شفق نيوز – ترجمة خاصة

انتقدت صحيفة "ذي ناشيونال" الصادرة بالإنجليزية فكرة "تسليح الطاقة" في العراق، وتحويل بنيتها التحتية إلى واحدة من أبرز ساحات الصراع السياسي في البلد، وذلك في إشارة إلى الهجوم الذي استهدف حقل غاز كورمور في إقليم كوردستان.

ولفت تقرير الصحيفة الصادرة في أبوظبي، والذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن هجوماً جديداً على حقل كورمور أدى إلى وقف تدفقات الغاز وانقطاع التيار الكهربائي، مشيراً إلى أن هذا المشهد أعاد تذكير الملايين من الناس مجدداً بمدى هشاشة التقدم عندما يتم تسليح الطاقة.

واعتبر التقرير أن حقل كورمور ليس موقعاً صناعياً عادياً، إذ إنه بمثابة القلب النابض لشبكة الطاقة في الإقليم، حيث يوفر الغاز نحو 80% من تدفقات الغاز في كوردستان عبر خمس محطات لتوليد الكهرباء، ويتيح أيضاً إمكانية نقل الكهرباء إلى المناطق الاتحادية.

وذكر التقرير أن حقل كورمور وصل قبل نحو شهر ونصف إلى مرحلة فارقة مع الانتهاء من "مشروع KM 250" التوسعي الذي عزّز إنتاج الحقل إلى 750 مليون قدم مكعب قياسي يومياً، وهي زيادة تهدف إلى دعم الكهرباء على مدار 24 ساعة لأول مرة في تاريخ الإقليم.

ورأى التقرير أن هذا التقدم المحقق يتعرض لإطلاق النار حرفياً، مشيراً إلى أن "دانا غاز" التي تتخذ من الإمارات مقراً لها هي التي تدير الحقل.

وبعدما لفت التقرير إلى أن سلطات الإقليم ألقت اللوم، بشكل غير مباشر، على ميليشيات تابعة لإيران داخل العراق، ذكر أن كورمور استُهدف مراراً خلال السنوات الأخيرة، وتمثل ذلك بتسعة هجمات على الأقل منذ العام 2023، وأكثرها دموية كان في نيسان/أبريل 2024 عندما تسبب الهجوم بمقتل أربعة عمال وفرض الإغلاق على الحقل لفترة طويلة.

وبحسب التقرير، فإن النظريات المتداولة حول الجهة الضالعة في الهجوم تعكس واقع الاستقطاب السياسي، موضحاً أن البعض يعتبرونه انتقاماً لأداء الأحزاب الكوردية بشكل أفضل مما كان متوقعاً في الانتخابات الأخيرة، بينما يرى آخرون أن الرسالة الكامنة وراء هذه الضربات أوسع من ذلك ولها بُعد استراتيجي، وهو أن الإقليم يجب ألا يصل إلى الاستقلال في مجال الطاقة، مما قد يعني إمكانية نقل مزيد من إمدادات الكهرباء في المستقبل إلى العراق الاتحادي.

وتابع التقرير أنه من الصعب نفي هذا التفسير الثاني، مذكّراً بأن إيران لا تزال تزوّد العراق بالغاز على الرغم من احتياطيات العراق الضخمة من الموارد النفطية والغازية، حيث إن الغاز الكوردي قد يحل في نهاية المطاف مكان هذه الواردات من إيران.

وأضاف التقرير أن هذه الهجمات توجه بالتالي رسالة مفادها أنه يجب إضعاف شعبية الأحزاب الكوردية، وأن الاعتماد على إيران يجب الحفاظ عليه.

ولفت التقرير إلى أن مصادر مطلعة على التحقيقات في هجمات سابقة توصلت إلى أن تحليل آثار الانفجارات من جانب لجان كوردية وعراقية أظهر أن هناك مكونات إيرانية الصنع.

وقال التقرير إنه عندما يتعرض حقل كورمور للهجوم، فإن العائلات تخسر إمدادات الكهرباء، وتعمل المستشفيات على مولدات احتياطية، وتتوقف المصانع عن الإنتاج، لافتاً إلى أن الشركات الدولية التي تكون استثماراتها بمثابة أوكسجين التنمية تصبح مترددة، مذكّراً بأن شركات أجنبية عاملة في هذا المجال سبق لها أن أوقفت بالفعل أو أبطأت توسعها بعد هجمات سابقة بسبب المخاوف الأمنية.

وبالإضافة إلى ذلك، رأى التقرير أن الهجمات على البنية التحتية المتكررة دون مساءلة تعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

وذكر التقرير مقابلة أجرتها "ذي ناشيونال" مؤخراً مع رئيس الوزراء في الإقليم مسرور بارزاني، قال فيها إن "السلطات حددت الأفراد المرتبطين بالعديد من الهجمات السابقة، وأنه جرى اعتقال البعض فقط ليُطلَق سراحهم بكفالة من قبل السلطات الاتحادية"، مشيراً إلى أن "تصرف السلطات الاتحادية لإنقاذ هذه الجماعات لن يؤدي إلا إلى وقوع المزيد من الهجمات".

واعتبر التقرير أن ما هو واضح أن البنية التحتية للطاقة أصبحت واحدة من أكثر ساحات القتال المتنازع عليها سياسياً في العراق، مضيفاً أن "من يتحكم في الكهرباء يتحكم في قوة المساومة، وكل من يستطيع تحويل الضوء إلى ظلام يمارس نفوذاً يتجاوز نطاق الطائرة المسيّرة، وهذا أمر ربما تستخدمه الجماعات المتحالفة مع إيران في العراق باستمرار للحصول على وجودها وهيمنتها".

وتابع التقرير أنه فيما يتعلق بالسلطات الكوردية، "فإن المأساة لا تتعلق فقط بأن منشأة حيوية هوجمت مرة أخرى، ولكن بأن هذا الهجوم كان يمكن التنبؤ به"، موضحاً أن مسؤولي الإقليم يدعون الولايات المتحدة إلى مساعدتهم في الحصول على معدات عسكرية من شأنها أن تساعد في الدفاع عن المواقع الحساسة، إلا أن التحدي في هذه الخطوة هو أن هذه المعدات يجب أن تمر عبر السلطات الاتحادية في العراق.

ونقل التقرير عن تغريدة لنائب مدير مكتب رئاسة الوزراء في الإقليم عزيز أحمد قوله: "كم عدد الهجمات التي يجب أن تقع قبل أن تسمح حكومة الولايات المتحدة ببساطة لحكومة كوردستان بشراء معدات مضادة للطائرات المسيّرة، للدفاع عن سمائنا والبنية التحتية الحيوية؟".

وختم التقرير بالقول إن السلطات الكوردية تدرك أن التيار الكهربائي سيتم استعادته في نهاية الأمر في الإقليم، إلا أنه في حال لم تكن هناك محاسبة، فإن تأثير إيران لن يخفت".