شفق نيوز/ "أصبح لدينا اكتفاء بأعداد الموظفين بعد توظيف الكثيرين في الفترة السابقة والحالية، وفي ظل المعطيات الحالية سوف تكون وظائف القطاع العام بعد 10 سنوات من الآن لا تساوي سوى ما نسبته 1 إلى 2 بالمائة من القطاع الخاص"، بحسب مستشار لرئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني.
وكان السوداني، أكد في بيان، أول أمس السبت، حاجة العراق إلى عمل دؤوب لتنويع مصادر الاقتصاد، وتجاوز تقلّبات أسعار النفط الذي يمثل المصدر الأساسي للقطاع المالي والاقتصادي في البلاد، مشيراً إلى أن الاستمرار بسياسة التعيين في القطاع الحكومي أمر لا يمكن أن تتحمله الدولة.
وبناءً على ذلك، يؤكد اقتصاديون على أهمية تقديم الدعم المطلوب للقطاع الخاص لمساعدته في توفر فرص العمل، وأن يلعب القطاع المصرفي دوراً كبيراً في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التي يمتلكها القطاع الخاص وتطوير هذه المشاريع، وكذلك إشراك القطاع الخاص في صناعة القرارات الاقتصادية المهمة.
"اكتفينا بأعداد الموظفين"
يقول رئيس فريق ريادة، مستشار رئيس الوزراء، حسين فلامرز، إن "القطاع العام الذي هو التوظيف الحكومي، له حدود، وفي ظل كثرة الذين توظفوا في الفترة السابقة والحالية، أصبح هناك اكتفاء بأعداد الموظفين، وتبقى عمليات التوظيف القادمة لها علاقة بتوسع الخطط الحكومية في مجال التعليم والصحة والمجالات الأساسية التي لا تزال الحكومة هي التي تديرها وتوفر بناها التحتية أو موازناتها".
ويوضح فلامرز لوكالة شفق نيوز، أن "ما سبق ذكره يؤدي إلى تراجع التوظيف في القطاع العام مع تصاعد التشغيل في القطاع الخاص، حيث هناك شركات استثمارية أجنبية وهذه تحتاج إلى مشاريع صغيرة وهذه يقدمها المجتمع المحلي، لذلك بدأت الدولة تهتم بمراكز تدريب بالتعليم المهني".
ويؤكد، أن "القطاع الخاص يكفي الجميع، لأن أي شخص يوفر فرصة عمل لنفسه في القطاع الخاص سوف يعطي بالوقت ذاته فرصة عمل لغيره، ودائماً ما ينبني القطاع الخاص على الاحتياجات المحلية الحقيقية، أما في القطاع العام فهناك دوائر أثرها ليس كبيراً لكن وجودها مهم، وهذا غير موجود في القطاع الخاص، حيث لا تخلق فرصة عمل إن لم تكن هناك حاجة إليها".
ويشير إلى أنه "في ظل المعطيات الحالية سوف تكون وظائف القطاع العام بعد 10 سنوات لا تساوي سوى ما نسبته 1 إلى 2 بالمائة من القطاع الخاص، خصوصاً في ظل ارتفاع الموارد البشرية في العراق، حيث هناك زيادة أكثر من مليون نسمة سنوياً، وهذه تؤدي إلى وجوب تشجيع القطاع الخاص والسعي لزج جميع الإمكانيات وإعلان شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص من خلال إجراءات منها صندوق التنمية العراقي ومبادرة ريادة، من أجل صناعة قطاع خاص يلبي الاحتياج ويحقق طموحات الدولة وفي الوقت نفسه يوفر فرص عمل للشباب لكل المهارات والمواهب التي يمتلكونها".
ويوضح، أن "مبادرة ريادة التي أطلقها رئيس الوزراء في 4 آذار 2023 الهدف منها تشجيع القطاع الخاص وتشجيع الشباب للانخراط في سوق العمل بما يتناسب مع مهاراتهم وكذلك دراسة سوق العمل من خلالهم، حيث أثبتت الدراسات أن أفضل طريقة للوصول إلى فرصة عمل هي المشاريع الصغيرة، وأن مبادرة ريادة بما هيأت من تقديم التدريب والتسجيل واستخدام التطبيقات، أصبحت عملية الوصول إليها سهلة من قبل جميع المتدربين وخاصة من فئة الشباب".
