شفق نيوز- بغداد/ ترجمة خاصة 

أكدت صحيفة "جيروزاليم استراتيجيك تريبيون" الأمريكية على أهمية الدور الذي يؤديه حلف شمال الأطلسي "الناتو" في العراق لمواجهة التحديات الأمنية وتعزيز قدرات بغداد، لكنها دعت أيضاً "الناتو" إلى نقل تجربته العراقية هذه إلى دول هشة أخرى مثل سوريا ولبنان. 

وأشار التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن بعثة الناتو في العراق تقوم بتدريب القوات المسلحة وأجهزة الأمن الحكومية، وتوفر لها الاستشارات حول مجموعة واسعة من المهمات للتعامل مع العديد من التهديدات الإرهابية، لافتا إلى أن التطور المتواصل لبعثة الناتو التدريبية في العراق والحاجة المستمرة لها. 

وفي هذا الإطار، ذكر التقرير بأن "الناتو" بذل خلال الفترة من العام 2004 إلى العام 2011، جهودا صغيرة وإنما حيوية، من أجل تدريب قوات الأمن العراقية وإرشادها ومساعدتها، مشيراً إلى أن بعثة "الناتو" عملت من خلال 4 مواقع، هي قاعدة العمليات الأمامية "يونيون 3" في المنطقة الدولية ببغداد؛ و"معسكر دبلن" في مطار بغداد الدولي، و"قاعدة الرستمية" في جنوب بغداد؛ و"قاعدة التاجي الجوية" في شمال بغداد. 

وبعدما لفت التقرير إلى اختتام القوات الأمريكية مهمتها القتالية وسحب كل قواتها تقريبا في العام 2011، وتوقف بعثة "الناتو" ايضا في 31 ديسمبر/كانون الأول 2011، قال إن تنظيم داعش استولى في يونيو/حزيران العام 2014، على الموصل وأجزاء كبيرة من شمال العراق بعد انسحاب الجيش العراقي، فردت الولايات المتحدة بإطلاق عملية "العزم الصلب" وتعزيز القوات الأميركية لمواجهة تنظيم داعش والقضاء عليه في معقله.

وتابع التقرير قائلاً إن الحكومة العراقية تواصلت خلال العام 2015، مع حلف "الناتو" للحصول على الدعم مجددا. في البداية، حيث كانت البداية تدريبات قدمها "الناتو" لقوات أمنية عراقية خارج العراق، ثم خلال قمة وارسو العام 2016، وافق الحلف على نشر فريق رئيسي من المدربين في بغداد.

وأضاف أن هذا الملف تطور للوصول إلى مهمة "الناتو" الجديدة في العراق، مشيراً إلى أن اللواء داني فورتين، من القوات الكندية، كان أول قائد لمهمة الناتو في العراق، وخلفته اللواء جيني كارينيان، من القوات الكندية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، والتي أصبحت أول سيدة تتولى منصب رئيسة أركان الدفاع في كندا حاليا. 

وقال التقرير إنه لم يكن من السهل إطلاق مهمة "الناتو" من خلال فريق أساسي صغير في بغداد إلى مهمة كاملة لحلف "الناتو" التي صار لها وجود من خلال 3 مواقع رئيسية. 

وأوضح أن الموقع الأول في بغداد، حيث جرى التركيز على تعزيز المؤسسات التي تتولى تدريب القادة النظاميين والمدنيين في قوات الأمن العراقية في جامعة الدفاع الوطني العراقية بما في ذلك تعليم عدة لغات للتدريس، وأهمها اللغة الانجليزية.

وتابع التقرير أن الموقع الثاني هو في قاعدة بسماية، حيث درب الحلف وحدات عراقية متخصصة في "التخلص من الذخائر المتفجرة"، والتي كانت مهمتها اكتشاف أطنان من الذخائر التي ألقيت على الأرياف العراقية خلال عمليات قتالية سابقة، وتفكيكها، حيث أن هذه الذخائر عرقلت عملية إعادة الإعمار في مدينة الموصل.

