شفق نيوز/ طرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في خطاب له أمام "معهد السلام الأمريكي" في واشنطن أولويات السياسة الخارجية للحكومة العراقية، فيما أكد على "العلاقة الصحية" مع واشنطن، وأن مصالح بغداد هي التي تملي عليها طريقة التعامل مع روسيا وإيران والصين، أشار إلى أن حكومة محمد شياع السوداني تخوض معركة ضد الفساد والتي هي أصعب من معركة داعش.
وأوضح معهد السلام الأمريكي، في تقرير نشر باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، أن تصريحات حسين جاءت خلال زيارته الاخيرة الى واشنطن حيث القى كلمة امام المعهد الأمريكي، وضع خلالها أولويات الحكومة العراقية، وحدد المجالات ذات الاهتمام المشترك مع الولايات المتحدة، مدافعا في الوقت نفسه عن علاقات بغداد مع إيران وروسيا والصين التي لها خلافات مع الولايات المتحدة.
ونقل المعهد الأمريكي، عن حسين حديثه بشأن أولوية مكافحة الفساد، قائلا "نحن نعاني من الفساد، كما عانينا من داعش"، مضيفا ان "محاربة الفاسدين ليست سهلة، في بعض الأحيان تكون أكثر صعوبة من محاربة داعش".
الفساد والمزاد
وذكر التقرير الأمريكي، أن حكومات الغرب قلقة بشأن الفساد في العراق، الذي تصنفه منظمة الشفافية الدولية في ذيل مؤشر مدركات الفساد، مشيرا الى قضية الفساد الاخيرة المتعلقة بسرقة 2.5 مليار دولار من مصرف الرافدين المملوك للدولة فيما يصفه العراقيون بأنه "سرقة القرن".
وتابع التقرير، أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي فرض قيوداً على إمكانية العراق في الوصول إلى دولاراته في إطار محاولة للتعامل مع ظاهرة تبييض الأموال التي تعتبرها واشنطن تصب في صالح إيران وتساهم في تمويل الإرهاب.
وحول الخطوات المتخذة من جانب البنك المركزي العراقي، قال حسين إن قرارات البنك نفذت بالتنسيق مع وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي، مشيرا الى ان ازمة العملة انفجرت منذ ذلك الحين.
ونقل التقرير أيضاً، عن وزير الخارجية العراقي، قوله إن "بعض الناس يعتقدون أن الدولارات التي تأتي من (الولايات المتحدة) الى السوق العراقية (بدأت) تختفي"، مبيناً أن العراق الذي يعتمد بشكل كبير على الاستيراد، يستخدم هذه الدولارات في عمليات الشراء من شركائه التجاريين، بما في ذلك الولايات المتحدة وايران أيضاً.
ولفت الوزير، إلى أن العراق "عندما يشتري من كل هذه الدول، يدفع بالدولار"، لكنه ألمح بأنه على عكس التصور السائد في الغرب، فإن بعض عمليات التهريب للدولار تجري، موضحا "من المؤلم للشعب العراقي والحكومة العراقية ان يتم الحديث فقط عن تهريب الدولارات. هناك، بالطبع، بعض الأشخاص الذين يهربون الدولارات، مثلما يهربون العديد من المنتجات الاخرى".
وكرد على نظريات المؤامرة التي تقول إن "الولايات المتحدة تحاول تقويض حكومة السوداني من خلال تقييد تدفق الدولارات"، أشار حسين، إلى أن زيارته إلى واشنطن تبرهن عكس ذلك.. هذه هي العلاقة الاكثر صحة بين البلدين، عندما تتحدث عن مساعدة بعضكما البعض، وفهم بعضكما البعض، ودعم بعضكما البعض"، مؤكداً أن "هذه علاقة صحية للغاية مع الولايات المتحدة".
جذور المشكلة
واستعرض حسين، خلال كلمته للمعهد الأمريكي، تاريخ العراق الحديث، منذ الاطاحة بنظام صدام حسين قبل 20 عاما، ثم الغزو الامريكي، والحرب ضد داعش، والجدل بين اعضاء دول "أوبك" الذي ادى الى انخفاض أسعار النفط، و وباء كورونا.
