شفق نيوز/ تستعد مجالس المحافظات العراقية لعقد أولى جلساتها الأسبوع المقبل، بعد المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات من قبل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، في وقت لا تزال الخلافات السياسية تعيق تشكيل الحكومات المحلية، في ظل عدم وجود اتفاق على انتخاب رؤساء تلك المجالس.
فبعد انقطاع دام لـ10 سنوات، يترقب العراقيون عودة مجالس المحافظات إلى العمل بعد اختيار أعضائها في الانتخابات التي جرت في 18 كانون الأول الماضي، وسط مخاوف من تكرار تجربة الدورات السابقة التي فشلت في تقديم الخدمات المعنية بها، بل كانت جزءاً من الفساد والصفقات والمحاصصة، بحسب مراقبين.
وتعد مجالس المحافظات بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة، وتتمتع هذه المجالس المنتخبة بالحق في إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
وتمتد الدورة الانتخابية لمجالس المحافظات 4 سنوات تبدأ مع أول جلسة لها، ويتكون مجلس المحافظة الواحد من 10 أعضاء، يضاف إليه مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة لما زاد على مليون نسمة، وفقا لآخر إحصائية سكانية تم وضع سجل الناخبين من خلالها.
وكان مجلس القضاء الأعلى طلب من رؤساء محاكم الاستئناف استقبال الفائزين بانتخابات مجالس المحافظات لتأدية اليمين القانونية أمام رئيس الاستئناف حصراً في مقر رئاسات محاكم الاستئناف، في خطوة أولى قبل التصويت على رئيس المجلس ونائبيه، بالإضافة الى منصب المحافظ.
"تغيير جميع المحافظين دون استثناء"
وفي هذا السياق، يقول عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني، عباس غدير، إن "الإطار التنسيقي اتفق على النزول في الانتخابات بعدة كتل سياسية على أن يلتئم ويجتمع بعد إعلان نتائج الانتخابات تحت اسم (كتلة الإطار التنسيقي) وهذا ما حدث، كما اتفق على أمور أولها مركزية الإطار وقراره واللجنة التفاوضية التي شكلها".
ويؤكد غدير لوكالة شفق نيوز، أن "الإطار اتفق على تغيير جميع المحافظين خاصة في محافظات الوسط والجنوب، إضافة إلى محافظتي ديالى وبغداد، والاتفاقات الأخيرة للإطار توحي بأنه اتفق على مجمل هذه المحافظات وحتى البصرة وواسط، فهو عازم على تغيير جميع المحافظين دون استثناء، وتشكيل حكومة محلية منسجمة مع الحكومة الاتحادية لاستكمال منهاج حكومة السوداني".
ويوضح، أن "الحكومة الحالية هي حكومة الإطار التنسيقي، ومرجعية السوداني هي الإطار، لذلك يفكر الإطار بانجاح الحكومات المحلية وانسجامها مع الحكومة الاتحادية المتمثلة بالسوداني".
يذكر أن الإطار التنسيقي قرر خوض انتخابات مجالس المحافظات بكتل منفردة، على أن يبقى هيكل الإطار متماسكاً ودون التأثير عليه.
وقد أصدر الإطار التنسيقي، قراراً في 20 كانون الأول/ديسمبر 2023، يقضي بتوحيد كتله في مجالس المحافظات تحت عنوان "كتلة الإطار"، لغرض المضي بتشكيل المجالس المحلية واختيار المحافظ.
وكان الخبير القانوني، أمير الدعمي قال لوكالة شفق نيوز، إن "الفائز في الانتخابات خاسر"، فمن يستطيع تشكيل الكتلة الأكبر هو من يحق له اختيار المحافظ، لذلك يسعى الإطار التنسيقي عبر "كتلة الإطار" إلى "إقصاء" الكتل الفائزة خاصة في محافظات البصرة وكربلاء وواسط.
وأفرزت نتائج انتخابات مجالس المحافظات، فوز الإطار التنسيقي بأغلبية مقاعد محافظات الوسط والجنوب، لكن محافظات البصرة وكربلاء وواسط، شهدت فوز قوائم تابعة للمحافظين، لذلك يحاول الإطار استنساخ تجربته في الالتفاف على نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة، وتشكيل تحالف واسع للحصول على إدارة الحكومات المحلية خصوصاً في تلك المحافظات الثلاث.
تأجيل تسمية محافظي كربلاء والبصرة
بدوره، يشير القيادي في ائتلاف دولة القانون، عبدالرحمن الجزائري، إلى أن "الإطار التنسيقي عقد اجتماعات عدة - بعد المصادقة على نتائج الانتخابات - تبين من خلالها وجود اعتراض من رؤساء كتل بعض المحافظات، ومنهم محافظو البصرة وميسان والنجف وكركوك ونينوى، ولا يزال الخلاف قائماً، كما أن بعض الكتل مصرّة على بقاء المحافظين السابقين ومنهم كربلاء والنجف والبصرة وديالى".
