شفق نيوز/ تباعا رفع المئات من سكان الموصل قمصانهم الواحد تلو الآخر كي يثبتوا أنهم لا يربطون أي عبوات ناسفة على أجسادهم تحت رقابة لصيقة فرضتها القوات الخاصة العراقية خوفا من التهديد الذي يمثله تنظيم داعش حتى في المناطق التي تسيطر عليها القوات حاليا.

 

ثم سلم الرجال بطاقات هوياتهم حتى يجري التحقق من أسمائهم في قاعدة بيانات تحمل أسماء أعضاء داعش المطلوب القبض عليهم ضمن عملية شاقة لطرد المتشددين من كل حي من أحياء الموصل معقل التنظيم.

 

وفي كل مرة تسيطر فيها القوات العراقية على قطاع في الموصل في هجومها على داعش ربما يستغرق الأمر أسبوعا لضمان خلو المنطقة من المتشددين.

 

ويختبئ البعض في شبكة أنفاق شيدوها في حين يختلط آخرون بآلاف النازحين أو يبقون لتشكيل خلايا نائمة في أحياء الموصل المكتظة بالسكان. والموصل مدينة يقطنها أكثر من مليون نسمة.

 

ويقول مسؤولون أمنيون عراقيون إنهم سيطروا على منطقة كبيرة في شرق الموصل في أكبر عملية برية في البلاد منذ الغزو الذي أطاح بصدام حسين عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة.

 

ويأمل زعماء عراقيون أن تسفر حملة الموصل عن استقرار بعد سنوات من إراقة الدماء لأسباب طائفية بعد أن أعلن تنظيم داعش المتشدد عن نفسه في عام 2014.

 

ورغم أن العراقيين واثقون على ما يبدو من النصر إلا أن الإجراءات الأمنية المشددة في حي شقق الخضراء في الموصل تشير إلى أن تنظيم داعش ما زال يمثل تهديدا حتى إذا خسر أراضي.

 

* استخبارات

 

كانت القوات الخاصة العراقية في دورية عندما علم قسم الاستخبارات من سكان محليين أن متشددي تنظيم داعش مازالوا في المنطقة.

 

أمرت القوات الخاصة ومسؤولو المخابرات السكان بالتجمع في ميدان ومعهم أوراق هويتهم.

 

وصرخ ضابط في وجه رجل "ارفع قميصك الآن" وهو يدرك تماما أن المهاجمين الانتحاريين أحد أكثر أسلحة تنظيم داعش فاعلية.

 

وجلس السكان في طوابير لحين النداء على أسمائهم وقد طالت لحى كثير منهم إلى الدرجة التي حددها متشددو داعش. ومن وقت لآخر كانت تتردد أصداء دوي انفجار قذيفة مورتر أو إطلاق نار.

 

وكان ضباط القوات الخاصة الجالسين على أجهزة كمبيوتر يراجعون الأسماء على بطاقات الهوية مع قائمة طويلة تتضمن أسماء المطلوبين.

 

وقال ضابط الأمن الوطني محمد علي إن هناك نحو 39 ألف رجل مطلوب القبض عليه في العراق مضيفا أن نحو 80 بالمئة "إرهابيون" وهو تعبير يستخدمه المسؤولون العراقيون في الإشارة إلى أفراد تنظيم داعش وغيرهم من المتشددين.

 

ومع تسليم بطاقات الهوية أخذ ضابط الاستخبارات الكبير حسين زعلان يتحدث مع الرجال الجالسين على الأرض عن "شرور" داعش على أمل أن يزودوه بمعلومات عن المتشددين.

 

وقال إن المتشددين جلبوا مقاتلين أجانب ومجرمين إلى البلاد وأخذوا النساء سبايا.

 

وسعى ضابط آخر إلى كسب ثقة السكان في الموصل التي تقطنها أغلبية سنية وكان تنظيم داعش كسب مساندتهم في بادئ الأمر بسبب السخط المتفشي من الحكومة التي يقودها الشيعة.

 

وطلب من السكان تعاونهم ونزع الخوف من قلوبهم لأن تنظيم داعش انتهى كما طلب منهم أن يفكروا فيما فعله التنظيم وفي تحويل أبنائهم إلى مهاجمين انتحاريين.

 

ولم يجد صعوبة في إدراك السهولة التي كان تنظيم داعش يجند بها الشبان العراقيين. تجسد المثال الحي في عمر عبد الله (51 عاما) الذي كان يجلس بجوار ابنه إبراهيم البالغ من العمر 16 عاما في انتظار مراجعة الاسماء.

 

كان إبراهيم حضر لمدة عشرة أيام المحاضرات الدينية التي نظمها التنظيم قبل أن يتمكن عبد الله من إقناعه بترك التنظيم.

 

لكن الحظ لم يحالفه مع ابن آخر أصبح أحد مقاتلي التنظيم في مدينة تلعفر المجاورة.

 

وقال عبد الله "كان يريد أن يتزوج ولكنه لم يملك المال لأن الوقت صعب... غسلت داعش دماغه وأعطوه المال ووعدوه بالحور العين في الجنة.. فقدت ابني".

 

وأمام الجالسين على الأرض تعرض رجل كبير في السن لم يعترف على الفور بأن ابنه انضم لتنظيم داعش للتعنيف. صرخ أحد ضباط القوات الخاصة في وجهه "لقد كذبت علي.. أنت من الدولة الإسلامية".

 

ومع حديث ضباط المخابرات مع الرجال قال بعض السكان إن أحد هؤلاء الذين تجمعوا في الميدان عضو في تنظيم داعش.

 

وبعد تغطية وجهه تم تقييده واستجوابه وصرخ فيه أحد المحققين "تكلم.. تكلم".

 

وقال لرويترز إنهم يحققون في الأمر إذ أن الرجل يمكن أن يكون من تنظيم داعش أو قد تكون هناك ضغينة بينه وبين من وشوا به ويحاولون توريطه.

 

وجلس أربعة آخرون يشتبه أنهم من المتشددين في غرفة في انتظار دورهم وقد بدا على ملامحهم التوتر.