وأضاف التقرير أن الموقع الثالث هو في مطار التاجي، حيث قام مدربو الحلف بتدريب قوات الأمن على إنشاء مدرسة نقل لتدريب السائقين والحفاظ على خطوط الاتصالات البرية ومراكز اللوجستيات في كل أنحاء البلد.

وبعدما قال التقرير أن العراقيين كانوا يقابلون مهمة "الناتو" بالترحيب والحماس والرغبة لتوسيع نطاق التدريب وبناء قدراته ليشمل مناطق جديدة، بالرغم من تعرض البعثة للتهديد من قبل قوات الميليشيات المدعومة من إيران في بغداد وحولها، أوضح أن المهمة كانت تسير بسلاسة كاملة إلى أن اغتالت القوات الأمريكية في 3 يناير/كانون الثاني 2020، قائد قوة القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بالقرب من مطار بغداد، مشيراً إلى أن سليماني كان مسؤولا على مر السنين عن قتل وجرح العديد من الجنود الأمريكيين وحلفائهم نتيجة لأنشطة الحرس الثوري الإيراني. 

وفي حين اعتبر التقرير أن الهدف من اغتيال سليماني كان توجيه رسالة قوية لإيران واضعاف نشاط فيلق القدس على المدى الطويل، إلا أنه أشار إلى أن رد الفعل الفوري للميليشيات تمثل في مهاجمة القواعد الأمريكية، بما في ذلك المواقع التي يتشارك جنود "الناتو" والجنود الأمريكيون التواجد فيها، وهو ما عرض مدربي الناتو لمخاطر كبيرة. 

وفي ضوء ذلك، لفت التقرير إلى أنه تقرر بالتشاور مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، إيقاف مهمة "الناتو" في العراق مؤقتا، وليس انهائها، وإجلاء المدربين مؤقتا إلى ملاذ آمن في الكويت، إلا أنه بعد فترة تهدئة طويلة عاد مدربو الحلف إلى قواعدهم في بغداد بسماية والتاجي، مشيراً إلى أن الفضل الأكبر في هذه العودة يعود إلى اللواء جيني كارينيان التي تتمتع بأسلوب جذاب وصادق في التعامل مع القادة العراقيين ووزير الدفاع، مشيراً أيضا إلى أنه منذ رحيلها عن مصبها في العراق، واصل مهمتها ضباط من البعثات التابعة للدنمارك وإيطاليا وإسبانيا وهولندا، وفرنسا حاليا. 

وبحسب التقرير، فإن الحكومة العراقية تقدمت بطلب آخر في العام 2021، حيث وافق وزراء "الناتو على توسيع البعثة لتوفير التدريب وتطوير قدرات لوزارة الداخلية وقيادة الشرطة الاتحادية، مع التركيز على السلوك الأخلاقي، وإرساء سيادة القانون، والتدريب على استخدام القوة، والقضاء على الفساد. 

وأضاف أن البعثة تدعم مبادئ حماية المدنيين والأطفال في ظل النزاعات المسلحة، وأجندة "الناتو" فيما يتعلق بالمرأة والسلام والأمن.

وختم التقرير بالدعوة إلى اعتبار مهمة "الناتو" في العراق بمثابة نموذج للاحتذاء به بالنسبة لقوى الأمن الأخرى في الشرق الأوسط، مثل لبنان وسوريا، وذلك في وقت تقلص الولايات المتحدة وجودها العسكري، وتركز في المقابل بشكل أكبر على التوترات في غرب المحيط الهادئ. 

وخلص التقرير إلى القول إنه لا يمكن التسامح مع الشبكات الإرهابية وهي ترسخ وجودها في مناطق خارج سلطة الحكم مثلما فعل تنظيم القاعدة في أفغانستان قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، مضيفا أن تدريب قوات الأمن المحلية على تطبيق سيادة القانون يمثل ثمنا زهيدا نسبيا، مقابل استثمار له مردود اكبر.