعداً نهائياً للتعامل النقدي، في محطات تعبئة الوقود الحكومية والأهلية.
وقال المدير العام للشركة، حسين طالب، في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، إن "جميع محطات تعبئة الوقود الحكومية والأهلية ستستخدم نظام الدفع الإلكتروني في تعبئة الوقود، في الأول من شهر نيسان المقبل".
وكان طالب قد أعلن عن ارتفاع معدلات التزود بالوقود عبر بطاقات الدفع الإلكتروني، مؤكداً في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أن "المبيعات عبر استخدام البطاقات الإلكترونية سجلت في نيسان الماضي 35 مليوناً فيما سجلت في شهر تشرين الثاني من العام الماضي أكثر من 350 مليون دينار"، عاداً ذلك مؤشراً على نجاح التجربة.
ودعا طالب، المواطنين إلى "التزود عبر بطاقات الدفع الإلكتروني للتعرف أكثر على الخدمة واكتشاف إيجابياتها".
1.2 مليون حساب مصرفي خلال 9 أشهر
بدورها، كشفت رابطة المصارف الخاصة العراقية في (12 كانون الأول الماضي)، عن نمو بالحسابات والبطاقات المصرفية وأجهزة الدفع الإلكتروني بعد الدعم الكبير الذي قدمه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والبنك المركزي العراقي للقطاع المصرفي، من خلال تفعيل الدفع الإلكتروني في المؤسسات الحكومية والخاصة والإصلاح في آليات تمويل التجارة الخارجية
وقال المدير التنفيذي للرابطة، علي طارق، في بيان صحفي، إن الحسابات المصرفية نمت بنسبة 14٪ إذا وصلت حتى 30 أيلول 2023 الى 10.02 ملايين حساب مصرفي، بعد كانت في نهاية العام 2022 أكثر من 8.79 ملايين حساب، مما يعني إنشاء أكثر من 1.2 مليون حساب خلال 9 أشهر.
فوائد الدفع الإلكتروني
وفي هذا السياق، يقول الخبير المالي والاقتصادي، محمود داغر، إن "النقد هو الوسيلة التي تستخدم لكل عمليات الفساد والاحتيال وبالتالي من أهم فوائد الدفع الإلكتروني هو القضاء على عمليات الفساد والاحتيال".
ويضيف داغر لوكالة شفق نيوز، كما أنها "تسهّل عملية تسوية الحسابات داخل المصارف بدل أن تكون التسويات خارج المصارف في المكاتب والمساكن".
ويتابع، "وكذلك تساعد رجال الأعمال على أن تكون لديهم حسابات مضبوطة من خلال ما تقدمه لهم المصارف المرتبطين بها من كشوفات مصرفية".
ويؤكد، أنه "لا توجد مضار أو سلبيات للدفع الإلكتروني وبلاد العالم جميعاً تحاول تقليص حجم التسويات بالدفع النقدي واللجوء إلى الدفع الإلكتروني".
ويرى الخبير الاقتصادي، أن "العراق قادر على الانتظام في الدفع الإلكتروني وبشكل سريع، متوقعاً "مع نهاية عام 2024 ستسوى الكثير من الأعمال الخاصة والعامة مدفوعاتها عن طريق الدفع الإلكتروني، ما سيسهّل على الجميع إنجاز الكثير من الأمور".
متطلبات التحوّل للدفع الإلكتروني
ويتفق الباحث الاقتصادي، أحمد عيد، مع ما ذهب إليه محمود داغر، من فوائد للدفع الإلكتروني، مبيناً أن لها الكثير من المميزات، منها "سهولة التداول، وضمان أموال المتداولين، بالإضافة إلى رفع معدلات الإيداع النقدي في البنوك والمصارف، والحد من عوامل الفساد والاحتيال والرشوة المباشرة في جميع مؤسسات الدولة العراقية الحالية، ويتيح فرصة تفعيل الجانب الرقابي على حركة الأموال".
لكن التحوّل إلى نظام الدفع الإلكتروني من خلال بطاقات الدفع لا يخلو من عمليات الاحتيال - بحسب ما قاله عيد لوكالة شفق نيوز - سواء كان من قبل التجار عند تبضع المواطنين، أم عن طريق استحصال مبالغ إضافية بحجة رسوم الاستقطاع المعمول بها حالياً في ظل ثقافة ضعيفة جداً للمجتمع بالدفع الإلكتروني.
ويشدد عيد على "ضرورة تثقيف المجتمع على التداول فيها، وتسهيل فتح الاعتمادات المصرفية للمواطنين لغرض إصدار البطاقات الإلكترونية بانسيابية ومن دون معوّقات".
وينوّه إلى أن "هناك عصابات ومافيات تستغل هذه البطاقات لتهريب العملة من خلال سحب الأموال خارج البلد، ومازالت إجراءات الرقابة تؤثر كثيراً على المقيمين خارج العراق، بسبب عمليات الاحتيال والتهريب التي تقوم بها هذه العصابات".
وكان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد وجه في (7 كانون الثاني الجاري) بتجنيب المواطنين أعباء مالية إضافية نتيجة العمولات، وذلك خلال اجتماع خُصص لمتابعة التحول المالي والاقتصادي إلى الدفع الإلكتروني، ونقاط البيع والتداول المالي بالبطاقات الإلكترونية (POS).
وأكد السوداني بحسب بيان صادر عن مكتبه الاعلامي، أنّ الهدف هو تسهيل التعامل وتيسير الدفع في عموم المجالات، مع ضمان أعلى مستويات الأمان.
مطالبات بتوفير أجهزة "pos" في الأماكن العامة
تفتقر معظم الأسواق ومحطات تعبئة الوقود، لأجهزة pos بالرغم من توجهات مجلس الوزراء بتطبيق نظام الدفع الإلكتروني في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمراكز التجارية والمحلات والأسواق والمرافق الترفيهية الأخرى.
ولا يزال المواطنون يفتقرون إلى توفير أجهزة pos ومطالبات من البنك المركزي والمصارف وشركات الدفع الإلكتروني بتزويد نقاط البيع pos وجعلها في متناول المواطن لاستخدامها مع البطاقات الإلكترونية في التسوق والدفع بدلاً من النقد.
وكان البنك المركزي العراقي، أعلن في مطلع حزيران الماضي، دخول قرار مجلس الوزراء المرقم (23044) للعام 2023 حيز التنفيذ، والمتمثل بزيادة عدد أجهزة الدفع الإلكتروني (POS) في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز ثقافة الدفع والتحصيل الإلكتروني، والتقليل من استخدام النقود الورقية في الجباية والتعاملات التجارية.
شركة "وطنية" لنظم الدفع الإلكتروني
يذكر أن مجلس إدارة البنك المركزي العراقي، قرر في 13 كانون الأول الماضي، إنشاء "الشركة الوطنية لنظم الدفع الإلكتروني" في عموم البلاد، مبيناً أن الشركة تمثل تطوراً نوعياً في هيكل البنية التحتية المالية للبلد.
وبحسب بيان المركزي العراقي ، أن هذه الخطوة تأتي تزامناً مع النمو المتسارع في الخدمات والمنتجات المالية الإلكترونية وارتفاع أعداد المستخدمين بالتوافق مع إطار البرنامج الحكومي لدعم وتبني أنظمة الدفع الإلكتروني المتطورة.