شفق نيوز/ بالتزامن مع حالة الاستقرار الأمني والمضي قدماً في مشاريع إعادة إعمار محافظة الانبار غربي العراق، عاد مشروع "إقليم الانبار" إلى الواجهة مجددا بين سكان المحافظة مع قرب الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وتتهيأ أحزاب وشخصيات للدخول في سباق الانتخابات المقبلة عبر تبني خطاب مؤيد للمشروع على اعتبار أنه يلقى ترحيبا شعبيا في المحافظة.
كما أن إقليم الأنبار بات من المواضيع الساخنة لرواد منصات مواقع التواصل من أبناء المحافظة، بل حتى وصل إلى أحاديث التجمعات العشائرية في الرمادي والفلوجة وهيت ومدن أخرى رئيسة بالمحافظة.
ويرى مؤيدو المشروع إنه يمثل "حلا لمشاكل المحافظة، ويهدف للقفز من قارب الفشل المزمن الذي يتلبس الدولة العراقية، ومحاولة تكرار تجربة إقليم كوردستان الناجحة في هذا الشأن".
وفي السياق ذاته، قال عضو بارز في البرلمان العراقي، إن "كتلة سياسية بارزة في المحافظة، سترفع شعار إقليم الانبار ضمن حملتها الانتخابية، بعيدا عن طروحات الإقليم السني الذي يروج له البعض بل إقليم إداري للمحافظة فقط وفقا للدستور".
وأضاف، في حديثه لوكالة شفق نيوز مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "الانبار تعادل مساحتها دولة مثل الأردن، وأكبر من ثلاث دول خليجية مجتمعة، وهي حدودية مع ثلاث دول جوار وتمتلك مؤهلات".
وأشار المصدر إلى أن "الناس في المحافظة يؤيدون الخروج بإقليم إداري ضمن العراق الاتحادي يبنون به محافظتهم بعيدا عن الفوضى التي تعصف ببغداد وتشل باقي المحافظات معها".
وزاد أن "أكثر من 90 بالمائة من سكان الانبار يؤيدون المشروع الذي يجب أن يكتمل دستوريا بعد عودة مجالس المحافظات، إذ ينص الدستور على تصويت المجلس على المشروع وإرساله للسلطات الاتحادية حتى تتولى مفوضية الانتخابات تنظيم استفتاء شعبي حول ذلك".
وكانت الأنبار ساحة لأعمال العنف والهجمات على مدى سنوات طويلة، إلا أنها تشهد استقراراً أمنياً ملحوظاً منذ إعلان هزيمة داعش في العراق عام 2017.
وتشهد المحافظة وتيرة متسارعة لأعمال إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب.
المواطن أوس مصلح (38 عاما) ويعمل في مجال تصليح المدافئ النفطية، قال لوكالة شفق نيوز، إن اليوم الذي تصبح فيه محافظة الأنبار إقليماً سيكون بمثابة يوم عيد بالنسبة له.
وأضاف، "عشت في أربيل عامين ونصف، وآمل أن تكون الانبار مثلها، فهناك قانون واحترام للناس، لا مليشيات ولا حاج ولا معمم ولا ضابط ولا مسؤول ولا شيخ عشيرة. فالقانون في إقليم كوردستان يسري على الجميع".
وأشار إلى أن "هذا هو سر تطور إقليم كوردستان"، مضيفا أن ""المستوى المعيشي والنظام في أربيل أفضل من بغداد بأضعاف المرات، بل لا يمكن حتى المقارنة من حيث الامن والقانون واحترام المواطنين".
وتابع مصلح أن "شعارات الوطنية استهلكت والناس تريد أن تغلق أبوابها وهي آمنة على نفسها، ونعتقد أن خروجنا بإقليم سيكون بداية ممتازة ليس للأنبار بل ستحفز العراقيين على التفكير بأن الخلل في المركز ببغداد وليس فيهم".
بدوره، قال أحمد العلواني (41 عاما) وهو أستاذ في مدرسة أهلية بالرمادي إن الأنبار بحاجة إلى شخصية قادة فذة لنجاح تجربة الإقليم.
وأضاف لوكالة شفق نيوز، "لا أمل بأي تقدم وبغداد تفقد السيطرة مع فوضى الميليشيات. نأمل أن تكون الانبار إقليميا شرطتها وقواتها الأمنية منها ومن أبنائها، وبالتالي يكفون أنفسهم شر الإرهاب وشر دعاة الحرب على الإرهاب وهم ينفذون اجندات خارجية".
وتابع بالقول، "لكن الانبار بحاجة إلى شخصية مثل (الزعيم الكوردي) مسعود بارزاني أو (رئيس وزراء ماليزيا السابق) مهاتير محمد من أجل أن تنهض سريعا". ولم يستبعد العلواني رفض إيران للمشروع من خلال الفصائل الموالية لها والتي تنشط على حدود المحافظة.
وإقليم كوردستان هو الإقليم الوحيد في العراق الذي يتيح دستوره تشكيل أقاليم بموجب نظام اتحادي. وبالإمكان تشكيل إقليم من محافظة واحدة أو اتحاد بين عدة محافظات.
ونظراً إلى نجاح تجربة إقليم كوردستان مقارنة مع بقية مناطق العراق، فإن مطالبات تكررت في عدة مناطق بالبلاد منها البصرة ومحافظات شمالي وغربي البلاد ذات الأكثرية السنية لإقامة أقاليم أخرى.
وقالت رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني في البرلمان العراقي آلا طالباني لوكالة شفق نيوز، إن "تشكيل الأقاليم كفله الدستور العراقي، وبقانون الأقاليم والمحافظات، وبالتالي القرار هو لسكان هذه المناطق، كون تشكيل الأقاليم يحتاج إلى استفتاء".
وأوضحت، "إذا أهالي اي منطقة سواء كانت الانبار او البصرة او في اي جزء من البلاد، استفتت الأغلبية من أبنائها بتشكيل إقليم ضمن القانون والدستور، فالحق يعود لهم".
بدوره، قال الخبير بالشأن العراقي سعد الحديثي إن "الاقبال على مشروع الإقليم وترحيب السكان به في الانبار رد فعل على سنوات موجعة وقاسية لم يتعامل فيها الآخرون على أننا شركاء معهم، بل كانوا يصرون على أن يكون غيرهم تابعون لا أكثر".
وأردف بالقول، "نتج عن ذلك سياسة تهميش واقصاء وتمييز في التعامل، حتى وقعنا في فخ أبشع تنظيم إرهابي عرفه العالم وهو داعش الذي تغذى على ممارسات ظالمة وطائفية وجد بها مدخلا لبعض الاغبياء والمتطرفين لإعدادهم وبالتالي أول من اكتوى وتدمر من داعش هم السنة أنفسهم".
وأضاف الحديثي لوكالة شفق نيوز، أن "تغيير المفاهيم بالسنوات الأخيرة بات لافتا، فالقوات الأميركية التي كانت احتلالا الآن يراها سكان المحافظة أفضل من الهيمنة الإيرانية ويريدون بقاءها".
وأشار إلى أن "الدعوات التي كانت تصب في صالح العراق الموحد الآن، انتقلت الى تشجيع الأقلمة، وهذا كله بسبب ظلم ويأس الشارع ومحاولة تجريب شيء آخر"، معتبرا أنه في حال طرح الموضوع على الاستفتاء فإن غالبية سكان الانبار سيذهبون إلى تأييده.