شفق نيوز/ حذر "معهد كوينزي" الأمريكي، من أن إرسال المزيد من الاسلحة الامريكية الى اوكرانيا للتصدي للغزو الروسي، قد لا يكون "الحل السحري" بحسب ما تظهره التجارب القتالية الامريكية السابقة كما في العراق وأفغانستان.
وأوضح التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انه برغم عدم تماثلها مع حرب أوكرانيا، غير أن التجارب الحربية الامريكية الاخيرة، بامكانها ان تكون مفيدة لأن الولايات المتحدة تبحث إرسال أنظمة قتالية متطورة الى قوات كييف.
ولفت التقرير الى وجود مجموعة من الاسباب المعززة بامثلة تاريخية، تظهر لماذا لن يكون ارسال المزيد من الاسلحة المتطورة الى أوكرانيا حلا سحريا، محذرا ان الواقع يشير الى ان ارسال هذه الاسلحة قد يرتد على الولايات المتحدة في مرحلة ما. ودعا التقرير الى الحذر في ظل ان ان الغرب على استعداد لإرسال المزيد من معداته الأكثر تطورا إلى اوكرانيا بهدف "كسب السلام".
واشار التقرير الى ان ممن يؤيدون زيادة التسليح الغربي لأوكرانيا، مهندسة حرب العراق كوندوليزا رايس ووزير دفاع بوش وأوباما السابق روبرت جيتس، ونقل التقرير عن مقال كتباه في "واشنطن بوست" الأمريكية مؤخرا، قالا فيه ان "الوقت لا يصب في صالح أوكرانيا" مشيرين إلى أنها تخسر حربها مع روسيا، وانه بالنسبة إلى الامريكيين، فان الوقت قد حان بشكل ملح من اجل العمل.
وبعدما لفت التقرير الى ان ادارة جو بايدن ليست راغبة حتى الآن في ارسال اسلحة اكثر تطورا إلى أوكرانيا، اوضح ان تطورات الاحداث التاريخية تظهر أنه "سيكون من الحماقة عدم الاعتراف بأن فتح خط امداد بالاسلحة، وخصوصا أفضل ما يتوفر لدينا، يثير عددا عدد من المخاطر الوقائع".
واعتبر التقرير أنه يتحتم على الولايات المتحدة والغرب أن "يكونوا على دراية بالدروس" المستقاة، موضحا أن "التجارب القتالية العسكرية الأمريكية السابقة في العراق وأفغانستان، برغم انها ليست متشابهة، الا انها يجب ان تكون مفيدة".
واستعرض التقرير بعض هذه الدروس مشيرا اولا الى ان تاريخ الحرب يعلمنا
مزايا التفوق التكنولوجي مؤقتة وتستمر إلى أن يتمكن الخصم من إجراء تعديلات للتخفيف منها، موضحا في هذا السياق إلى أن الحرب الأمريكية في العراق لم تكن مجرد "دراسة حالة" لكيفية تكيف خصوم الولايات المتحدة بتكتيكاتهم بهدف إبطال تأثير التكنولوجيا الامريكية، ولكن أيضا كيف يمكن لتسليح الوكلاء ان "يرتد" على الولايات المتحدة.
واوضح التقرير ان حرب العراق اشتهرت ببدايتها باسم "الصدمة والرعب" في آذار/مارس العام 2003، مشيرا الى انه في ظل المهارة العسكرية والتقنية الامريكية، فقد تمكنت القوات الامريكية من السيطرة على بغداد خلال أقل من شهر، الا ان العراقيين لم يتوقفوا عن القتال، إذ أنه بعد تعرضهم للهزيمة في الأماكن المكشوفة، انتقلوا الى حرب العصابات، وحولوا الشوارع الضيقة في المدن المكتظة بالسكان، الساحة الجديدة للمعركة.
وتابع التقرير انه في مدن مثل الفلوجة والرمادي وبغداد، حشد "المتمردون العراقيون" ما وصفه التقرير بأنه أكبر قوة مناورة في العالم في الشوارع الضيقة المليئة بالعبوات الناسفة، اي "القنابل المزروعة على جوانب الطرق"، مشيرا إلى أن هذه العبوات تعتبر التكيف الاكثر تاثيرا للحرب، موضحا أنها في كثير من الأحيان كانت تتألف من قذائف مدفعية ومواد محلية مثل الهاتف الخلوي، وهي تسببت في سقوط 60 % من القتلى الأمريكيين في العراق.
واضاف التقرير أنه بينما كانت كلفة الغزو الأولى للحرب، اقل من 150 قتيلا امريكيا، إلا أنه بحلول الوقت الذي اعلن فيه الرئيس باراك اوباما الانسحاب من العراق في العام 2011، كان نحو 4500 أمريكي قد قتلوا في الاشتباكات الطاحنة في المناطق المدنية مع تمرد، كان القادة الامريكيون قالوا انه لن يحدث.
