شفق نيوز- ترجمة خاصة

عاد النفط ليصبح عنوانا رئيسيا للاشتباه بطبيعة التحرك الأميركي ضد فنزويلا، البلد الذي يملك خمس الاحتياطات النفطية عالميا، وذلك بحسب رصد شبكة "سي ان ان" الأميركية في تقرير لها تحت عنوان "ترمب يهدد بمهاجمة بلد لديه نفط أكثر من العراق". 

وبداية، قالت "سي ان ان" في تقريرها الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إن الولايات المتحدة تبدو مستعدة للحرب مع فنزويلا، وهو احتمال نَسبه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، إلى رغبة واشنطن في السيطرة على احتياطيات النفط الضخمة في بلاده، وذلك على الرغم من نفي وزارة الخارجية الأميركية لذلك أو ارتباط تهديدات ترمب ضد فنزويلا بالملف النفطي. 

وبحسب الوزارة الأميركية، فإن النفط لا يلعب دورا مركزيا في إرسال الجيش الأميركي أكثر من 12 سفينة حربية 15 الف جندي الى المنطقة، بعد تهديدات ترمب بأن الضربات البرية قد تكون وشيكة ويجب على الطائرات تجنب المجال الجوي الفنزويلي، مشيرة إلى أن إدارة ترمب تسعى من وراء تهديداتها العسكرية لوقف تدفقات المهاجرين والمخدرات من فنزويلا.

وذكرت "سي ان ان" انه مهما كان الأساس خلف الوضع المتفاقم بسرعة في منطقة البحر الكاريبي، وما إذا كان هناك تغيير للنظام سيحدث في فنزويلا، فإن أكبر احتياطي نفطي مثبت على الارض، سيلعب دوراً مركزيا في مستقبل البلد.

وأشار التقرير إلى أن غالبية الناس تربط مخزونات النفط الكبيرة بالشرق الاوسط او تكساس، الا ان فنزويلا تتربع على 303 مليارات برميل من النفط، وهو ما يمثل حوالي خمس الاحتياطيات العالمية في العالم، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، لافتا إلى أنها تشكل أكبر تجمع معروف من النفط على كوكب الأرض.

إلا أن التقرير لفت إلى أن إمكانيات فنزويلا تتجاوز بكثير انتاجها الفعلي، موضحا انها تنتج حوالي مليون برميل من النفط يوميا، وهو ما يمثل فقط حوالي 0.8% من إنتاج النفط العالمي. 

وبحسب التقرير، فإن هذه النسبة تمثل أقل من نصف ما أنتجته قبل أن يسيطر مادورو على البلد في العام 2013 ، وأقل من ثلث الـ3.5 مليون برميل التي كانت تضخها قبل أن يتولى النظام الاشتراكي زمام الأمور في العام 1999.

وتابع التقرير أن العقوبات الدولية المفروضة على الحكومة الفنزويلية والأزمة الاقتصادية العميقة، ساهمت في تراجع صناعة النفط الفنزويلية، إلى جانب نقص الاستثمار والصيانة، بينما تدهورت البنية التحتية للطاقة، ومع مرور السنوات، تراجعت قدرتها على إنتاج النفط بشكل كبير.

وأوضح التقرير أن نوعية النفط الذي تمتلكه فنزويلا، وهو من الخام الثقيل (عالي الكثافة واللزوجة) والحامض (يحتوي نسبة عالية من الكبريت)، يتطلب استخدام معدات خاصة ومستوى عال من المهارة التقنية لانتاجه، مشيرا إلى أن شركات النفط الدولية لديها القدرة على استخراجه، ولكن جرى تقييد قدرتها على القيام بأعمال تجارية في فنزويلا.

وذكر التقرير بأن الإدارة الأميركية فرضت عقوبات على فنزويلا منذ العام 2005، كما أن إدارة ترمب الأولى منعت في العام 2019 جميع صادرات النفط إلى الولايات المتحدة من شركة النفط الحكومية "بتروليوس دي فنزويلا".