الدعم الحكومي
"وتؤكد المادة 25 من الدستور العراقي على ضرورة قيام الحكومة بدعم وتطوير القطاع الخاص، بأن يكون له دور أساسي ومهم في التنمية وتوفير فرص العمل للعاطلين، ومساعدة الحكومة في التعيينات التي تجاوزت إمكانياتها بعد إضافة أعداداً كبيرة عامي 2023 و2024"، وفق مستشار رابطة المصارف العراقية الخاصة، سمير النصيري.
ويضيف النصيري لوكالة شفق نيوز، أن "تقديم الدعم المطلوب للقطاع الخاص ضروري لمساعدته في توفر فرص العمل، وهذا يعني أن يلعب القطاع المصرفي دوراً كبيراً في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التي يمتلكها القطاع الخاص وتطوير هذه المشاريع، وكذلك إشراك القطاع الخاص في صناعة القرارات الاقتصادية المهمة".
ويبين، أن "إشراك القطاع الخاص - عن طريق ممثليه - في اللجان المركزية المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء وهو المجلس الوزاري للاقتصاد وخلية الإصلاح الاقتصادي والمالي، ضروري ليشارك في مناقشة القرارات المهمة للاقتصاد وبما يدعم التنمية المستدامة".
ويتابع حديثه، أن "القطاع الخاص عندما يكون بهذا المستوى من الدعم الحكومي وبهذا المستوى من تبني المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، يستطيع توفير فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل بالاختصاصات كافة في المجال الصناعي والزراعي والسياحي والخدمي والصحي والعقاري".
وخلص النصيري إلى القول: "لذلك نؤكد على أهمية الدعم الحكومي وأن يكون للقطاع الخاص دوراً أساسياً ومهماً وفقاً لما ورد في استراتيجية تطوير القطاع الخاص للسنوات 2014 – 2030 ووفقاً لما ورد في خطة التنمية الوطنية 2024 – 2028".
إهمال القطاع الخاص
من جهتها، تشير عضو لجنة الزراعة النيابية، ابتسام الهلالي، إلى أن "القطاع الخاص مهمل ويعاني، حيث إن عدد المشاريع في قطاع إنتاج البيض والدواجن - على سبيل المثال - تراجع من 6 آلاف مشروع إلى ألفي مشروع، ومن بين الألفين مشروع بقي ألف مشروع فقط، في حين أن الألف مشروع المتبقية أيضاً في طريق الإزالة بسبب الإهمال، مع عدم إغلاق المنافذ الحدودية واتخاذ قرارات تدعم هذا القطاع".
وتضيف الهلالي لوكالة شفق نيوز، أن "لجنة الزراعة أنهت التصويت على قانون 35 وأرسلته للتصويت في مجلس النواب، ويعد هذا القانون مهماً، إذ يحتوي على فقرة تمنح الفلاحين الحق في إقامة مشاريع مثل معامل الأعلاف والدواجن مما سيسهم في توفير فرص عمل وزيادة الإنتاج الزراعي".
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي، مصطفى الفرج، أن "ما قامت به الحكومة من معالجات لخفض نسب البطالة وتشغيل اليد العاملة العراقية هي عقيمة ولا تتناسب مع حجم المشكلة الحالية، حيث هناك حوالي 35 بالمائة من البطالة وهذه النسبة معرضة للارتفاع بعد الإعلان عن توقف التعيينات".
ويؤكد الفرج خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "على الحكومة الاتجاه إلى الشريك الحقيقي وهو القطاع الخاص وتشجيعه لتشغيل اليد العاملة العراقية، لكن القطاع الخاص هو محارب من قبل الحكومة، فلا يوجد تشجيع له في ظل البيروقراطية والروتين القاتل، ما جعله يتراجع مسبباً زيادة بنسب البطالة في العراق".
ويكشف، أن "هناك حوالي مليون عامل أجنبي في العراق، منهم ما نسبته 30 إلى 50 بالمائة دخلوا إلى البلاد بصورة غير قانونية، وهذه العمالة الأجنبية زاحمت العامل العراقي وأنهكته، وبتقليص العمالة الأجنبية سيتم توفير فرص عمل للعمال العراقيين، في ظل وجود مليون ونصف المليون عاطل عن العمل عراقي".
ويدعو الفرج في نهاية حديثه "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى عقد ورش عمل للعمال العراقيين لمواكبة سوق العمل وتدريبهم على الأعمال مع حفظ حقوق العامل العراقي، وعلى وزارة التعليم العالي والجامعات العراقية تطوير مناهجها بما يتناسب مع سوق العمل في ظل تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي".