شفق نيوز/ تتضارب أسباب توقف التاكسي النهري في العراق، بين "أعمال صيانة" بعد تعرض زوارقه في بغداد إلى حادث حريق العام الماضي، فضلاً عن "أسباب أخرى" بحسب وزارة النقل العراقية، وبين وجود "تداخل في عمل المراسي"، الأمر الذي تسبب بتوقف المشروع في جميع المحافظات باستثناء البصرة، وفق لجنة النقل في مجلس النواب العراقي.
يأتي ذلك، في وقت يؤكد خبراء اقتصاديون على أهمية التاكسي
النهري في تحسين نظام النقل وتقديم فوائد متعددة، لكنه يعاني الإهمال حاله كحال
بقية المشاريع المهمة المهملة في البلاد.
ويعمل مشروع التاكسي النهري في البصرة بشط العرب، وبابل
في شط الحلة، والنجف بالكوفة، بحسب المتحدث باسم وزارة النقل، ميثم الصافي، مؤكداً
أن "هناك مساعٍ لتشغيله في محافظات أخرى أبرزها في نينوى وصلاح الدين لارتفاع
منسوب المياه، وكذلك في ذي قار باعتبار أن المحافظة تحتوي على معالم حضارية وأثرية".
أسباب التوقف
أما عن توقفه في بغداد، فأوضح الصافي، لوكالة شفق نيوز،
أن "توقف مشروع التاكسي النهري في بغداد يعود لأسباب متعددة أبرزها لأعمال
الصيانة بعد تعرض زوارق التاكسي النهري إلى حادث حريق في العام الماضي".
وأضاف: "تم وضع خطة جديدة لتفعيل هذا المشروع مرة
أخرى في بغداد، وكذلك تم وضع دراسة لأعداد الزوارق، وهناك تنسيق مع وزارة الموارد
المائية لتحديد المناطق الصالحة لمرور الزوارق حيث إن منسوب نهر دجلة في ارتفاع
وانخفاض".
وواصل الصافي، حديثه بالقول: "كما تم التباحث مؤخراً
لإنشاء 22 محطة والاستفادة من ضفاف نهر دجلة، حيث إن ممرات التاكسي النهري في
بغداد تساهم في فك الزخم المروري وتضيف جمالية لنهر دجلة، وسيتم إعلان موعد
الانطلاق في وقت لاحق".
وفي تموز 2023، اندلع حريق في زوارق داخل نهر دجلة قرب
مدينة الطب وسط العاصمة بغداد، وقال الصافي في حينها لوكالة شفق نيوز، إن
"ستة زوارق تعمل ضمن مشروع التاكسي النهري على نهر دجلة، تعرضت للاحتراق،
وأسفر الحادث عن إصابة خمسة موظفين ضمن المشروع بجروح طفيفة".
ويتمتع العراق بوجود الأنهر في جميع المحافظات، وهذه يمكن
استثمارها لحل مشكلة النقل باستخدام التاكسي النهري، وفق رئيس لجنة النقل النيابية، زهرة البجاري، مبينة
أن "التاكسي النهري يعود إلى شركة النقل البحري، وهو يعد أحد الوسائل لتقليل
الازدحامات واختصار الوقت بأقل كلفة".
وعن توقفها، نوهت البجاري، خلال حديثها للوكالة إلى أن
"التوقف ليس في بغداد فقط وإنما في كل المحافظات، ما عدا مرسى واحد على شط
العرب في البصرة، للنقل بين الجانب العراقي والإيراني"، عازية سبب توقفها،
إلى وجود "تداخل في عمل المراسي بين وزارة النقل (شركة النقل البحري)، ووزارة
الموارد المائية، وكذلك البلديات في كل المحافظات ومنها أمانة بغداد".
وأكدت "تشكيل لجنة لحل هذه الإشكالات الحالية وآلية
العمل، وبعد حل المشاكل سيتم تحويلها إلى المستثمرين لأنهم أكثر حرصاً على نجاح
المشروع، لذلك هناك مساعٍ لإعلانها مشاريع استثمارية وفتح مراسي في كل المحافظات".
وانطلق مشروع التكسي النهري في العراق، في حزيران 2023،
بعد غياب لسنوات عدة، ويهدف هذا المشروع الذي أطلقته وزارة النقل، التخفيف من
الزخم المروري الحاصل في شوارع العاصمة بغداد على وجه الخصوص.
أهمية التاكسي النهري
وفيما يخص أهمية التاكسي النهري وخاصة في بغداد، لفت
الخبير في مجال النقل، باسل الخفاجي، إلى أن "بغداد تشهد زحمة سكانية كبيرة
فبعد أن كانت مليوني نسمة وعدد السيارات لا يتجاوز 200 ألف سيارة، حالياً وصلت إلى
حدود 11 مليون نسمة مع 4 ملايين سيارة، في حين لا زالت الشوارع على حالها".
وذكر الخفاجي، لوكالة شفق نيوز، أن "مشروع التاكسي
النهري فيه فائدة للمواطن البغدادي، حيث هناك المئات من طلبة جامعة بغداد في منطقة
باب المعظم يستخدمون التاكسي النهري للتنقل، كما هناك من يستأجره لرؤية جمالية
بغداد، لكن بسبب الإهمال وعدم معرفة قيمة هذا المشروع رغم بساطته، حال دون نجاحه".
وهذا ما أكد عليه أيضاً الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، قائلاً
إن "التاكسي النهري له أهمية كبيرة في العراق، ويمكن أن يلعب دوراً كبيراً في
تحسين نظام النقل وتقديم فوائد متعددة، أولها تقليل الازدحامات المرورية والتلوث،
وتسريع النقل والتشجيع على السياحة وتقديم خيارات نقل مرنة أكثر من التاكسي العادي".
من جانبه، أشار الباحث بالشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إلى
أن "النقل النهري كان رائجاً في العقود الماضية في العراق على طول نهريه دجلة
والفرات وتحديداً في المناطق الوسطى والجنوبية، ولما له من أهمية عندما كانت
الجسور قليلة والمسافات متباعدة، ويستخدم لنقل الأفراد والبضائع بين ضفتي النهر،
ويشكل عاملاً من عوامل النقل الأساسية المساهمة في اقتصاد البلد".
وقال عيد، لوكالة شفق نيوز: "أما في الوقت الحاضر
ومع انتشار الجسور وطرق النقل على نطاق واسع فأهميته تكمن في الجانب السياحي،
ويشكل عاملاً مهماً من عوامل الجذب السياحي، كما يعد مشروعاً ناجحاً في تحقيق
عوائد مالية جيدة وتشغيل أيادٍ عاملة".
ومن الناحية العملية، فإن مشروع التاكسي النهري - وفق عيد
- يعد "ناجحاً في المناطق المكتظة والمزدحمة، واللجوء اليه يعد وسيلة مهمة
لفك الاختناقات المرورية، ووسيلة نقل سريعة بالنسبة للطلاب والموظفين من سكان
مناطق الضفتين".
وخلص الخبير الاقتصادي، في نهاية حديثه، إلى القول إن "اهمال
هذا المشروع لا يختلف عن بقية المشاريع المهمة المهملة كما هو حال قطاعات كثيرة في
العراق لم تستثمر بالشكل الأمثل لتحقيق مردود اقتصادي إضافي للدولة العراقية".