وتابع قائلا إن الرئيس آنذاك جو بايدن منح في العام 2022 شركة "شيفرون" اذنا للعمل في فنزويلا كجزء من محاولة لخفض أسعار الغاز، لكن ترامب الغى هذا الترخيص في آذار/مارس ولكن أعيد إصداره لاحقا بشرط ألا تذهب أي عائدات إلى حكومة مادورو.

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تنتج نفطا أكثر من أي بلد آخر، إلا أنها تحتاج إلى استيراد النفط، وخصوصا من النوع الذي تنتجه فنزويلا، موضحا أن أميركا تنتج الخام الخفيف المناسب لصنع البنزين، لكن لا يناسب إنتاج مواد اخرى. 

أما النفط الخام الثقيل والحامض مثل النفط من فنزويلا، فإنه شديد الأهمية لبعض المنتجات المصنوعة في عملية التكرير، بما في ذلك الديزل والأسفلت والوقود للمصانع وغيرها من المعدات الثقيلة، فيما لفت التقرير إلى أن إمدادات الديزل في جميع أنحاء العالم، ضعيفة، لأسباب من بينها بدرجة كبيرة، العقوبات المفروضة على النفط الفنزويلي.

ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة استوردت 102 ألف برميل يوميا من فنزويلا اعتبارا من أيلول/ سبتمبر الماضي، إلا أنه رقم ضئيل مقارنة بـ254 ألف برميل يوميا تستوردها من السعودية و4.1 مليون برميل من كندا.

وبحسب محلل الأسواق في شركة "برايس فيوتشر غروب" فيل فلين فإن فنزويلا قريبة من أميركا التي اعتمدت لعقود طويلة على النفط الفنزويلي الرخيص نسبيا، ونوعيته تتطلب تكريراً خاصا، مشيراً إلى أن معظم المصافي الأميركية مصممة لمعالجة النفط الثقيل في فنزويلا، وهي أكثر كفاءة بكثير عندما تكرر النفط الفنزويلي مقارنة بالنفط الأميركي. 

وفي حال الإطاحة بنظام مادورو، لم تستبعد "سي ان ان" أن يحقق فتح النفط الفنزويلي على العالم، فوائد للولايات المتحدة وحلفائها، حيث أن ذلك قد يحولها إلى أكبر مصدر للنفط بعد إزالة القيود المفروضة على صناعة الطاقة الفنزويلية، بما يمكن أن يخلق ذلك فرصاً لشركات النفط الغربية. 

وأشار التقرير الى أن كلفة تجديد خطوط الأنابيب والبنية التحتية القديمة في فنزويلا، قد تصل إلى 58 مليار دولار، وأنه في حال وصلت "حكومة أكثر صداقة إلى الغرب للسلطة في فنزويلا، فقد تكون هذه التكلفة الهائلة تستحق الدفع، ليس فقط فيما يتعلق بأرباح شركات النفط والمصافي، ولكن للجغرافيا السياسية أيضا". 

وفي هذا الإطار، لفت التقرير إلى أن النفط الروسي يشبه النفط في فنزويلا، وهذا هو السبب في أن الهند والصين لا تزالان تعتمدان عليه على الرغم من العقوبات الدولية التي تهدف إلى شل قدرة البلاد على تمويل حربها في أوكرانيا، مضيفا أن تعزيز قدرات الإنتاج الفنزويلي، يمكن أن يوفر بديلا للنفط الروسي، وهو ما سيؤدي إلى إضعاف اقتصاد روسيا وقدرتها على شن حرب في أوكرانيا.

وختم التقرير بالإشارة إلى أن البعض يتكهن بأن النفط قد يلعب دورا في قرار إدارة ترمب بالضغط على مادورو، لافتا إلى أن الرئيس الفنزويلي أرسل رسالة إلى الأمين العام لأوبك، يتهم فيها إدارة ترمب بالسعي للاستيلاء على احتياطيات بلاده النفطية.

وذكر التقرير بتصريحات للرئيس الكولومبي غوستافو بترو قال فيها إن النفط هو في صميم هذه القضية لذلك، وأن ما يجري هو تفاوض حول النفط، مضيفا "أعتقد أن هذا هو منطق ترمب".