شفق نيوز/ من "الأنبار هويتنا" الى "تحالف تقدم"، يطرح رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي نفسه على انه الشخصية الأكثر تمثيلا خاصة في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وبعض مناطق ديالى وكركوك وبغداد، ليعود، كما يأمل، الى رئاسة البرلمان لولاية ثانية، معززا بانخراطه في أصول اللعبة السياسية في بغداد، وتبادل الدعم السياسي مع قوى أساسية في الحياة السياسية العراقية.
الحلبوسي الذي يتمتع بسيرة مهنية لافتة للنظر، برغم كونه أصغر من تولى رئاسة البرلمان في تاريخ العراق الحديث، فهو من مواليد العام 1981، دخل البرلمان في العام 2014، وتولى فيه عضوية لجنة حقوق الإنسان، ثم عضوية اللجنة المالية التي تمسك بالعديد من خيوط النشاط المالي الكبير للحكومة، قبل ان يشغل منصب محافظ الانبار، ثم يفوز مجددا بمقعد برلماني في انتخابات 2018، ويتم ترشحيه لرئاسة مجلس النواب متفوقا على منافسيه المتعددين الذين يتمتعون بخبرة سياسية أوسع منه، بما في ذلك وزير الدفاع السابق خالد العبيدي ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي.
صحيح ان التصويت لم يحسم للحلبوسي سوى بعد اكثر من جلسة للبرلمان بسبب حدة التنافس بين القوى والكتل على امتلاك الحصة الاكبر من النواب من خلال التحالفات التي تلت ظهور النتائج، لكن ذلك لا يغير في واقع ان الحلبوسي، تمكن من نيل 169 صوتا، بعدما أحسن استقطاب الدعم من "كتلة البناء" المشكلة من فصائل الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري (الذي شكل فيما بعد تحالف الفتح).
وتعكس هذه الثقة التي نالها الحلبوسي قدرته على التفاهم، وهو يبدو شرطا من شروط العمل البرلماني، وخاصة رئاسة المجلس المتشابك القوى والتحالفات والمصالح، وهي لا شك بحسب المراقبين مهارة عززتها سنواته الأربع في رئاسة المجلس.
غير ان المعركة الانتخابية التي سيخوضها ربما تتطلب معركة "تكسير العظام" مع منافسيه الذين لا يمكنه الاستهانة بهم، وهم ان فازوا، قد لا ينازعونه فقط على رئاسة البرلمان لدورة 2021 الى 2025، وانما يسعون الى احتكار "الشارع السني" ايضا.
ولهذا، فإن الحلبوسي، من خلال "تحالف تقدم" يكثف جهوده لتهيئة جماهيره للمشاركة الفعالة في انتخابات العاشر من أكتوبر 2021، معتمدا على قواعده العشائرية وسكان المناطق التي شهدت أعمال عنف قاسية خلال السنوات الماضية لاسيما في معارك تحرير مدن ومناطق من سطوة داعش .
وتشير التقديرات الى ان "تحالف تقدم" ينظر بشكل خاص الى مناطق شعبيته في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وبعض أجزاء من ديالى وكركوك بالاضافة الى العاصمة بغداد، في حين ان عينه الاخرة منصبة على متابعة ما يمكن وصفه بانه المنافس الاكبر له المتمثل ب "تحالف عزم" بزعامة خميس الخنجر الذي تلمح أوساطه الى انه يتمتع بنفوذ مريح في نينوى وكركوك وصلاح الدين.
ولهذا، يقول مراقبون ان المعركة على "الزعامة السنية" لن تكون سهلة برغم الرصيد الجيد الذي يتمتع به الحلبوسي.
وقال مصدر مقرب من زعيم "تحالف تقدم" وفي حديث لوكالة شفق نيوز، "بحسب القراءة المتوفرة، سيحصد الحلبوسي اغلب الاصوات لاسيما في محافظة الانبار وتحديدا في مناطق الرمادي والفلوجة والصقلاوية اذ يحظى بشعبية كبيرة لدى سكانها على خلفية اهتمامه بتلك المناطق والمشاريع الخدمية التي اشرف بنفسه على الية تنفيذها فضلا عن حرصه الدائم لتهيئة فرص عمل مناسبة لشباب اغلب مناطق الانبار.
واوضح ان هذه العوامل مجتمعة اسهمت في تأسيس ثقل شعبي للحلبوسي وسيترجم ذلك عبر صناديق الاقتراع، مشيرا الى انه قد يحظى بالتسلسل الاول في قائمة الفائزين عن قائمة "تحالف تقدم".
وبرغم ذلك، فإن المصدر لم يستبعد الترويج لعمليات "طعن وتسقيط "ضد الحلبوسي بدعوى توظيف المال العام والنفوذ السياسي في حملته الدعائية او الضغط على الناخبين بالاقصاء او النقل بالنسبة للموظفين او المتعاقدين ضمن دوائر الدولة اذا لم يصوتوا لصالح الحلبوسي.
الا ان المصدر بدا مطمئنا بقوله ان "الحلبوسي يحظى بثقة (المكون السني) كونه ساهم وبشكل بارز في اعادة اعمار مناطقهم، وايضا تفعيل عجلة العمل والاستثمار في المحافظات ذات الغالبية السنية".
وحول ما يتردد بشأن سعي الحلبوسي لتولي رئاسة الجمهورية من خلال الاتفاق مع الكورد لتبادل المناصب السيادية، قال المصدر ان "طموح المكون السني لايتعدى رئاسة البرلمان كونه يصب في مصلحتهم باستصدار القوانين التي توظف لصالح الشارع السني وبالتالي لا يخدمنا اي منصب تشريفي مهما كان رفيع المستوى".
