شفق نيوز/ اكدت النائبة الديمقراطية الامريكية اليسا بلير سلوتكين التي أعربت عن قلقها بشأن الوجود المسيحي في العراق، وتحدثت عن "محاصرة" قراهم من جانب "ميليشيات مقربة من إيران"، أن الولايات المتحدة تعلمت "الدروس المؤلمة" من وجودها خلال العقدين الماضيين في العراق، وان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عبر عن رغبته في تعزيز العلاقات مع واشنطن، وأن لا تقتصر على الجانب العسكري، وإنما على الجوانب الاقتصادية والثقافية، وهو ما قد يعوض عن "الاخفاقات الاستراتيجية" الأمريكية. 

جاء ذلك في مقابلة مع النائبة سلوتكين التي شاركت في جولة أمريكية في المنطقة شملت العراق، بما في ذلك بغداد واربيل وغيرهما، أجراها موقع "العرب الأمريكيين نيوز" الأمريكي.

وذكر الموقع في تقرير نشره باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، ان سلوتكين قامت بجولة استمرت 9 أيام الى الشرق الاوسط، ضمن وفد ضم أعضاء لجنة شؤون المحاربين القدامى في مجلس النواب، وشملت العراق والأردن والكويت. 

واشار التقرير، الى ان الوفد الامريكي أمضى يومين في كل بلد، الا ان معظم الوقت أمضاه في بغداد بالاضافة الى اربيل التي وصفتها بأنها "المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في اقليم كوردستان". 

ووصف التقرير الأمريكي، سلوتكين أنها على اطلاع جيد بالعراق، حيث شاركت بثلاثة مهمات عمل في العراق مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وعملت مع الجيش الأمريكي، وكانت تزور العراق مرارا خلال الأعوام 19 الماضية. 

وخلال زيارتها الاخيرة الى العراق، التقى الوفد الأمريكي مع السوداني، بالاضافة الى مجموعة من الناشطين الحقوقيين في المجتمع المدني والإعلاميين وعدد كبير القادة الكورد الايزيديين والمسيحيين في شمال العراق، بالاضافة الى قيام أعضاء الوفد بزيارات إلى مناطق شيعية وسنية، بالاضافة الى اربيل حيث أتيح لهم الاستماع الى رؤساء بلديات قرى مسيحية في سهل نينوى. 

وعندما سئلت سلوتكين عن ظروف حياة المسيحيين الكلدان، قالت النائبة الامريكية ان "وضعهم صعب للغاية لان الميليشيات المدعومة من ايران تحاصر العديد من هذه القرى وتتحكم في الدخول والخروج"، مضيفة ان "هذه القرى تقع على طريق استراتيجي مهم يمتد من إيران عبر العراق وسوريا وصولا الى لبنان". 

وتابع سلوتكين ان "الميليشيات مهتمة بقوة بأن تسيطر على التحركات حول هذه القرى، وهو ما يتسبب في تقييد حياة المسيحيين العراقيين بدرجة كبيرة". 

وأضافت، أنه يتحتم على المسيحيين أن يعبروا من خلال عدة نقاط تفتيش لمجرد محاولتهم التنقل من قرية الى اخرى او التوجه الى المدن القريبة". 

واشارت الى ان "العديد من الناس، وخصوصا المسيحيين الذين غادروا عندما بدأ تنظيم داعش الحرب في العام 2014، لم يعودوا حتى الآن بسبب عدم الاستقرار ووجود الميليشيات في المنطقة". 

ولفتت سلوتكين إلى أنها ترغب في استمرار تواجد المسيحيين في العراق باعتباره مهد المسيحية، مشيرة إلى أنه كان من الصعب عليها الاستماع بشكل شخصي إلى روايات العديد من رؤساء البلديات والقادة الدينيين المسيحيين حول المدى الذي وصل إليه "تقييد حياتهم في العراق". 

وردا على سؤال حول تراجع أعداد الكلدان في العراق منذ الغزو الأمريكي وكيفية تفسير الهجرة الجماعية للمسيحيين خلال فترة السيطرة الأمريكية على البلاد، لفتت سلوتكين إلى وجود عدة مراحل لما حدث. 

واوضحت ان احدها تتمثل في أنه عندما كان صدام حسين حاكما للعراق، "هاجر العديد من المسيحيين، بما في ذلك الى الولايات المتحدة، ممثلين جالية كبيرة في ميشيغان"، مضيفة انه خلال مرحلة الاضطراب التي تلت الغزو الأمريكي، تواصل تزايد عدد المسيحيين المغادرين من العراق. 

وتابعت النائبة الأمريكية أنه بعد استقرار الامور، راح تنظيم داعش يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا في العام 2014، واستهدف الاقليات في العراق بالاعتداءات، وكان الايزيديون على رأس قائمة المستهدفين، بالاضافة ايضا الى المسيحيين الذين استهدفوا بشكل مركز من جانب المتطرفين، ولهذا فإن نحو نصف المسيحيين في العراق غادروا خلال الفترة ما بين عامي 2024 و2015.

