شفق نيوز/ ذكر "معهد الشرق الاوسط" الامريكي ان الربط الكهربائي الجديد بين العراق وتركيا، يمثل جزءا من التحول الاستراتيجي الذي تقوم به بغداد في خياراتها في مجال الطاقة للربط مع الدول الإقليمية، وتقليل الاعتماد على إيران.
وأشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى ان بغداد افتتحت في 21 تموز/يوليو الماضي، خط الكهرباء الجديد الذي يربط العراق بتركيا، وهو خط يبلغ طوله 115 كيلومترا يفترض أن يقوم بتوصيل 300 ميغاواط من الطاقة الى محطة كهرباء غرب الموصل بهدف تزويد شمال العراق، بما في ذلك مناطق نينوى وصلاح الدين وكركوك.
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن الخط الكهربائي الجديد، يأتي في وقت حرج، اذ ان العراقيين يعانون من حرارة الصيف والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، وذلك كنتيجة لعقود من الحروب وهشاشة البنية التحتية التي جعلت العراق، وهي غني بموارده من الطاقة، يعتمد على الواردات، وخصوصا من إيران.
وقال التقرير؛ إنه العراق وفي محاولة لتعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادره، يقوم بدمج خط الطاقة الجديد في استراتيجية أوسع للانضمام الى شبكة الطاقة الاقليمية، مضيفا ان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يعتبر أن المشروع بمثابة خطوة "استراتيجية" لربط العراق بجيرانه والحد من اعتماده على الغاز الإيراني.
وتابع التقرير ان العراق يقوم بتشغيل خط الطاقة الجديد هذا من أجل ضمان مستقبل طاقة أكثر استقرارا له واعادة تشكيل تحالفاته الجيوسياسية، حيث من المتوقع أن يؤدي هذا التحول الاستراتيجي، الذي يجمع بين روابط الطاقة الجديدة مع تركيا والولايات المتحدة، إلى الحد من نفوذ إيران في العراق، ومن الممكن أن يؤثر سلبا على العلاقات الثنائية، اعتمادا على كيفية رد فعل طهران مستقبلا.
واعتبر التقرير؛ أن الخط الكهربائي الجديد يعكس الديناميكيات الجيوسياسية المتبدلة في المنطقة،، مشيرا الى ان العراق يسعى الى توسيع شراكاته في مجال الطاقة مع تركيا، بينما يمثل هذا الربط الجديد جزءا مهما من مشروع "طريق التنمية"، بينما تسعى انقرة الى اعادة صياغة الديناميكيات الاقليمية لمصلحتها وتعزيز نفوذها الجيوسياسي.
وفي الوقت نفسه، يقول التقرير إن بغداد تقوم ايضا باندفاعة اوسع نطاقا من أجل تعزيز علاقاتها مع مجلس التعاون الخليجي والأطراف الفاعلة الإقليمية الأخرى، مثل الأردن، بما في ذلك في ميدان الطاقة، حيث بدأ العراق مؤخرا في استيراد الكهرباء من المملكة. وذكّر التقرير بما قاله السوداني في 21 يوليو/تموز الماضي بأن بغداد تسعى الى استكمال الاتصال بشبكة الكهرباء لدول مجلس التعاون الخليجي "بحلول نهاية العام الحالي".
وأشار التقرير إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت تواجه فيه إيران تحدياتها الخاصة كمورد لمصادر الطاقة، مضيفا أن طهران تواجه صعوبة في تحقيق أهدافها المرتبطة بإنتاج الطاقة وتواجه مشكلات كبيرة فيما يتعلق بإمداداتها الكهربائية حيث يمثل انقطاع التيار الكهربائي مشكلة متكررة، خصوصا خلال الصيف، وهو ما يؤثر على القطاعين السكني والتجاري.
وتابع التقرير ان ايران قدمت حوالي 1200 ميجاوات من الطاقة يوميا للعراق، بالاضافة الى حوالي 25 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وذلك بموجب شروط اتفاق العام 2013، كما أن طهران وبغداد وقعتا اتفاقا جديدا في آذار/مارس العام 2024 تعهدت إيران بموجبه بتوريد حوالي 50 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا لمدة خمس سنوات.
إلا أن التقرير قال ان الخلل في إمدادات الكهرباء في ايران يشكل خطرا على صناعة الطاقة في البلد وقدرتها على تصدير الطاقة، بينما تواجه هذه العلاقة تحديات اضافية، بما في ذلك الطبيعة المؤقتة للاعفاءات من العقوبات الامريكية التي تسمح للعراق بشراء الكهرباء الايرانية، الى جانب الجهود الاخيرة لتعزيز تنويع مصادر الطاقة الخارجية لبغداد من خلال مشاريع مثل خط الطاقة الجديد بين العراق وتركيا، وذلك الى جانب حملة تطوير الطاقة المحلية في العراق، بما في ذلك الاتفاقيات مع الولايات المتحدة ودول اخرى لتعزيز توليد الكهرباء واستطلاع شراكات جديدة في مجال الطاقة.
الخليج وأمريكا
وخلص التقرير الى القول ان الهدف من تواصل العراق الحالي مع الحلفاء الخليجيين والامريكيين هو الحد من النفوذ الكبير لإيران عسكريا وسياسيا واقتصاديا، مذكرا بان السوداني وقع مذكرات تفاهم حول التجارة والطاقة خلال زيارته الى الولايات المتحدة في أبريل/نيسان، وخلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى العراق في يونيو/حزيران، في حين يجري اتخاذ خطوة استراتيجية نحو اقامة علاقات اقتصادية أقوى مع المملكة السعودية والإمارات ، بهدف الحد من اعتماد العراق على ايران، لافتا الى ان وضع العراق ضمن المبادرات الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة، على غرار شبكة الكهرباء لدول مجلس التعاون الخليجي، جزءا من هذا الجهد.
وبعدما قال التقرير إن واشنطن تدعم جهود العراق لتعزيز أمن الطاقة، وتأمين التمويل لمشاريع البنية التحتية الجديدة للطاقة وجمع الغاز المصاحب من حقوله النفطية، لفت إلى أن اعتماد العراق على الطاقة الايرانية في السنوات الأخيرة انخفض، نتيجة لهذه الجهود، حيث تراجع من ما يقدر بنحو 40 % الى 25 %، بهدف الوصول الى الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول العام 2030.
واعتبر التقرير أن إيران تنظر الى هذه التطورات على انها خطر، مذكرا بالعمل الانتقامي المتمثل بالهجوم بطائرات مسيرة على حقل غاز خور مور في نيسان/أبريل 2024. ورجح التقرير أن تظل التوترات عالية مستقبلا، على الرغم من أن روابط العراق القوية مع الولايات المتحدة ودول الخليج قد تؤمن بعض الحماية ضد الضغوط الايرانية.
وخلص التقرير؛ الى القول ان مكانة إيران كمورد مهم للطاقة للعراق هي عرضة للخطر مع استمرار بغداد في تنويع مصادر الطاقة لديها، مضيفا أنه من خلال تقليل اعتماده على الكهرباء الايرانية وتعزيز أمن الطاقة المحلي، فإن الربط الكهربائي الجديد للعراق من تركيا قد يحد من نفوذ إيران في سوق الطاقة العراقي. وتابع قائلا انه بحسب ما سيكون عليه رد فعل إيران على نفوذها المتراجع في العراق، فإن هذا التحول الاستراتيجي، الذي يتضمن تشابك طاقوي جديد مع تركيا والولايات المتحدة، قد يؤدي الى توتر العلاقات فيما بين بغداد وطهران.
ترجمة: وكالة شفق نيوز