شفق نيوز/ تتميز محافظة بابل والمعروفة بـ"بوابة الإله" حسب معاني اللغة الأكدية، بوجود المئات من المواقع الأثرية والسياحية المهمة فضلاً عن المزارات الدينية وغيرها، كما هناك الكثير من المواقع التي لم تستثمر بعد، لكن السياحة فيها لا تصل إلى نسبة 5 بالمائة بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة للمواقع الأثرية والسياحية، وفق مراقبين، مؤكدين على ضرورة تنشيط الصناعة السياحية في بابل والعراق عموماً كونها تعتبر رافداً مهماً من روافد الاقتصاد للبلاد.
ويعد العراق، أحد أكثر البلدان العربية من حيث تنوع المناطق السياحية والأثرية، حيث تتوفر مئات المناطق السياحية من أقصى شمال البلاد إلى جنوبها، لكن الحروب والأزمات المتلاحقة منذ عقود، أدت إلى إهمال الملف السياحي من قبل الجهات المعنية وخاصة في محافظة بابل.
وتقع مدينة بابل على بعد نحو (90) كم جنوب بغداد، ونحو (10) كم شمال مركزها مدينة الحلة، ويمكن الوصول إليها بالطريق البري (بغداد – الحلة)، وتعتبر مدينة بابل الأثرية من أشهر المدن القديمة التي ورد ذكرها في الكتب السماوية، وتغنى الكتاب والرحالة بعظمتها وجمالية وروعة أبنيتها وثقافة شعبها وعدت أسوارها وجنائنها المعلقة من بين عجائب الدنيا السبع.
وأكد مواطنون أن المواقع الأثرية والسياحية في محافظة بابل تمثل متنفساً للأسر وواجهة اقتصادية وثقافية للبلاد، لكن ما تشهده من واقع لا يتناسب مع مكانتها الحضارية والتاريخية، مطالبين بضرورة الاهتمام بالقطاع السياحي كونه يعتبر الدخل الأساسي الأول في العديد من دول العالم.
وقال أبو حسن من بغداد، إن "بابل تمتاز بإرثها الحضاري والتاريخي وفيها العديد من المواقع الأثرية والسياحية، لكن عند القدوم إليها وخاصة أوقات المناسبات في مهرجان بابل نواجه مشكلة في السكن، حيث إن بابل تفتقر للفنادق ما نضطر للرجوع في اليوم نفسه أو الذهاب إلى محافظة كربلاء المجاورة لتوفر الفنادق فيها".
وأشار المواطن خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "محافظة بابل يلاحظ فيها قلة اهتمام بالمرافق السياحية من قبل الحكومة المحلية، لذلك الكثير من الوافدين إليها يواجهون مشكلة في السكن إلى جانب الإهمال في المرافق السياحية".
"إهمال متعاقب
من جهته، ذكر رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة بابل، محمد المنصوري، إن "هناك إهمالاً من قبل الحكومات المتعاقبة للمواقع الأثرية والسياحية، كما لا توجد رؤية حقيقية وعقول نيرة للنهوض بها، لذلك يلاحظ هذا الواقع في محافظة بابل نتيجة المحافظين السابقين والمحاصصة، كما أن استقطاب الزوار يتأثر تأثراً شديداً بالواقع العراقي خصوصاً في العقدين الأخيرين الذي كان نافراً للسياح من حيث الوضع الأمني".
وأشار المنصوري، خلال حديثه للوكالة إلى أن "هناك الكثير من المنتجعات في بابل منها المسرح الإغريقي أو ما يسمى بالمسرح البابلي الذي عادة ما تقام عليه المهرجانات، كما هناك مدينة كيش وكوثى في شمال بابل والبرس في مدينة الكفل على بعد 25 كم، لكن ركام السلبيات التي عانت منها بابل حالت دون تسليط الضوء على المرفق السياحي الهام الذي هو من بين عجائب الدنيا السبع".
وعن إهمال المواقع الأثرية خاصة التي لها أصل ديني، لفت إلى أن "هذا يتأثر بالمنطقة الديمغرافية التي تتأثر بالطقوس الدينية، حيث إن المؤسسة العراقية لا تنظر بنظرة ثاقبة إلى هذه الأمور، فهي معالم أثرية ليس لها علاقة بالدين، ويجب علينا جعل بابل محط رحال السواح لتلاقح الثقافات والمصادر المالية، وهناك بوادر في الأفق لتطوير هذه المدينة وتخصيص أموال كافية للنهوض بالواقع البابلي، وأن الأمور تسير على نحو جيد".
وعن قلة الفنادق، قال المنصوري إن "القصر الرئاسي سيتم تحويله إلى متحف، وهناك من 4 إلى 5 منازل التي تحيط به شبه منتجعات، كما هناك 14 سويت، وهذه لا تكفي للسياح القادمين من خارج العراق، لذلك هناك حاجة لبناء مؤسسات اسكانية للسائحين أو تأهيل فندق بابل على أقل تقدير".
نشاط أقل من 5%
بدوره، أوضح الخبير والباحث في علوم السياحة والآثار والتراث، عايد غالب الطائي، أن "في محافظة بابل، هناك المئات من المواقع الأثرية والسياحية المهمة فضلاً عن المزارات الدينية وغيرها، كما هناك الكثير من المواقع التي لم تستثمر بعد، وهذا يعود إلى عدم الإدراك بهذا الصناعة السياحية التي تعتبر رافداً مهماً من روافد الاقتصاد للعراق".
وبين الطائي للوكالة، أن "محافظة بابل بحاجة إلى الكثير من المقومات التي تؤهلها للنهوض بالواقع السياحي، حيث إن السياحة فيها لم تصل إلى نسبة 5 بالمائة لأسباب عديدة، أهمها ضعف البنية التحتية وعدم الاستقرار الأمني، وذلك لأن السائح الأجنبي يرغب بالتنقل بحرية تامة وزيارة أكبر عدد ممكن من المرافق والأسواق وأن يلتقي بالمجتمع ليتعرف على ثقافته، لكن المواصلات وطرق النقل غير جيدة، والتعامل التكنولوجي والإلكتروني ليس بالمستوى المطلوب، فضلاً عن الشركات السياحية التي دون مستوى الشركات الموجودة في دول العالم".
وأكد أن "تنشيط السياحة في بابل يحتاج إلى جهود مشتركة من قبل الفرد والمجتمع ومن قبل مؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فضلاً عن الحاجة الملحة لإقامة ورشات عمل مشتركة، وأن تنشيط القطاع الخاص هو عامل مهم من عوامل التنافس ما بين الشركات وهذا يعطي نتيجة مثمرة بإعداد النقاط المهمة والتفصيلية في سبيل إنجاح النهوض بالواقع السياحي في بابل والعراق".
ودعا الطائي في ختام حديثه، الحكومة المحلية والجهات التنفيذية إلى "السعي لإبراز محافظة بابل بالشكل الجيد من خلال وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية وإقامة المؤتمرات والندوات التي تعنى بهذا المجال، فالمحافظة بحاجة ماسة إلى مثل هكذا نشاطات لتكون بمرتبة متقدمة في هذا الجانب الاقتصادي المهم".
يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وافقت في الخامس من شهر تموز/يوليو 2019، على إدراج بابل ضمن لائحة التراث العالمي.