ووصفت ما جرى بأنه "وضع حزين"، الا انها اشارت الى الاقليات تتأذى عموما في ظل أوضاع غير مستقرة سياسيا وعسكريا في بلد ما، وهو ما كان يجري مع المسيحيين والايزيديين في العراق خلال الأعوام 20 الماضية. 

وبعد الإشارة الى الاوضاع المعيشية المتردية التي يعيشها العراقيون، وخصوصا الاقليات، وما إذا كانت الولايات المتحدة تتحمل أي مسؤولية عن هذا "الوضع المحزن"، قالت النائبة الامريكية "اعتقد ان الامر يعتمد على من تتحدث معه في الحكومة الأمريكية"، مضيفة أن الولايات المتحدة "قد تعلمت بالتأكيد بعض الدروس المؤلمة في كل من العراق وافغانستان". 

وانتقدت النائبة الادارة الامريكية خلال العام 2003 لانها اعتقدت ان الغزو سيكون قصيرا وسريعا وأخطأت بشكل كامل في إدراك حجم صعوبة ان تحاول ان تكون هي بمثابة الحكومة لدولة أخرى. واضافت انها لا تعتقد ان هناك اي امريكي "يعتقد ان وجودنا طويل الأمد في مكان مثل العراق كان استثمارا استراتيجيا جيدا". 

ولفتت إلى أن ذلك "جعلنا أمة اكثر ضعفا، وجعل العراق في حالة فوضى كاملة. لا استطيع ان اتكلم نيابة عن الجميع، الا انني اظن انه لا يمكن لأحد ان ينظر الى غزونا للعراق و يتملكه الشعور بأنه كان انتصارا استراتيجيا". 

السوداني

وحول لقاء الوفد الأمريكي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قالت سلوتكين انها "عندما كنا نتحدث مع السوداني، كان يحثنا بالفعل ليس على تعزيز العلاقة العسكرية فقط، وانما ايضا العلاقات الثقافية والاقتصادية، وهو يريد تعزيز التجارة والفرص، وزيادة عدد الطلاب العراقيين الذين يدرسون في الولايات المتحدة، ويريد التحدث عن الزراعة والمياه". 

وأضافت أنه بالنسبة إليها، فإن مسعى السوداني يمثل "الطريقة التي نحاول من خلالها تعويض بعض الاخفاقات الاستراتيجية عبر إنشاء علاقة أكثر قوة حول القضايا غير العسكرية، مع دولة العراق". 

وحول "الحكومة الطائفية" التي أنشأتها واشنطن في العراق وفشلها في تحقيق احتياجات العراقيين، وما إن كان بإمكان الكونغرس ان يفعله في هذا الصدد، قالت النائبة الأمريكية ان هذا الموضوع هو "جزء من سبب ذهابي الى العراق"، مشيرة الى العدد القليل من أعضاء الكونجرس الذين يزورون العراق في الوقت الحالي. 

وقالت "أمضيت عيد الشكر هناك لانني اريد للعراق النجاح. اريد اكتشاف ما يمكن ان يفعله أعضاء الكونجرس لمساعدة بلادهم على النجاح، ولهذا فقد كنا الوفد الأول من الكونجرس الذي يلتقي رئيس الوزراء الجديد السوداني". 

وتابعت، أن اللقاء مع السوداني كان بهدف أن "يتمكن من ابلاغنا ببعض الأمور التي يحتاجها من أجل تحقيق الاستقرار في البلد". 

ولفتت إلى أنه فيما يتعلق بالعنف الطائفي، فان واشنطن فشلت في أن تشكل نظام حكم بامكانه العمل بعيدا عن الطائفية، مضيفة انه من اجل ذلك فان هناك حاجة لكي يتقدم القادة العراقيون و يقومون بالتصدي لبعض الطائفية الموجودة. 

وقالت سلوتكين أن الوفد الأمريكي كان في العراق "من أجل معرفة اولوياته ومعرفة ما يعتقد انه بامكاننا القيام به من أجل تعزيز الاستقرار"، مشيرة مثلا الى السعي لمعرفة اين بالإمكان التعاون حول مسائل مثل جودة المياه والتجارة ونحمل ذلك إلى واشنطن. 

وتابعت أن الزيارة كانت بعد ذلك الى شمال العراق من اجل محاولة حماية الأقليات التي لا تزال في حالة نزوح، مشيرة الى ان الايزيديين يعيشون في المخيمات وليس بمقدورهم العودة إلى بلداتهم الأصلية. 

وفي الختام، سئلت سلوتكين عن الأمر الوحيد التي تود ان يعرفه الأمريكيون العرب وفي ميشيغان تحديدا عن زيارتها الى العراق ولم ينشر في وسائل الإعلام الرئيسية، فقالت إنها "قدمت ثلاث جولات هناك، وشاهدت العراق عن كثب"، مضيفة "التقيت بزوجي في قصر لصدام حسين، للعراق مكانة في قلبي، وانا مهتمة به واود بصدق النجاح للعراق، واريد ان استخدم حبي للبلد لكي اجعله مكانا يريد الناس أن يعيشوا فيه والاستثمار فيه. واريد ان اكون شريكة جيدة لمجتمع ميشيغان الذي بامكانه ان يقدم الكثير من اجل مستقبل العراق".