وتابع التقرير؛ أن الوضع كان على وشك ان يتحول الى ما هو اسوأ، مذكرا بهذا السياق بظهور تنظيم داعش في العام 2014، الذي كان بمثابة تجمع للمقاتلين من العشائر السنية المتعاونة مع تنظيم القاعدة، وقد تمكنوا بداية من الاستيلاء على الفلوجة، مستخدمين معدات امريكية كانت مخصصة لقوات الأمن العراقية.
وأضاف التقرير؛ أن تنظيم داعش، استولى بعد ذلك، وتحديدا في العام 2015، على الرمادي وعلى مستودع للاسلحة الامريكية الصنع، ما ساهم في التوسع السريع لداعش.
وأوضح التقرير أن تنظيم داعش استخدم وقتها، 2300 عربة "هامفي"، و 52 مدفع "هاوتزر M198"، و 74 الف بندقية رشاشة، و 40 دبابة من طراز " M1A1 ابرامز"، بالاضافة الى انظمة اخرى امريكية الصنع، استخدمت كلها من أجل تعزيز "الخلافة" التي شملت في مرحلة ذروتها نحو ثلث سوريا و 40 % من مساحة العراق.
وذكّر التقرير بأن الوضع وقتها، تطلب اعادة ادخال القوات الامريكية الى العراق وشن آلاف الضربات الجوية على مدى عدة سنوات لإخضاع التنظيم واستعادة الأراضي التي استولى عليها.
أما الدرس الثاني المتعلق بأفغانستان، فقد ذكر التقرير أنه من غير الممكن إنكار أن حركة طالبان قامت بتعديلات تكتيكية فعالة باستهداف القوات الامريكية خلال الحرب، الا انه اشار ايضا الى ان التكنولوجيا الامريكية جرى استخدامها ضد الأمريكيين.
وذكّر التقرير ايضاً؛ بحادثة تمكن الإيرانيين من إنزال طائرة تجسس امريكية متطورة من طراز "سينتينال -170" في العام 2011، والاستيلاء عليها بعد توجيهها للهبوط بسلام في مطار إيراني، من خلال التلاعب التكنولوجي بثغرات في هندستها.
وتابع التقرير أن هذه الواقعة المرتبطة بالطائرة المسيرة "سينتينال -170"، جاءت بعد عامين على حادثة اخرى وقعت في العراق في العام 2009، حيث تم اكتشاف مجموعة من المسلحين الشيعة المرتبطين بايران، وبحوزتهم إرشادات خاصة بمسيرات من طراز "بريديتور"، قرصنوها باستخدام برامج "سوفتوير" رخيصة متاحة لعامة الناس.
وتابع التقرير؛ أنه من المهم ان ندرك انه بالنسبة الى ذلك الوقت، فإن "سينتينال" و"بريديتور"، كانتا درة الانتاج العسكري، وبرغم ذلك فقد تعرضتا للخطر من قبل خصم اجنبي، بعد استخدام هذه الطائرات في ساحات المعارك وبالتالي انكشافها.
ولفت الى ان إيران أصبحت الآن، قادرة على تزويد روسيا بطائرات مسيرة تستخدم لمهاجمة الأوكرانيين في ساحة المعركة حاليا.
وتابع قائلا انه في ما يتعلق بافغانستان تحديدا، فإنه مع انهيار الحكومة الافغانية في العام 2021، تمكنت طالبان من الاستيلاء على ما لا يقل عن 7 مليارات دولار من المعدات العسكرية الامريكية، وبعضها وصل الى ايدي الايرانيين، مضيفا ان طالبان وعدت الصينيين ايضا بتقاسم هذه الغنائم معهم.
ولهذا، اعتبر التقرير انه من المهم وضع هذه الأحداث بعين الاعتبار عندما يجري إرسال الدفعة التالية من الاسلحة المتطورة الى أوكرانيا، مضيفا ان من المخاطر المحتملة ايضا ان اوكرانيا لديها تاريخ حافل بتحويل الاسلحة والفساد قبل الحرب الحالية، مشيرا إلى أنه برغم موقف الادارة الامريكية بانها تراقب عن كثب هذه الاحتمالات، إلا أن التقرير قال إن هيئات المراقبة تحذر من عدم وجود رقابة كافية حتى الآن لضمان عدم وقوع هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ في يوم من الايام.
وفي الختام ذكر التقرير أنه من المتوقع خلال الشهور القليلة المقبلة، تسليم بطاريات صواريخ "باتريوت" وعربات "برادلي" القتالية المدرعة إلى أوكرانيا، بينما تعهدت بريطانيا بتقديم 14 دبابة "تشالنجر 2" ومعدات ميكانيكية كافية لتجهيز لواء، على امل ان تستخدم اوكرانيا هذه الاسلحة لدعم "هجوم ربيع 2023 المضاد" على القوات الروسية.
وختم التقرير بالقول؛ إن الحرب في اوكرانيا أثارت الكثير من المشاعر القوية، الا انه حذر من أن ذلك يجب ألا يقنعنا بأن إغراق اوكرانيا بأسلحة اكثر تطورا هو العلاج الشافي لهذه الحرب، مضيفا انه "سيكون من الحكمة التذكر كيف أن سياسات مشابهة في أفغانستان والعراق، كان لها ارتدادها علينا".
ترجمة: وكالة شفق نيوز