شفق نيوز/ رصد "بيت الاعلام العراقي" في تقريره الواحد والثلاثين تغطية وسائل إعلام محلية مع تصريحات مسؤولين لم تخلو من خطاب كراهية للازمة السياسية بين بغداد واربيل على خلفية استفتاء إستقلال إقليم كوردستان.
ويشمل الرصد الفترة من أب (اغسطس) 2017 إلى 15 أيلول (سبتمبر) 2017 وشملت عينة الرصد تصريحات وردت في قنوات تلفزيونية ووكالات إخبارية وصحف.
واعلنت السلطات في اقليم كوردستان نيتها اجراء استفتاء على استقلال اقليم كردستان عن العراق وتتنظيمه في (25) ايلول (سبتمبر) الماضي، وهو ما احدث ازمة سياسية بين بغداد واربيل انخرطت فيها غالبية القوى والاحزاب والشخصيات سياسية عبر تصريحات تضمنت تبادل للاتهامات ومواقف متشنجة ساهمت وسائل اعلام في الترويج لها دون مراعاة الجانب المهني.
واستند راصدو "بيت الإعلام" على أرشيف المواقع الالكترونية والوكالات الإخبارية والفضائيات والصحف لعينة الرصد، برغم بعض الصعوبات في ذلك بسبب مشاكل الارشفة الالكترونية، كما تم الاستعانة بمقاطع فيديو نشرت على موقع "يوتيوب" وغيره من مواقع التواصل الإجتماعي. بحسب تقرير ورد لشفق نيوز.
ويعد تقرير الرصد الجديد مثالا جديدا حول خطاب الكراهية المتداول في الاعلام العراقي حول قضية سياسية، بعدما اصدر "بيت الاعلام" تقريره الضخم الموسوم بـ "قاموس الكراهية"([1])، تناول مفردات ومصطلحات كراهية باتت متداولة على نحو خطير لتصبح جزءا من الثقافة الشعبية في الحوارات والنقاشات حول قضايا سياسية وامنية واجتماعية.
وتوصل الرصد إلى النتائج الاتية:
1- جهوية تغطية بعض وسائل الإعلام للاستفتاء والازمة السياسية التي رافقتها بين بغداد وأربيل، إذ ركزت على مواقف أحادية عبر إستخدام نواب وسياسيين من أحد أطراف الأزمة الكوردية والعربية في تغطية الأزمة دون وجود ممثلين عن الطرف الآخر، ما أفرز تغطية إعلامية منحازة مستندة على معايير سياسية لا مهنية. (2)
2- استندت وسائل إعلام، خصوصا قنوات تلفزيونية على تصريحات سياسيين ونواب ومسوؤلين عراقيين تضمنت خطاب وعبارات كراهية وتهديدات مباشرة وغير مباشرة وشخصنة للازمة، مثلا "مؤامرة"، و"استهتار"، و"تمرد"، و"بلطجة" و"استفتاء بارزاني"، و"الاستفتاء سيكون يوم سقوط دكتاتور أربيل"، و"القزم"، و"الاستفتاء نوع جديد من الإرهاب"(3)، ولوحظ انغماس اكاديميين وخبراء ومحللين وقانونيين في ذلك من المفترض ان يكونوا غير معنيين بالمواقف الجهوية ذات الطابع السياسي(4)، الظاهرة سبق وأن حذر منها "بيت الإعلام" في تقرير الرصد الموسوم بـ "قاموس الكراهية".([1])
3- حافظت وسائل إعلام على "حد مقبول" في تغطية مهنية تناولت الأزمة عبر مواقف ممثلين عن أطراف الازمة ومحاولة التركيز على النقاط القانونية والإدارية بدلا عن الآراء المتشنجة، عبر نشرات اخبارية وبرامج حوارية ساهم معّدو هذه البرامج في الحوّل دون تصاعد التصريحات المتشنجة بين ضيوف البرامج والنشرات الإخبارية.

