شفق نيوز / يكشف تقرير اعلامي أمريكي، يوم الخميس، ان هناك "مخاطر" حقيقية تحيط بالقضاة العراقيين بعد خسارة (74) قاضياً منذ عام 2003 وآخرهم اغتيال قاضٍ في محافظة ميسان بداية الشهر الجاري، وفيما يبين مسؤولون عراقيون أن تجمع "الارهاب والطائفية والاحزاب النافذة والجماعات المسلحة" مسؤولة عن عمليات الاغتيال بحق القضاة، يؤكد سياسيون أن بعض القوى السياسية تسعى لتقويض سلطة القضاء المستقلة وان يكون لها تمثيل داخل في الجسم القضائي.
ويقول موقع "المونيتور" الامريكي في تقرير ترجمته شفق نيوز إن "هناك مخاطر محدقة بقطاع القضاء في العراق الذي خسر 74 قاضيا في العراق منذ العام 2003 وجميعهم كانوا مكلفين بقضايا الفساد والارهاب والمخدرات"، مبينا ان " القضاة أصبحوا حاليا في مرمى نيران عصابات الاجرام والفساد والمافيا والارهاب، في قضايا تتداخل فيها مصالح المتنفذين والاحزاب".
ويلفت التقرير الى "اغتيال قاض كان ينظر في قضايا مخدرات، برصاص مسلحين في مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، في 5 فبراير/شباط الحالي، ما دفع رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي فائق زيدان الى زيارة المحافظة بعدها بيومين للقاء قضاة، ودعوته الى اتخاذ اجراءات عاجلة لتعزيز الوضع الامني".
ويذكر التقرير ان "رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي اصدر توجيهات لتوفير الحماية اللازمة للقضاة ، في ظل خطورة التهديدات التي يواجهها القضاة".
وينقل التقرير عن القاضي رحيم العكيلي، وهو الرئيس السابق للجنة النزاهة في البرلمان، قوله ان "الاغتيالات التي طالت القضاة منذ العام 2003 لا تشبه ما واجهه العراق من قبل"، مشيرا الى انه لم يتم سوى في حالات قليلة الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم واحتجازهم ومحاسبتهم على ما فعلوه".
ويضيف العكيلي أن "الارهاب والاغتيالات الطائفية كانت هي السبب وراء قتل القضاة قبل العام 2010، في ظل تعاون بين جماعات الجريمة المنظمة والاحزاب النافذة والجماعات المسلحة، للقيام بذلك".
وينقل التقريرعن الخبير الامني جمال الاسدي ، قوله ان "حماية المجتمع تتطلب تأمين ضمانات كافية للقضاة لحماية سلامتهم وابعاد قراراتهم عن التدخلات السياسية والاجرامية او اي ضغوط اخرى".
ويلفت الاسدي الى ان "عدد القضاة في العراق لا يتناسب مع المسؤوليات الملقاة عليهم ولا مع المعايير الدولية التي تحدد عدد القضاة بالنسبة للسكان بمعدل سبعة قضاة لكل 100 الف شخص"، موضحا ان "هذا يذلك يعني ان العراق بحاجة الى 2800 قاضٍ، بخلاف المدعين العامين، في حين ان هناك حاليا 1600 قاض ومدعي عام واحد".
من جهته، يقول القيادي في التيار الصدري رياض المسعودي للموقع الامريكي ان "المادة 87 في الفصل الثالث (في الدستور) تنص على ان القضاء هو سلطة مستقلة"، مبينا أن "بعض القوى السياسية تدرك ان القضاء قوي ومستقل، لذا فانها تسعى الى تقويضه من خلال اثارة الريبة والشك والضغط".
ويشدد المسعودي على ضرورة ان "تقوم السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة، وتحديدا وزارة الداخلية وجهازها الامني، ان تكون بمثابة خط الدفاع الاول لحماية القضاة من الاعتداء".
كما يحذر المسعودي من ان "القوى السياسية تحاول ان يكون لها تمثيل داخل في الجسم القضائي الذي ما زال حتى الان، بعيدا نسبيا عن التدخل السياسي، وهو السبب الذي يجعل بعض السياسيين يهددون القضاء والقضاة".
اما الخبير الامني فاضل ابو رغيف، فيشير الى ان "القضاة لعبوا دورا اساسيا في اصدار مذكرات اعتقال ضد قيادات ارهابية، وهو ما جعلهم يتحولون الى اهداف"، مبيناً ان "القضاء ساند جهود الكاظمي في إطار مكافحة الفساد واصدر مذكرات اعتقال بحق متهمين في قضايا فساد كبرى ما جعلهم هدفا للفاسدين والقوى القوية الضالعة في هذه الجرائم".
وينقل التقرير عن رئيس المركز العربي للسياسات وتعزيز القدرات جواد الهنداوي قوله ان "العراق يشهد في الوقت الراهن العراق تعزيزا ملائما لدور القضاء، خاصة المحكمة الاتحادية العليا"، لكنه يوضح انه " في حين يسعى القضاء لفرض العدالة واحترام القانون والدستور ومحاربة الفساد، فان بعض القوى الخارجية والداخلية تسعى للمحافظة على حالة عدم الاستقرار والجرائم واضعاف اسس الدولة".
في حين يعتبر الخبير القانوني علي التميمي ان "الحل يتمثل في توفير قوات الامن الحماية للقضاة الى ان يصبح القضاء مستقلا بشكل كامل، والا فان القضاة لن يتمكنوا من تنفيذ دورهم".
كما يقول استاذ العلوم السياسية ورئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري، ان "الاستهداف المتكرر للقضاة هو نتيجة عدم تحرك الدولة بشكل رادع ضد الجماعات المسلحة".
وتحدث الشمري عن "تنامي عصابات المافيا الكبرى في الدولة، والتي قويت اكثر بسبب غياب الملاحقة القضائية"، موضحا ان "التحالف بين هذه المافيات والعشائر يعني فقط المزيد من الاستهداف للقضاة والمؤسسات الامنية".
وينقل الشمري عن مصادر رسمية، اشارتها الى ان "المافيات والجماعات التي تستهدف القضاة، لها ارتباط باطراف اجنبية".