شفق نيوز/ تساءل معهد "بروكينجز" الاميركي عما اذا كان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي نجح، بعد مرور ستة شهور على توليه المنصب، في تحقيق انجازات ايجابية في البلاد، بعدما عبر العراق بشهور من الاضطرابات السياسية منذ اكتوبر 2019 وخروج التظاهرات المعارضة للحكومة والتي ساهمت في الاطاحة بحكومة عادل عبدالمهدي وفشل مرشحين اثنين في تشكيل ائتلاف الحكومة.
واعتبرت الباحثة مارسين الشمري في تقرير لها نشره "بروكينجز"، تحت عنوان "ماذا فعل الكاظمي بعد ستة أشهر في رئاسة الحكومة؟"، ان المحافظة على التوازن بصفته القائد العام للقوات المسلحة، خصوصا فيما يواجه العراق تحديات داخلية وخارجية متعددة، تمثل مسألة حساسة جدا.
وفي برنامجه الحكومي، طرح الكاظمي تسع اولويات لحكومته من بينها انتخابات مبكرة واصلاح القانون الانتخابي، ومحاربة كوفيد19، وبسط سيطرة الدولة على السلاح، والتعامل مع قضية العنف الذي مورس ضد المتظاهرين. وفي حين ان بعض هذه الاهداف يمكن تحقيقها من خلال سلطة رئيس الحكومة كالامن والشؤون الدولية، فان الاهداف الاخرى تتطلب تعاون مجلس النواب، خاصة الاصلاحات المتعلقة بالمالية والانتخابات.
وتساءلت الباحثة، انه بالنظر الى هذه الاهداف والمعوقات، فكيف كان اداء الكاظمي خلال الشهور الستة التي تولى فيها رئاسة الحكومة؟
واشارت الى ان الكاظمي حدد في اغسطس الماضي موعد الانتخابات المبكرة في السادس من يونيو 2021، لكن تحديد الموعد لا يعني ان الانتخابات ستحصل حتما، باعتبار ان مجلس النواب يجب ان يصادق على هذه الخطوة. والانتخابات المبكرة، تتطلب تمويلا فيما حكومة الكاظمي لم تتقدم بالميزانية الاتحادية للعام 2021 على الرغم من ان ذلك كان على رأس اهدافها.
وتابعت ان اقتراح ميزانية تتضمن تمويل الانتخابات سيشكل ضغطا على مجلس النواب للموافقة على الموعد المقترح، وهي مهمة شاقة باعتبار انها تتطلب من النواب ان يصوتوا على اخراج انفسهم من العمل البرلماني!
وما هو أكثر أهمية من تحديد الموعد الانتخابي، يتمثل بضمان ان الانتخابات المبكرة، بغض النظر عن موعد اجرائها، ستكون نزيهة وحرة. وقد طالب المتظاهرون وناشطو المجتمع المدني باصلاحات انتخابية خاصة من اجل دوائر انتخابية أصغر من أجل ضمان تمثيل افضل.
وبرغم ان مجلس النواب صوت في الشهر الماضي على الدوائر الانتخابية الاصغر، الا ان المعهد الاميركي اشار الى ان النظام الانتخابي العراقي ما زال متعثرا بسبب حقيقة ان آخر إحصاء سكاني يعتد به جرى في العام 1957، ومنذ ذلك الوقت، فان العراق شهد تغييرات ديموغرافية كبيرة.
وذكر ان الاولوية الثانية للحكومة تمثلت في مكافحة كوفيد19، مشيرا الى ان الحكومة السابقة فرضت قيودا صارمة على المواطنين، لكن بحلول شهر ابريل، جرى تخفيفها وتصاعدت ارقام الاصابات بعدها. وعندما تولت حكومة الكاظمي مسؤولياتها، استمرت في تخفيف الاجراءات على الرغم من تزايد الاصابات بين العراقيين، واصبح العراق اليوم البلد الثاني الاعلى رقما في الوفيات بسبب كورونا في المنطقة، بعد الجمهورية الايرانية، ويسبق تركيا بقليل، وهما بلدان عدد سكانهما ضعف عدد سكان العراق. وعلى المستوى العالمي، فان العراق يحتل المرتبة الـ19 بنسب الاصابات بين السكان، وهو رقم اقل من الواقع فعليا لان عدد الفحوصات التي تجرى منخفض، وهي حالة بالكاد شهدت تحسنا تحت حكم الكاظمي.
