شفق نيوز/ يرى مراقبون وخبراء اقتصاد أن استرداد الأموال المهربة من العراق، تقف أمامه العديد من العراقيل القانونية والسياسية.
وفي وقت تعاني الدولة من افة الفساد التي ضربت جميع المؤسسات الحكومية لا يعرف رقم حقيقي لحجم الأموال المهربة، إذ تتضارب الأرقام الحكومية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد، فيما يجري الحديث عن مليارات الدولارات التي نهبت وهربت في ظل النظام السابق وما بعده والتي ما زالت تسرق وتهرب لغاية الان الى خارج العراق.
وأعلن رئيس الجمهورية برهم صالح مؤخراً، تقديمه مشروع قانون استرداد عوائد الفساد إلى البرلمان، لاسترداد نحو 150 مليار دولار هربت الى الخارج بعد العام 2003، في حين قدرت لجنة النزاهة حجم الأموال المهربة حتى الآن، ما يقارب 350 مليار دولار، وما يعادل 32 % من إيرادات العراق خلال 18 عاماً.
ضعف العراق دبلوماسيا
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "هناك صعوبة في استرداد الأموال العراقية المهربة من الخارج بسبب ضعف وزن العراق الدبلوماسي وعدم وجود ارادة سياسية حقيقية لاستردادها، كون اغلب السياسيين الحاليين لهم دور في تهريبها".
ويضيف علي؛ أن "اغلب الاموال جرى غسيلها باستثمارات وعقارات في دول لا نملك معها اتفاقات، فضلا عن عدم جدية الدول مع هذا الملف".
ويشير الى ان "العراق بحاجة لتعيين شركات متابعة ومحاسبة دولية مستقلة باجر لمتابعة مسارات هذه الاموال".
وكان وزير المالية محمد علاوي قد أشار في آب الماضي، إلى أن أموال العراق المهربة إلى الخارج تصل الى 150 الى 200 مليار دولار 5% منها فقط هي أموال عائدة للنظام السابق، كاشفا عن تبخر اموال مهربة في لبنان بمقدار 20 مليار دولار".
واختلفت صور الاموال المهربة ما بعد 2003 ما بين تهريب الأموال المحصلة من الإتاوات وسرقات الموازنة، وما يتمثل بالعقود والمقاولات الحكومية، التي سلمت أموالها للمتعاقدين دون تنفيذ المشاريع، فضلاً عن تضخم مبالغ العقود والرشى والابتزاز، وسرقات الموظفين لمليارات الدولارات خلال عملهم في أماكن ومؤسسات مالية.
التزام الدول
ويقول الخبير القانوني طارق حرب في حديث لوكالة شفق نيوز؛ انه "ليس هناك قوانين مختلفة بين الدولة كما يشاع تمنع استرداد الأموال المهربة من العراق وانما نحتاج الى تعاون والتزام لوزراء الداخلية والعدل العرب المشاركين في هذا المؤتمر للطلبات الصادرة من القضاء العراقي باسترداد المتهمين والمحكومين واسترداد الاموال".
ويضيف أن "أغلب الأموال المهربة هي موجودة في الدول العربية وان كان هناك قسم منها في تركيا وسويسرا"، مبينا انه "نحتاج الى اتفاقيات ثنائية لاحقا مع تركيا او نلجأ الى مجلس الامن لمساعدتنا في اصدار قرار بشأن ذلك".
ويؤكد حرب أن "القوانين المختلفة في الدول لاتمنع استرداد الأموال المهربة وانما ما يمنع ذلك هو فساد الموظفين في هذه الدول أو أن بعض الدول تعيش اقتصاديا على هذه الأموال وتجد اعذارا أو أسبابا لعدم الاستجابة لطلبات العراق".
300 مليار مهربة
ويقول عضو مؤسسة النهرين لدعم الشفافية محمد رحيم في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان المؤتمر المنعقد حاليا بشأن استرداد الأموال هو استكمال لما طرحه رئيس هيئة النزاهة قبل أيام في مؤتمر الأطراف لمكافحة الفساد في فيينا الذي طالب دول الأعضاء لمساعدة العراق"، مبينا انه لا يمكن أن تضيع هذه الأموال ومن الممكن استرجاعها في حال تعاون الدول مع العراق".
ويشير رحيم الى ان الاموال لا يمكن حسابها ولكن قياسا الميزانية العامة ما يسرق منها من العقود والمشاريع بحدود 40 بالمئة فيمكن أن نقول 250 الى 300 مليار المسروقة من الموازنة".
ويؤكد ان "هناك ملاذات امنة للاموال المهربة ومنها بيروت قبل ما تسقط عملتها وتغلق المصارف ودبي ايضا اضافة الى دولة تركيا".
ولفت رحيم إلى أنه من الممكن إرجاع هذه الأموال المهربة من الخارج إذا تعاونت الدول مع العراق بشأن ذلك، مستدركا في الوقت نفسه ان الدول الاخرى تعاني من نفس المشكلة وهذا ما أكدت عليه الجامعة العربية عندما اشارات الى منظمة الشفافية الدولية بينت أن 30% من الأموال المهربة بالعالم هي مهربة من الدول العربية".
ملف شائك
أمّا المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، فيقول في حديث لوكالة شفق نيوز؛ إن "استرداد الأموال المهربة، ملف شائك ويحتاج إلى تعاون دولي حقيقي والى متابعة قانونية وفنية وتعاون دول في هذا المجال".
ويضيف أن " الحكومة ولجنة استرداد الأموال، يحتاجان الى محامين ومكاتب استشارية عالمية ومؤسسات للتحري عنها، مضيفاً أن "العراق لديه أموال طائلة تم الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية خلال السنوات الثلاثين الماضية" .
ويتابع أن "مثل هذه المؤتمرات التي تعقد حاليا في بغداد بشأن استرداد الاموال المهربة مهمة لأنها تعزز التعاون بين البلدان بشأن ذلك وتسهل عودة هذه الأموال المهربة وامكانية الكشف عنها في هذه الدول".
وانطلق في العاصمة العراقيَّة بغداد يومي الخامس عشر والسادس عشر من شهر أيلول الجاري فعاليات وقائع المؤتمر الدوليِ لاسترداد الأموال المنهوبة.
وكان المؤتمر برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وبمشاركة رئيس الجامعة العربيَّة أحمد أبو الغيط وعددٍ من وزراء العدل ورؤساء مجالس قضاءٍ وأجهزةٍ رقابيَّةٍ، فضلاً عن عددٍ من مُمثلي جمعيَّاتٍ ومُنظَّماتٍ، وشخصيَّاتٍ قانونيَّةٍ وأكاديميَّةٍ وإعلاميَّةٍ عربيَّةٍ.