شقق نيوز- بغداد

عشية الانتخابات النيابية العراقية، أثارت آلية احتساب نسبة المشاركة جدلاً سياسياً وفنياً، ورغم أن المفوضية العليا تعتمد على قانونها المشرع من مجلس النواب، إلا أن متخصصين شخصوا العديد من الثغرات و"التدخل السياسي" في هذه الآلية، التي ستساهم برفع نسبة المشاركة.

وتعتمد مفوضية الانتخابات في احتساب نسبة المشاركة على عدد المحدثين لبطاقاتهم الانتخابية، وهو يمثل ثلثي عدد الناخبين الكلي الذين تجاوزت أعمارهم 18 عاماً ويحق لهم الانتخاب.

وبلغة الأرقام، فإن نحو 30 مليون عراقي يحق لهم الانتخاب، لكن المحدثين نحو 21 مليون، ما يترك 9 ملايين ناخب خارج حسابات نسبة المشاركة، وهذا الرقم سيؤدي إلى رفع نسبة المشاركة التي ستعلنها المفوضية.

ومثال على ذلك، لو شارك في التصويت 10 ملايين عراقي، ستكون النسبة أكثر من 50%، عبر احتسابها من 21 مليون عراقي، لكن لو جرى احتسابها على عدد الناخبين الكلي الذين يحق لهم المشاركة، فستكون نحو 30% فقط.

تأكيد رسمي

ويقول رئيس الفريق الاعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل، لوكالة شفق نيوز، إن "مجموع الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الاقتراع أي ممن تجاوزت أعمارهم 18 عاماً فما فوق، بلغ 29 مليون شخص، فيما بلغ مجموع الذين حدثوا بياناتهم البايومترية 21 مليون فقط".

ويوضح أنه "بالتالي فإن تحديد نسبة المشاركة بالانتخابات تعتمد على عدد المشاركين في الاقتراع فعلياً"، مبيناً أنه "على سبيل المثال إذا شارك 15 مليوناً من أصل 29 مليون فإن نسبة المشاركة ستكون 75% أي باعتماد مجموع الذين حدثوا بياناتهم (21 مليوناً) وليس من مجموع العراقيين ممن يحق لهم التصويت بصورة عامة".

بعيداً عن الحق الدستوري

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي، مجاشع التميمي، لوكالة شفق نيوز، إن "قانون الانتخابات العراقي بصيغته الحالية، والذي جاء نتيجة لتفاهمات القوى السياسية، اعتمد آلية احتساب نسبة المشاركة بناءً على عدد من حدّثوا بطاقاتهم البايومترية فقط، والذين يبلغ عددهم نحو 21 مليوناً من أصل ما يقارب 30 مليون ناخب مسجل".

ويوضح أن "هذه الصيغة القانونية تُحدث فارقاً ملموساً في نسب المشاركة المعلنة، إذ تستبعد ما يقارب تسعة ملايين مواطن لم يُحدثوا بياناتهم، ما يعني أن النسبة النهائية ستُحتسب على أساس من يملكون حق التصويت الفعلي وليس على مجموع المسجلين كافة".

ويتابع "رغم أن هذا الإجراء منسجم مع نص القانون، إلا أنه يثير نقاشاً مهماً حول عدالته في قياس حجم المشاركة السياسية الحقيقية، لأنه يربط التقييم بإجراء إداري لا بالحق الدستوري في الانتخاب".

ويضيف: "من هنا نفهم دعوة الصدر لأتباعه إلى الإسراع في تحديث بطاقاتهم البايومترية، لضمان إدراجهم ضمن القاعدة المعتمدة لاحتساب نسبة المشاركة، وللتعبير الواقعي عن حجم التيار الصدري وتأثيره الانتخابي، بحيث لا تُهمَّش أصوات قواعده الشعبية بسبب عدم التحديث".

وكانت انتخابات عام 2005، وهي أول انتخابات تشريعية تجرى في العراق، قد شهدت مشاركة أكثر من 14 مليون ناخب، من مجموع سكان العراق، الذي قدر في وقتها بنحو 27 مليون مواطن.

وسجلت تلك الانتخابات، أعلى نسبة مشاركة فيها حتى الآن، بواقع 76%، وكان عدد مقاعد البرلمان العراقي آنذاك 275 مقعداً.

لكن في انتخابات عام 2021، تراجعت نسبة المشاركة لأدنى مستوى، حيث بلغت 41%، وفيها بلغ عدد الناخبين أكثر من 25 مليون ناخب، فيما لم تشهد تغييراً بعدد مقاعد البرلمان العراقي.

وفي تلك الانتخابات، اعتمدت المفوضية العليا بإحصاء عدد الناخبين، على الذين حدثوا بياناتهم الانتخابية فقط، وليس مجمل السكان الذين بلغوا سن المشاركة، وهو أمر أثار الجدل في حينها أيضاً.

الرؤية الفنية

إلى ذلك، يؤكد الخبير في الشؤون الانتخابية، دريد التميمي، لوكالة شفق نيوز، أن "الجانب الفني يقول ان الرقم غير المرئي فهو غير موجود، أي بمعنى أن الناخب الذي لم يحدث بطاقته منذ عام 2016، وهو عام بداية البطاقة البايومترية، فلا يمكن اعتباره ضمن الناخبين المسجلين".

ويتابع أن "وجهة النظر السياسية، تقول إنه مواطن عراقي ورافض للعملية السياسية، بالتالي سرت مطالبات بالاعتماد على البطاقة الموحدة بدل البايومترية، لأن المواطن يمكن أن يغير رأيه ويذهب للانتخاب في الساعة الأخيرة، لكن هذا الأمر يواجه عقبة دستورية، فالدستور نص على أن مفوضية الانتخابات مستقلة، وعند الاعتماد على البطاقة الموحدة، يعني سجل الناخبين سيكون بيد وزارة الداخلية، وهي جهة حكومية".

ويستطرد: "من الناحية الفنية، فإن البطاقة البايومترية فيها مركز الاقتراع والمحطة، لكن هذه البيانات غير موجودة بالبطاقة الموحدة، وعلى سبيل المثال، فإن تركيا تعتمد على الهوية الوطنية لكن لديها موقع إلكتروني يوضح مركز الاقتراع، وفي العراق لم نصل لهذه المرحلة التقنية المتقدمة على المستوى الشعبي".

ويكمل: "الدستور العراقي عد الانتخاب حق وليس واجب، بالتالي لا يمكن إجبار المواطنين على المشاركة وتحديث بطاقاتهم، لكن بالمقابل فغن المفوضية وفرت كل سبل التحديث وعلى مدى سنوات وكلها مجاناً، بالتالي تسقط من لم يحدث بطاقته من احتساب النسبة".

وبلغت نسبة الاقتراع الخاص بالأجهزة الأمنية، الذي جرى يوم أمس الأحد، 82%، في أعلى نسبة مشاركة بالتصويت الخاص، الأمر الذي أثار الاستغراب بين المراقبين، وقد بلغ عدد المشمولين فيه مليون و300 ألف، صوت منهم مليون و100 ألف.