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر مطلع في الانبار لوكالة شفق نيوز ان "العلاقات الوثيقة التي يتمتع بها الحلبوسي مع الشركاء في العملية السياسية كافة داخل الانبار وخارج لاسيما بسبب العلاقات التي تحكمها المشاريع الاستثمارية التي لاتمنح لهذا الطرف او ذاك الا بموافقة ومباركة رئيس البرلمان وبعلم الحكومة الاتحادية وبالتالي اغلبهم (الشركاء) يخشون على مصالحهم مما يدفعهم لمنحه الثقة علما ان قيادات بارزة في تحالفات اخرى منافسة كانت أبدت الولاء والطاعة المطلقة للحلبوسي ودعمه للفوز بولاية نيابية ثانية".
واضاف ان "الانبار تدار شكلا من قبل محافظها ومضمونا من قبل الحلبوسي، وبالتالي فإن سكانها الذين يزيدون عن المليونين، نصفهم يحق لهم الانتخاب، سيصوتون لصالح الحلبوسي، ومن هنا يتبين كيف انه سيحصد اصوات الانبار التي قسمت الى 4 دوائر انتخابية يتنافس عليها 39 مرشحا أغلبهم من النواب وبعض المسؤولين في المحافظة".
من جهته، قال النائب فيصل العيساوي، المرشح عن "تقدم"، لوكالة شفق نيوز، ان "تحالف تقدم يشارك من خلال 124 مرشحا مقسمين على اكثر من 23 دائرة موزعة على 9 محافظات، ولايوجد للقائمة مرشحين في محافظات الاقليم"، مضيفا ان "كل المؤشرات والمعطيات ترجح حصولنا 50-58 مقعدا وستسجل محافظتي الأنبار وبغداد العدد الاكبر من أصوات الناخبين لصالح تحالفنا".
وفي اشارة الى المساومات التي ستحصل بعد ظهور نتائج الانتخابات، قال العيساوي "سندخل في تحالفات استراتيجية لتشكيل الكتلة الأكبر على المستوى الوطني لحسم امر تسمية الحكومة دونما مشاكل او اعتراضات"، مشيرا الى ان "تقدم" لا تسعى لأن تتصدى لمنصب رئيس الحكومة كونها تحرص على الحفاظ على منصب رئاسة البرلمان، لافتا الى وجود تفاهمات أولية جيدة مع الكتلة الصدرية، تحالف قوى الدولة الوطنية، والحزب الديمقراطي الكوردستاني، مما سيغير كثيرا في بوصلة المشهد السياسي للمرحلة القادمة".
وتابع انه "اذا ما تحقق العدد المطلوب بتحالف القوائم المشار إليها سنذهب باتجاه تشكيل الدولة بعيدا عن التحالف مع اطراف اخرى"، وذلك في اشارة الى "تحالف عزم".
ولم يستبعد العيساوي تجديد الولاية لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اذا اتفق الشركاء عليه، لكن هذا لايعني عدم وجود طموح للأفضل.
واعتبر النائب ان "التفاهمات الأولية بين الحلفاء المشار اليهم وضعت اسسا حقيقية للانطلاق بمراحل بناء الدولة وكلا منهم (مقتدى الصدر، مسعود بارزاني، وعمار الحكيم) لديهم طموحاتهم وخططهم المستقبلية واعتقد كل منهم متفهم لتوجه الآخر والتي يمكن ان تكون مشجعه للجميع".
وقال العيساوي "امر طبيعي ان يرافق التنافس الانتخابي محاولات للتسقيط واخرى للتشويه بهدف زعزعة ثقة الناخبين بمرشحيهم وهو ما سيكشفه صندوق الاقتراع وسيكون الرد حاسما ازاء تلك المحاولات".
الى ذلك، قال محافظ صلاح الدين عمار الجبر، المرشح عن "تحالف تقدم"، لوكالة شفق نيوز، ان "سكان المناطق المحررة ايقنوا ان تحالف تقدم اثبت على ارض الواقع حقائق ما ينادي به من اهداف ومبادئ بعيدا عن استغلال موارد الدولة او النفوذ السياسي، وانما من خلال الالتزام بالمهام التنفيذية بالشكل الصحيح بما يضمن حقوق مواطني محافظات صلاح الدين والانبار والموصل".
واعرب الجبر عن اعتقاده بامكانية حصول "تحالف تقدم" على 5 او 6 مقاعد عن صلاح الدين، خاصة في مدن بلد والعلم، مشيرا الى ان المحافظة تعول بذلك على مرشحيها النشيطين الذين يتجاوز عددهم 12 مرشحا موزعين على 3 دوائر انتخابية، ملمحا الى انه سيكون رقم واحد من حيث عدد الاصوات في المحافظة.
وذكر الجبر بان التحالف تعهد لمواطنيه بتحقيق مطالبهم في المناطق المحررة وحفظ كرامتهم من خلال التعامل مع سكان تلك المناطق على انهم مواطنون عراقيون من الدرجة الاولى، بالاضافة الى الكشف عن المغيبين في السجون. كما اشار الى تعهدات التحالف بشمول المحافظات بمشاريع واجراءات الاعمار والبناء بشكل استثنائي لاعادة الحياة، وتعويض المتضررين.
وحول ما اذا كان الجبر سيتم التجديد له في منصب المحافظ اذا ما فاز بالانتخابات، قال ان الامر يتوقف على قرارات القيادة ممثلة بزعيمها وهي التي تقرر ذلك.