شفق نيوز/ كشف موقع استرالي، اليوم الخميس، عن ثلاثة دروس يمكن تعلمها امريكياً من حرب العراق في المواجهة الأوكرانية الروسية الحالية، وفيما بيّن أن حرب العراق كما الحرب الأوكرانية اليوم تسببت بزيادة الانقسام الحزبي الحاد داخل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، أكد ضرورة تحديد القيادة الامريكية أهدافها الرئيسة عند المقارنة بين الحربين في العراق وأوكرانيا.
وقال موقع "كونفرزيشن" الاسترالي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز إن "هناك 3 دروس يمكن تعلمها من حرب العراق، فيما يتعلق بالحرب الاوكرانية الحالية، وطبيعة الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة هناك، على صعيد المعلومات الاستخباراتية والدعم المالي والتسليح".
وأضاف التقرير أن "واشنطن لم تعلن الحرب فعلياً على روسيا، لكن الوثائق التي جرى تسريبها مؤخراً، تظهر استمرارها في تقديم الدعم لاوكرانيا بمعلومات الاستخبارات والمال والسلاح، للتصدي للغزو الروسي"، مضيفا انه "لا تلوح نهاية في الافق للحرب بين أوكرانيا وروسيا، ولا نهاية للتدخل الأمريكي".
واشار التقرير الى انه "برغم انها ليست المرة الاولى التي تصبح فيها الولايات المتحدة طرفا ثالثا في الحرب، الا ان هذا السيناريو يذكر بحرب العراق بشكل خاص"، مبيناً ان "المقارنة مع حرب العراق يمكن ان توفر طريقة مفيدة للنظر الى حالة أوكرانيا".
الا ان التقرير لفت الى ان "هناك اختلافات ملحوظة بين حربي العراق واوكرانيا من منظور السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وانه بينما لا يوجد قوات برية امريكية في اوكرانيا، الا ان الاف الجنود الامريكيين قتلوا في العراق"، ومع ذلك، رأى التقرير ان "اجراء تقييم لحرب العراق وتداعياتها الطويلة، من الممكن ان يساعد في التعبير عن المخاوف فيما يتعلق بانخراط الولايات المتحدة في أعمال عنف قوية في مكان آخر".
ولهذا، طرح التقرير ثلاث نقاط رئيسية لفهمها وهي:
التدخل لا يضمن النجاح
واستعاد التقرير مرحلة ما قبل الغزو الامريكي للعراق في 2003 حيث كان الرئيس جورج بوش الابن أعلن نيته مهاجمة العراق برغم ان زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الذي خطط لهجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001، كان لا يزال حراً"، مضيفاً أن "صدام حسين تجرأ بالتالي على تحدي الولايات المتحدة وحلفائها بالتهرب من عمليات التفتيش على اسلحة الدمار الشامل التابعة للامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما أعطى الانطباع بانه يمتلك اسلحة محظورة".
ووصف التقرير "ما كان يجري بأنه كالجنون، وكاستمرار للعبة القط والفأر، وانه كان لدى بوش مخاوف قوية ازاء احتمال ان يقوم صدام باستخدام اسلحة الدمار الشامل المفترضة لشن هجمات بما يلحق بالولايات المتحدة ضررا اكبر مما جرى في هجمات 11 ايلول/سبتمبر".
وبعدما لفت التقرير الى قيام التحالف الذي ضم الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وغيرها، بغزو العراق، وتحقيق النصر السريع باسقاط نظام صدام، اشار إلى أن "بوش حظي بنسبة تأييد شعبية كبيرة فوراً، الا ان استطلاعات الرأي اللاحقة شهدت مسارا تراجعياً مع استمرار الحرب"، مضيفاً أن "واشنطن اظهرت محدودية في فهمها للسياسة والمجتمع والجوانب المهمة الاخرى للعراق الذي بادرت الى احتلاله ثم محاولة اعادة بنائه".
وذكر التقرير ان "العديد من القرارات وابرزها تسريح الجيش العراقي في ايار/مايو 2003 ، كشفت عن تقدير سيء او الجهل الواضح لان حل القوات الامنية تبعه اضطرابات مدنية حادة، وظهور الجماعات المسلحة المتمردة في العلن، وتصاعد الاقتتال الاهلي حتى العام 2017"، مبينا أن "العراق لا يزال الى اليوم غير مستقر سياسيا، ولم يقترب من التحول إلى ديمقراطية مما كان عليه قبل الغزو".