وكان من اولويات الكاظمي ما يرتبط بالحد من مستوى العنف، سواء من خلال تحقيق العدالة من اجل المتظاهرين الذين قتلوا، او احتواء الفصائل. وقد تعهد الكاظمي مرارا بتحقيق العدالة لضحايا التظاهرات، لكن ذلك يم يتحقق حتى الان، وظلت المسألة حتى حلول شهر اكتوبر الماضي حيث شكل الكاظمي لجنة رسمية للتحقيق في هذه الجرائم. وفي مقابلة تلفزيونية، اشار الكاظمي الى أن هذه المسألة شاقة وتتطلب صبرا.
واشارت الى ان ناشطين شككوا في قدرة الكاظمي على تطبيق اصلاحات مبكرة وتحقيق العدالة للمتظاهرين المقتولين، كما عبروا عن قلقهم من قدرته على وقف الاغتيالات والخطف للناشطين والتي لا تزال مستمرة تحت حكم الكاظمي، كاغتيال الباحث والخبير في الشؤون الأمنية هشام الهاشمي والناشطة البصرية ريهام يعقوب.
ومن اوائل خطواته في الحكومة، محاولته مواجهة الفصائل، وكلف جهاز مكافحة الارهاب بالتحقيق في الهجمات الصاروخية التي كانت تستهدف المنطقة الخضراء التي تضم وزارات ومقرات دبلوماسية عديدة، بما فيها السفارة الاميركية، مضيفة ان اعتقال خلية كتائب حزب الله، انتهت باطلاق سراح جميع افرادها باستثناء واحد فقط. ونقلت عن مصادر وصفتها بانها مقربة من الكاظمي قولها ان رئيس الحكومة، خلال اعتذاره لكتائب حزب الله، القى باللائمة على جهاز مكافحة الارهاب عما جرى، عوضا عن تحمل مسؤولية قراره الخاص.
كما اعتبر التقرير ان الكاظمي من خلال تكليف جهاز مكافحة الارهاب بدلا من الشرطة الاتحاية، فانه اساء استخدام موارد الدولة، واضعف صورة جهاز مكافحة الارهاب، احد اكثر مؤسسات العراق مصداقية.
وتحدث التقرير عن واقعة اعتذار ثانية للكاظمي في حادثة تتعلق بالناصرية خلال عملية بحث عن ناشط مدني، وذلك بهدف تجنب اغضاب العشائر الواسعة النفوذ.
واكد ان القائد العام للقوات المسلحة لديه كل الحق في ملاحقة الفصائل المسلحة، لكن يتحتم عليه فعل ذلك بعزم وتصميم، مشيرا الى ان التراجع المستمر عن أوامر وتقديم الاعتذارات للجماعات المستهدفة، يضعف جهاز مكافحة الارهاب، والقائد الاعلى للقوات المسلحة، والدولة العراقية.
واعتبر انه برغم ان البعض قد يجادل ان يدي الكاظمي مقيدتان باعتباره رئيس انتقالي للحكومة، الا ان التقرير اشار الى انه رئيس انتقالي فيما يتعلق بفترته الزمنية في الحكم، لكنه ليس انتقاليا فيما يتعلق بسلطته التنفيذية، ولهذا فان بامكانه ان يتحمل الكلفة السياسية للنيل من اللاعبين المؤثرين وكشفهم، اكثر من رئيس للوزراء له طموحات طويلة الامد.
وبينما اشار المعهد الاميركي الى ان كثيرين يعتبرون وظيفة رئيس الحكومة في العراق من بين اصعب الوظائف في العالم، فان الكاظمي طرح برنامجا طموحا مروج له بكثافة لولايته الحكومية المقتطعة. واضاف ان مهمة رئيس انتقالي للوزراء تحقيق الاستقرار المالي والامني والصحي للعراق، فيما يعيد بناء الثقة بالدولة الى حين يتم انتخاب حكومة جديدة في ظل انتخابات حرة ونزيهة في العام 2021.
وختم تقرير المعهد بالقول انه قبل ستة أشهر، تمت الإشادة بحكومة الكاظمي لتمثيلها النوايا الصحيحة من اجل الاصلاح، لكن اليوم، فان تقاعسه صار اكثر وضوحا.