4- استغلت وسائل إعلام الأزمة السياسية لاستهداف قوى وأحزاب وشخصيات سياسية محلية، عبر تقارير تحليلية وتصريحات خاصة استندت على شخصيات بارزة دينيا واجتماعيا وسياسيا، وظهرت روايات واتهامات تداولتها وسائل إعلام نقلا عن مصادر غير صريحة او مسؤولين بشأن الاستفتاء لا تستند على قرائن ووثائق. (5)

5- سمحت وسائل اعلام لمسؤولين بالتعبير عن تصريحات ومواقف تضمنت اتهامات صريحة بقضايا محددة من دون اسنادها بادلة ووقائع، ووصلت هذه التصريحات الى مواقع التواصل الاجتماعي وانخرط العراقيون في سجالات حادة حولها وصلت الى تبادل التهديدات والشتائم في مؤشر الى تعريض السلم والامن المجتمعيين للثلم.(5)

6- استعانت وسائل إعلام بأخبار ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مجهولة المصدر، مثلا شائعات عن تهديد المقيمين العرب في اقليم كردستان وبالعكس تهديد المواطنين الاكراد في بغداد والمحافظات الجنوبية، إضافة الى نشر صور على انها لقوات عسكرية انطلقت من بغداد نحو إقليم كردستان لمنع الاستفتاء، وأيضا لقوات من البيشمركة تتجه نحو كركوك تبين ان الصور قديمة وتعود إلى سنوات سابقة، ولم تتردد وسائل إعلام في نشر مثل هذه الأخبار دون التحقق من صدقيتها اضطرّ مسؤولين الخوض في هذه الاخبار عبر نفيها وتفنيد الشائعات، او بناء مواقف عليها اثارت جدل بين العراقيين. (6)

7- سمحت وسائل اعلام بنشر مقالات رأي على مواقعها الالكترونية والصحف تضمنت خطاب كراهية لم يخلو من شتائم وتهديدات واتهامات ما ساهم في انتشار هذه المقالات ووصولها الى الجمهور وافرزت سجالات حادة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ويسجل "بيت الاعلام" هنا بان اعتبار هذه المقالات اراء تعبر عن اصحابها لا يعفي وسائل الاعلام التي نشرتها على منافذها الاعلامية المقروء والمرئي من تحمل مسؤوليتها المهنية والقانونية اتجاه هذه المقالات وكتّابها. (7)

 

التوصيات:

1- يؤكد "بيت الإعلام العراقي" على ضرورة إيلاء وسائل الإعلام الجانب المهني أولوية قصوى في تغطية الأزمات الكبيرة خصوصا تلك المتعلقة بمصير أفراد وجماعات ومؤسسات وفئات اجتماعية عبر الحصول على مصادر المعلومات من الجهات والساسة والمحليين المعنيين والأخذ بالمواقف والآراء والمعلومات دون السماح باستخدام لغة كراهية وتهديدات، كما يجب تجنب الحصول عن تصريحات تدل على ان قائلها بعيد عن الاختصاص تسهم في تفاقم الأزمة وتعميق الشرخ الاجتماعي.

2- على الصحافي والإعلامي المكلف بتغطية الأزمات توفير قاعدة بيانات واسعة تشمل المواقف الرسمية وغير الرسمية التي سبقت الأزمة وخلالها والتأكد من صحتها على المواقع الالكترونية الرسمية ومن ثم مقارنتها بالمواقف الحالية، ومطالبة المسؤولين الذين تتضمن تصريحاتهم اتهامات بأدلة مشفوعة لاخلاء مسؤولية الجهات الاعلامية عن الافراط بالشق المهني، والحول دون انتشار التصريحات المتشنجة الى الجمهور.

3- تجنب وسائل الإعلام الاستعانة بالأخبار والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا مع انتشار ما بات يعرف شعبيا ورسميا بـ "الجيوش الالكترونية" التي تستند على أخبار وقصص مفبركة تنتشر بين فئة واسعة من الجمهور عبر "الاعلان الممول" وسبق لـ "بيت الاعلام" تناول الظاهرة عبر تقرير الرصد الموسوم "الجيوش الإلكترونية...أخبار مفبركة تجتاح "فيسبوك"(8)، كما ان هناك حاجة لإشاعة ثقافة التعامل المهني مع المحتوى الرقمي عبر توفير خبرات للجمهور في كيفية التعاطي مع الأخبار والصور ومقاطع الفيديو المتداولة، وتبيان مخاطر المنشورات الكاذبة على الأمن والسلم الاجتماعي.