الثأر الشخصي لا يمكن أن يبرر الحرب
وذكر التقرير ان "صدام خلال فترة حكمه التي استمرت 24 عاما، عاش حياة باذخة بينما قمع المدنيين والمعارضين السياسيين، ونفذ ابادة بحق الشعب الكوردي، لكن تم اعدامه في نهاية المطاف على يد شعبه في العام 2006 ، بعدما اعتقلته القوات الأمريكية".
وتابع التقرير ان "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معروف ايضاً بنفس المستوى بل ربما اكثر خطورة، وسجله حافل بالقمع ضد شعبه، كما انه استفاد من قيادة واحدة من اكثر الحكومات فسادا في العالم، الى جانب امتلاكه اسلحة دمار شامل وسبق له ان هدد مرات عدة باستخدامها"، مضيفاً ان "كلاً من صدام وبوتين مستهدفين بشكل مباشر من القادة السياسيين الامريكيين الذي عبروا عن رغبتهم بالاطاحة بهما، وهو ما كان واضحا قبل فترة طويلة من انخراط الولايات المتحدة فعليا في حربي العراق واوكرانيا".
وبينما اعتبر التقرير ان "دعم الولايات المتحدة لاوكرانيا أمر مفهوم لأن كييف تخوض حربا دفاعية ولحق بها خسائر مدنية مروعة"، مبيناً ان "هذا الدعم امر منطقي ايضا من وجهة نظر الامن القومي الامريكي، لانه يساعد في التصدي للتوسع الروسي المتناغم بشكل متزايد مع الصين".
لكن التقرير لفت الى "انه من المهم ابقاء انخراط الولايات المتحدة في الحرب الاوكرانية، ضمن الحدود التي تعكس المصالح الوطنية للولايات المتحدة".
انقسام البلد
واوضح التقرير ان "حرب العراق تسببت بزيادة الانقسام الحزبي الحاد داخل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فيما تظهر استطلاعات الراي حول حرب العراق ان غالبية الامريكيين لا يعتقدون ان الغزو ساهم في جعل الولايات المتحدة أكثر امنا".
وتابع التقرير أن "الولايات المتحدة تواجه شكوكاً متزايدة حالياً حول الانخراط في حرب اوكرانيا، وهو تورط يعكس التزاما خارجيا له كلفته العالية أيضا".
وبحسب استطلاعات للراي في كانون الثاني/يناير 2023، فان "نسبة الامريكيين الذين يعتقدون ان بلادهم تقدم الكثير من المساعدات لاوكرانيا قد ارتفعت في الشهور الأخيرة، لكن ثلاثة ارباع الذين شملهم الاستطلاع ما زالوا يؤيدون الدور الأمريكي".
وبرغم ان التقرير لفت الى ان "المواطن الامريكي العادي لا يعرف سوى القليل لا يعرف شيئا بتاتا عن العراق او أوكرانيا"، الا انه اشار الى ان "صبر المواطن الامريكي قد ينفد عندما يصبح الدعم الامريكي للحروب الخارجية أكثر كلفة".
وتابع قائلا ان "من المرجح ان تتحول قضية المساعدات لاوكرانيا الى ملف ساخن في النزاع الدائر والمتصاعد داخل واشنطن حوب سقف الديون"، الا أن التقرير "اعتبر ايضا انه في حال لم تقدم الولايات المتحدة الدعم الكافي لاوكرانيا للتصدي للهجمات الروسية وحماية استقلالها، فإن الخصوم مثل روسيا والصين وايران سيتشجعون أكثر بعدائيتهم في اماكن أخرى".
وخلص التقرير الى القول ان "المقارنة بين الحربين في العراق واوكرانيا تظهر ان القيادة الامريكية عليها تحديد الاهداف الرئيسية بالنسبة الى امنها القومي امام الجمهور الامريكي مع تحديد حجم ونوع الدعم الذي ستقدمه لاوكرانيا".
وتابع قائلا انه "بينما يعتقد كثيرون ان اوكرانيا تستحق الدعم ضد العدوان الروسي، فانه يجب الا تتجاهل السياسة الحالية، التجربة السابقة، وحرب العراق تشكل رواية لقصة تحذيرية بهذا المجال".
ترجمة وكالة شفق نيوز