شفق نيوز/ حقق المسلسل العراقي "الجنة والنار" نقلة نوعية في الدراما العراقية بتأسيس مشاهد تعتمد على الواقعية من خلال حديث ممثليه باللهجة والمصطلحات العراقية الحقيقية دون اللجوء للتكلف، والاعتماد على ارتجال الممثلين في المشاهد دون وجود لنص مكتوب.
وبدأ في آب الماضي عرض مسلسل الجنة والنار من بطولة أمير عبد الحسين وسنان العزاوي وإخراج مصطفى الركابي، بعد 7 أشهر من التصوير وبمشاركة 164 ممثلاً، وصُوّر المسلسل الدرامي في محافظة ذي قار، ومن إنتاج "بيت الدراما في الناصرية"، وهو يمثّل صراع الخير والشر، وبعد عرض أول 5 حلقات منه، تلقى إشادة كبيرة من الأوساط الفنية والشعبية.
وعن تفاصيل العمل وظروف إنتاجه، يقول الفنان سنان العزاوي، إن "المخرج عمد إلى الاهتمام باللهجة الجنوبية كون الكثير من المسلسلات الدرامية لا تعنى بهذه التفاصيل الدقيقة من اللهجة والبيئة والسلوك، وبالتالي أن إحدى مقومات النجاح في هذه التجربة أن الممثلين من ذات البيئة، وبالتالي نجد الانتماء واضح بالبيئة من خلال المنطوق اللفظي وهذا ما حقق تماهي مع المتلقي".
ويضيف العزاوي لوكالة شفق نيوز، "ومن إحدى مفاجآت هذه التجربة وتميزها، هو أن المخرج كان يعي أن عملية رصد أي ظاهرة في المجتمع إذا تحولت إلى منطوق لفظي عبر نص درامي مكتوب، فإن هذا النص عند تناول هذه الظاهرة سيكون أعلى بلغة الخطاب، وبالتالي يخلق هوة بينه وبين المتلقي، وعليه عمد المخرج أن لا يكون هناك منطوق لفظي مكتوب بل سيناريو فقط".
وعن ظروف الإنتاج، يوضح العزاوي: "بقينا أكثر من شهر قبل التصوير نتعايش مع البيئة واجتماعات يومية يشرح فيها المخرج لنا علاقة الشخصيات مع بعضها ومع المكان، وذهبنا إلى مكان التصوير وتعايشنا ميدانياً وحتى نفسياً مع بعضنا، لذلك بتنا نعلم ومن الحلقة الأولى ما هي مساراتها وما هي أحداثها".
ويتابع، أن "المخرج كان يذهب قبل التصوير إلى شرح تفصيلي بأن هذا المشهد كان قبله هكذا مشهد وسيكون بعده هكذا مشهد، لنعلم إيقاع المشهد الحالي كيف سيكون وأحداث المشهد وتفاصيله كوننا عشنا كل تفاصيل الحدث والسيناريو وحفظناها عن ظهر قلب، لذلك كان الارتجال هو سيد الحدث الدرامي عبر المنطوق اللفظي ولم يكن هناك نص".
وعن أسباب نجاح هذا العمل، يؤكد العزاوي أن "الممثل عندما يكون باحثاً ويولي أهمية علمية لعمله الفني فإنه سيجتهد وهذا الاجتهاد يخلق التميز، وأنا من الممثلين المقلين في أعمالهم لكن اعتقد أن ظهوري مؤثر كوني أعمل في حفريات الشخصية وأنحت الشخصية بسلوكها ببعدها النفسي والطبيعي والاجتماعي، وبالتالي يكون هناك تميز".
أما فيما يتعلق بأهمية اختيار محافظة ذي قار في إنتاج المسلسل، يبين أن "هناك محسوبية وتكتلاتية في الأعمال الدرامية وطائفية انتقائية ومحسوبية خاصة في الكروبات التي تعمل في بغداد، وبالتالي فضيلة هذا العمل بعيداً عن جانبها الفني أنه فتح سوقاً درامية في الجنوب العراقي بفتح بيئة جديدة خرجت عن بيئة بغداد التقليدية وأعطى آفاقاً للكثير من الشباب الذين لديهم موهبة، لذلك من نجاحات هذه التجربة هو ظهور جيل واعي مثقف قارئ باحث ليكون متسيداً للدراما العراقية".
من جهته، يؤكد أمين سر نقابة الفنانين العراقيين، فاضل وتوت، أن "مسلسل (الجنة والنار) خرجوا فيه عن روتين إنتاج المسلسلات وكذلك في التسويق، فقد كانت خطوة ذكية منهم بأن تتولى المحافظات إنتاج المسلسلات وأن لا تبقى حكراً في بغداد، وذلك لوجود شركات اختصاص وممثلين في تلك المحافظات".
ويوضح وتوت لوكالة شفق نيوز، أن "هناك 49 معهد فنون جميلة في المحافظات وهناك كليات فنون جميلة في كل المحافظات تقريباً، وهؤلاء الذين يتخرجون غالبيتهم بلا عمل، لذلك كانت خطوة جريئة ومهمة وعمل مشجع، وهذه تعتبر ريادة لهم بإنتاج مسلسل بعقول وفنانين عراقيين خالصة وتحسب للناصرية".
وعن جانب التسويق، يقول وتوت، إن "المسلسل تم عرضه على منصة وهي خطوة ذكية للتسويق، حيث تأتي لهم أرباح من كل مشاهدة، بعد إن كانت الفضائيات هي التي تنتج المسلسلات لذلك هم خرجوا عن الروتين المتعارف عليه".
أما الناقد الفني، خالد الوادي، فقد رأى أن "العمل اعتمد بشكل كبير على التجريب، إضافة إلى حرية الحوار التي تركت للممثلين، ما خلق حالة من الفوضى الواضحة التي لا تمت للدراما التقليدية بصلة، كون العمل الدرامي عادة يعتمد على ثوابت لا يمكن تجاوزها وهي (السيناريو والحوار والإخراج وتعدد اللقطات) وغيرها من الثوابت التي تصنع الدهشة عند المتلقي".
ويضيف الوادي لوكالة شفق نيوز، "اعتقد أن العمل محاولة للخروج عن المألوف ومحاولة أيضاً لتأسيس مشهد درامي يعتمد على الواقعية وكسر السائد".