شفق نيوز/ لفت موقع "دويتشه فيله" الألماني الى وجود "جيش" في الشرق الاوسط ليس لديه اسلحة، وجنوده يعملون على "الإنترنت" فقط، لكن هذا لا يعني انهم ليسوا خطرين، فهم وراء حملات الكراهية لتخويف الناشطين والصحافيين والمعارضين.
جيش قمعي
وأوضح الموقع الألماني في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان مصطلح "الجيوش الالكترونية" شائع الاستخدام في الشرق الاوسط.
وتعتبر منظمة "آكسس ناو" المدافعة عن حرية الانترنت ان هذا الجيش عبارة عن مجموعة من الأشخاص "بهويات مزيفة يشاركون في منتديات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه رسالة معينة، أو قمعها".
ونقل الموقع عن المتخصص في المعلومات المضللة عبر الانترنت محمود غزيل قوله انه في الدول الغربية يوجه الناشطون الرقميين رسائل سياسية أو يضغطون من أجل التغيير، "ولكن في الشرق الاوسط، يمكنهم بسهولة قتل شخص. للاسف، لدينا بالفعل العديد من الامثلة على ذلك"، مشيرا على سبيل المثال الى اغتيال الناشطة العراقية ريهام يعقوب التي قتلت في آب/أغسطس 2020.
ويفترض أن يعقوب قتلت بسبب مشاركتها في احتجاجات مناهضة للحكومة. لكن الباحث في جامعة آرهوس في الدنمارك بن روبن دكروز، دقق في تفاصيل قضية يعقوب، واشار الى انه قبل اغتيالها، كانت اخصائية اللياقة البدنية البالغة من العمر 30 عاما قد انسحبت منذ فترة طويلة من التظاهرات.
وكانت ريهام يعقوب ضحية لنظرية مؤامرة تم الترويج لها على نطاق واسع اتهمت مجموعة من الشباب المحليين "بانهم عملاء في مؤامرة اميركية لتنظيم احتجاجات عنيفة في البصرة"، كما كتب روبن دكروز ل "مجلة مركز كلية لندن للاقتصاد".
والواقع هو أن المجموعة قد شاركت في برنامج القيادة الشبابية الممول من الولايات المتحدة. الا ان تقريرا لوكالة الانباء الايرانية "مهر" نشرت في 10 سبتمبر/أيلول 2018، أشارت إلى خلاف ذلك.
وفي العراق، يقول نشطاء؛ إن الجيوش الالكترونية الاكبر حجما ونشاطا هي تلك التي تعمل لصالح مجموعات الحشد الشعبي.
وأشار تقرير الوكالة الايرانية تحديدا الى الناشطين الشباب بشكل واضح، حيث نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يعقوب تظهر فيها الى جانب القنصل العام الأميركي السابق في البصرة، تيمي ديفيس.
وفي حين ان الاعضاء الاخرين في المجموعة فروا من المدينة او البلد، الا أن يعقوب لم تفعل، وفي 19 آب/أغسطس 2020 أطلق مسلح النار عليها في سيارتها.
وقال غزيل؛ إن "الجيوش على الانترنت قد لا تكون قادرة على الحاق اذى جسدي، لكن بامكانها ان تشوه سمعتك بسهولة. يمكنهم أيضا استكشاف اسرتك واصدقائك ووظيفتك وحتى عنوان منزلك".
الا ان العراق ليس البلد الوحيد في المنطقة الذي تتنامى فيه ظاهرة "الجيوش الالكترونية".
مطاردة المنشقين
وذكر "دويتشه فيله" ان المثال الابرز لمثل هذه التحرشات الالكترونية عبر الانترنت ربما يتمثل بقضية الصحافي والمعارض السعودي جمال خاشقجي الذي قتل داخل القنصلية السعودية في تركيا العام 2018.
واشار الى ان المحققين من شركة الاستشارات الامنية "مجموعة صوفان" الأميركية، حللوا التهديدات الموجهة ضد خاشقجي على وسائل التواصل الاجتماعي في العام 2020 وهي تشير الى وجود نمط من الترهيب والانتهاكات، والتي يمكن ربط مصدر العديد منها بالسعودية.
كما تظهر قضية "الجيوش الالكترونية" في الازمة الدبلوماسية في العام 2017 حول قطر حيث قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الامارة بسبب اتهامات بتدخل قطر في شؤون الدول الاخرى.
وفي ايلول/سبتمبر 2019 ، أعلن موقع تويتر انه الغى 271 حسابا كان هدفها شن حملات متعددة الاشكال تستهدف قطر ودولا اخرى مثل ايران و"تضخيم الرسائل المؤيدة للحكومة السعودية".
حيوانات رقمية مفترسة
وأشار الموقع الالماني ايضا الى ان تويتر ألغى أيضا 4248 حسابا آخر يعمل من داخل الامارات كان يوجه حملات دعائية ضد قطر واليمن.
كما اشارت منظمة "مراسلون بلا حدود" في قائمتها لعام 2020 لـ"المفترسين الرقميين"، إلى أن السلطات الجزائرية قدمت أموالا لـ"متصيدين" عبر الانترنت لتشويه سمعة الصحافيين الذين يغطون احتجاجات مناهضة للحكومة، كما أن اجهزة المخابرات السودانية ربما تكون وراء حملات تضليل مماثلة. ويقول باحثون ان بعض الحالات قد تكون واضحة، لكن غالبا ما يكون من الصعب معرفة بالضبط من يدفع الاموال او يتحكم في "الجيوش الالكترونية".
ونقل الموقع عن الاستاذ المساعد المتخصص في العلوم الانسانية الرقمية في جامعة حمد بن خليفة في قطر مارك جونز قوله "علينا أن نستنتج من قد يكونون من خلال المعلومات المضللة التي ينتجونها".
بالاضافة الى ذلك، أشار الموقع الألماني؛ إلى أن أطرافا ثالثة قد تشارك فيما يجري. فقد كتب باحثون من مرصد ستانفورد للانترنت مؤخرا: "أننا نشهد بشكل متزايد جهات فاعلة تابعة للدولة تستعين بجهات خارجية لتنفيذ عمليات التضليل". وقالوا ان هذا يمنح الحكومات مستوى معقولا من انكار مسؤوليتهم عن ذلك، وإذا تم حظر احدى الشركات المتورطة في الحملات، فإن اولئك الممولين يلجأون الى استخدام شركة اخرى.
وبطبيعة الحال هناك دول اخرى لديها "جيوش الكترونية". وفي تقرير العام 2020 ، ذكرت منظمة "فريدوم هاوس" انه في 39 من أصل 65 دولة شملها الاستطلاع ، وقد تم توظيف أشخاص من قبل القادة السياسيين "للتلاعب بالمناقشات عبر الانترنت".
ولكن "دويتشه فيله" تنقل عن خبراء قولهم "من المرجح جدا أن يكون الشرق الأوسط، كمنطقة، من أسوأ المشاكل مع الجيوش الالكترونية في العالم".
ورأى جونز؛ أن مشكلة الشرق الاوسط مع الجيوش الالكترونية قد تتعلق أيضا باللغة العربية حيث تزدهر المعلومات المضللة، معربا عن اعتقاده بأن جزءا من السبب في ذلك يتعلق بشركات وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تميل الى اتخاذ اجراءات ضد الحسابات التي لا تتحدث الانكليزية، او التي لا تؤثر بشكل مباشر على المصالح الأميركية.
ويعتقد غزيل من جهته، ان الامر يتعلق ايضا بالمناخ السياسي المضطرب، قائلا "تزدهر الجيوش الالكترونية في غياب سيادة القانون".
ترجمة: وكالة شفق نيوز