وقال الوزير العراقي، إن مشكلات العراق "لها جذور"، إلا أن الوضع في العراق حاليا مختلف جدا، حيث ان الوضع الامني "يسير على ما يرام"، وان الارهابيين لم يعودوا يشكلون تهديدا كبيرا للمجتمع العراقي او نظامه السياسي، وبرغم ذلك، يجب ان نكون حذرين لأن الأمر لا يتعلق بالمقاتلين فقط، بل بالايديولوجيا.
وتابع حسين قائلا: إن هزيمة الارهابيين اكثر سهولة من هزيمة الفكر، وأن تحقيق هذا الهدف يتطلب "هجوما فكريا"، لافتاً إلى أن "عشرات الآلاف من النساء والأطفال في مخيم الهول في شمال شرق سوريا معرضون للتأثر بفكر داعش، وهو ما يتطلب استمرار الاهتمام من جانب العراق وسوريا والمجتمع الدولي.
مصالح مشتركة
وذكر التقرير ان حسين طرح بعض المجالات التي فيها اهتمامات مشتركة بين العراق والولايات المتحدة، موضحا انها تشمل معالجة التحدي الذي يمثله الارهاب والتغيير المناخي، كما لفت الى اهمية الاستثمار في الغاز العراقي، قائلا ان "الكل يدرك ان العراق بلد نفطي، لكن العراق يمكن ان يكون ايضا دولة غازية".
واشار حسين الى أن "مساعدة العراق في تطوير قطاعه الغازي، لن يكون مفيدا للعراق واقتصاده لوحده، بل سيفيد الدول الاخرى ايضا بما في ذلك الغرب"، مضيفا أن "اقتصادا عراقيا قويا، سيكون ذي فائدة للمنطقة ويستقطب اهتمام الشركات الامريكية".
وتابع التقرير انه يمكن ان يساعد تطوير قطاع الغاز الحكومة العراقية على تلبية احدى اولوياتها المتمثلة في تأمين امدادات كهربائية مضمونة للعراقيين، الا ان ذلك سيستغرق عامين لكي يتحقق، مرجحاً أن يشهد العراقيون "صيفاً صعباً".
العلاقات الخارجية
وبعدما ذكر التقرير أن بغداد تحولت الى خلية نحل من النشاط الدبلوماسي، حيث انه خلال الشهر الماضي فقط ، قام مسؤولون كبار من روسيا وايران والسعودية والمغرب، بزيارة العاصمة العراقية، نقل عن حسين قوله انه سيستقبل قريبا وزير الخارجية الايراني في بغداد.
وأضاف حسين: "نحن نفكر بمصالحنا في المقام الاول، المصالح الامنية والاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، ثم نبني علاقاتنا بناء على هذه المصالح".
واعتبر وزير الخارجية العراقي ان تجاهل الصين التي تربط العراق معها علاقة تجارية بقيمة 20 مليار دولار "أمراً مستحيلاً"، مشيراً إلى أن "للعراق ايضا علاقة طويلة الأمد مع روسيا، رغم تعقد علاقات العراق مع روسيا بسبب العقوبات الدولية المفروضة على موسكو ردا على حربها في أوكرانيا.
وأوضح أن "العقوبات جعلت من المستحيل على العراق ان يدفع لشركائه الروس التجاريين"، مردفاً بالقول: "مسؤوليتنا هي حماية بنوكنا".
وأضاف أن "العراق ناقش هذا المازق مع المسؤولين الامريكيين والروس. واشار الى انه بالنسبة الى بعض الشركاء التجاريين الاخرين لروسيا، فان موسكو تركت اموالها مودعة في بنوك تلك الدول، ملمحا الى امكانية ترتيب مماثل مع العراق".
وختم وزير الخارجية العراقي حديثه بالقول، إن "لدى بغداد علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ومع ايران أيضاً"، ورغم إقراره بالتوترات بين واشنطن وطهران، أعرب حسين، عن أمله في أن تستأنف الولايات المتحدة وايران قريبا الحوار النووي الذي توقف في فيينا، مردفاً: "نقول للطرفين إن التوترات بين البلدين ليست جيدة، بالنسبة لنا".