ويضيف الجزائري لوكالة شفق نيوز، أن "الإطار التنسيقي أصدر قراراً بتغيير جميع المحافظين عدا كربلاء والبصرة في الوقت الحالي، لأن لها خصوصية بفوز محافظيها وأيضاً تهديد الشارع البصري والكربلائي، لذلك تقرر تأجيل تسمية هاتين المحافظتين في الاجتماع الموسّع للإطار التنسيقي لتشكيل الحكومات المحلية المقرر يوم الأحد المقبل، إلى حين إكمال تسمية محافظي المحافظات الأخرى".
"مرحلة الحسم"
من جهته، يقول المتحدث باسم ائتلاف النصر، سلام الزبيدي، إن "الجميع دخل في مرحلة الحسم بعد مصادقة المفوضية على نتائج الانتخابات، حيث هناك مدد دستورية لعقد جلسة اختيار رئيس المجلس ونائبيه، كما أن هناك مدة دستورية أخرى لتسمية المحافظ داخل المجلس".
ويتابع الزبيدي في حديث لوكالة شفق نيوز، "لكن لا يزال الجدل مستمراً في بعض المحافظات، أما المحافظات التي يتمتع فيها الإطار التنسيقي بالأغلبية فإن أمرها محسوم".
ويشير إلى أن "للإطار رؤية بتغيير جميع المحافظين رغم صعوبة ذلك في محافظتي واسط وكربلاء، لكن يبدو أن هناك اتفاقات جديدة بتسنم منصب محافظي واسط وكربلاء الحاليين رئاسة مجلس محافظتهما، على أن يسمي الإطار المحافظين الجدد في هاتين المحافظتين".
ويضيف، "أما كركوك ونينوى، ففيهما جدل، بسبب تقارب المقاعد بين الكتل السياسية، ما يتطلب حصول توافقات لتسمية رئيس مجلس المحافظة والمحافظ، وكذلك الحال ينطبق مع محافظة الأنبار".
أما البصرة؛ فإن أمرها محسوم لتحالف تصميم، وفق الزبيدي، وهو بـ"تجديد ولاية مرشحه الوحيد أسعد العيداني على منصب محافظ البصرة، وهذا السيناريو الأقرب رغم معارضته من قبل الإطار".
ويكشف الزبيدي في ختام حديثه عن وجود "اتفاقات تجري خلف الكواليس في بعض المحافظات بتسمية رئيس مجلس النواب الجديد مع تسمية مجالس المحافظات"، مؤكداً أن "هذا قد يدخل البلاد بنفق أزمات ويخلق صعوبات بالمرحلة المقبلة".
آلية انتخاب المحافظ
حددت المادة 7 من قانون مجالس المحافظات اختصاصات مجلس المحافظة، ونصت على أن مجلس المحافظة ينتخب المحافظ ونائبيه بالأغلبية المطلقة، أي نصف أعضاء مجلس المحافظة زائد واحد، وفق الخبير القانوني، أحمد العبادي.
فيما تتحدث المادة 25 من قانون مجالس المحافظات عن إمكانية اختيار شخصية عامة من خارج مجلس المحافظة ويصوّت عليها أعضاء مجلس المحافظة، وأيضاً بطريقة نصف أعضاء مجلس المحافظة زائد واحد.
لكن رئيس مجلس المحافظة يشترط أن يكون من ضمن أعضاء مجلس المحافظة الفائزين، بحسب ما قاله العبادي في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز.
وكان مختصون في الشأن القانوني أشاروا إلى أنه بعد المصادقة على نتائج الانتخابات يتوجب على المحافظ الحالي وفقاً للقانون أن يحدد موعداً للفائزين الجدد بالانتخابات المحلية بالحضور إلى مبنى مجلس المحافظة للانعقاد خلال مدة 15 يوماً وتحديد موعد جلسة خلال هذه المدة بأمر إداري.
وكان رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، القاضي عمر أحمد، أعلن في بيان، الأحد الماضي، إن "مجلس المفوضين صادق على نتائج الانتخابات المحلية".
يذكر أنه في 28 من شهر كانون الأول الماضي، أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات.
وفي الـ14 كانون الأول الماضي، أفادت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بأنها تسلمت من الهيئة القضائية للانتخابات 248 قراراً بشأن الطعون المقدمة للمفوضية، مشيرة إلى أن الأغلبية العظمى من القرارات كانت بالرد.
وشهد العراق، في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أول انتخابات محلية، منذ نيسان/ أبريل 2013، في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41%، وفق ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات.
ووفق الدستور العراقي، فإن مجالس المحافظات تتمتع بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم، عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية.