شفق نيوز- ترجمة خاصة
ذكر موقع "أويل برايس" المتخصّص بشؤون الطاقة والنفط، أن الرسالة الأوسع من شحنة النفط الكوردية التي وصلت إلى الأسواق الأميركية، تحمل مضامين جيوسياسية، وهي بمثابة إعلان استراتيجي مفاده أن الولايات المتحدة "عادت" إلى العراق.
وأشار الموقع النفطي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى الشحنة الكوردية التي وصلت إلى الولايات المتحدة أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والتي كانت الأولى منذ إعادة تشغيل خط أنابيب العراق وتركيا (ITP) قبل نحو شهرين، لافتاً إلى أنه من المتوقّع وصول المزيد من الشحنات الكوردية خلال الفترة المقبلة.
وذكّر التقرير بالهجوم الأخير على حقل كورمور في إقليم كوردستان، مشيراً إلى أن توقيت استئناف صادرات النفط هذه الى الولايات المتحدة، يُعتبر أمراً جيّداً.
وأضاف، ان الحقل المستهدف تسبّب في انقطاع التيار الكهربائي بشكل واسع، لافتاً إلى أن مصادر أمنية قريبة من وزارة النفط العراقية، تشير إلى احتمال تورّط إيران، من خلال احدى أدواتها العديدة في العراق، على الرغم من عدم تبني أية جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
ووفقاً للتقرير ذاته، ربما تقف إيران وراء الهجوم لسببين، أولهما للتحذير من المزيد في المستقبل إذا استمر إقليم كوردستان في تطوير إمكاناته الغازية الكامنة، ما سيسمح للعراق ككل بتقليص اعتماده الطويل على إيران لما يصل إلى 40% من احتياجاته من الطاقة من خلال واردات الغاز والكهرباء.
وقال التقرير إن الهدف الثاني لإيران، يتمثّل بمحاولة تعزيز الشقاق بين العراق والولايات المتحدة التي تركز على العلاقة المتواصلة بين بغداد وطهران، حيث يبدو أنها تتراجع في ظل التدفق الأخير للشركات الغربية إلى العراق.
وفي الوقت الذي يشير فيه التقرير إلى أن العديد من هذه الشركات يساهم في مساعدة العراق على التقاط المزيد من الغاز المصاحب، يلفت إلى أن التقديرات الرسمية تفيد بان احتياطيات العراق المؤكدة من الغاز الطبيعي التقليدي تصل إلى 3.5 تريليون متر مكعب أو حوالي 1.5% من المجموع العالمي، ما يضعها في المرتبة 12 بين حاملي الاحتياطيات العالمية.
وتناول التقرير في هذا الإطار مشاريع شركة "شل" البريطانية وشركة "توتال اينرجيز" الفرنسية.
وتطرّق التقرير إلى فشل العديد من المحاولات السابقة التي قادتها الشركات الأميركية بشكل رئيسي في تحقيق تقدّم جيّد فيما يتعلق بقضية الغاز المشتعل في العراق، والحد من اعتمادها في ملف الطاقة على إيران، وذلك أساساً بسبب المعارضة المتجذّرة لهذا التغيير في بغداد نفسها، بدعم من طهران.
وتابع التقرير، أن اقليم كوردستان بدا منذ فترة طويلة كاحتمال أفضل بالنسبة للغرب، قبل أن يتوسع التأثير الروسي بشكل كبير مع سيطرة شركة "روسنفت" على قطاع النفط في الإقليم في أواخر العام 2017.
وتناول التقرير الاحتياطات الغازية الضخمة الموجودة في الإقليم والمقدّرة بنحو 25 تريليون قدم مكعب، حيث تتركز الموارد غير المكتشفة في حزام زاغروس الذي يقع جزء كبير منه في مناطق الإقليم.
وأوضح التقرير أنه بالنظر إلى افتقار إقليم كوردستان نسبياً إلى التركيز على قطاع الغاز، فأنه لا يمتلك بنية تحتية متطوّرة بالكامل للغاز، مشيراً إلى استمرار الحاجة إلى استكمال مرافق معالجة المحطات وخطوط الأنابيب لنقل الغاز المحلي إلى محطات توليد للطاقة، وهو ما حدّ سابقاً من الاستثمار في البنية التحتية داخلياً وخارجياً، وهو افتقار لطالما أرادت إيران له أن يستمر سواء من خلال محاولة إحباط محاولات الاستثمار من الغرب، أو من خلال محاولة تعطيلها على الأرض باستخدام أصول "الميليشيات الوكيلة".
وكنتيجة لذلك، اعتبر التقرير أن استمرار الاستثمار في قطاع الغاز في إقليم كوردستان من جانب الشركات الأجنبية، وخصوصاً من جانب الغرب مباشرة، تحوّل إلى هدف لعمليات زعزعة الاستقرار التي تدعمها إيران.
وفي المقابل، قال التقرير إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأساسيين من إقليم كوردستان ومن العراق على النطاق الأوسع، يريدون إنهاء جميع الارتباطات مع الشركات الصينية والروسية والإيرانية على المدى الطويل، مضيفاً ان هنالك مصلحة استراتيجية أخرى لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، في استخدام إقليم كوردستان كقاعدة لعمليات المراقبة المستمرة ضد إيران.
ويرى التقرير أنه من خلال فهم هذه العناصر الأساسية، فأن كل ما حدث، يحدث، وسيحدث، سيكون منطقياً تماماً، موضحاً أنه يتحتم النظر إلى استمرار استيراد الولايات المتحدة لنفط مصدره عراقي، من خلال إقليم كوردستان، في هذا السياق.
كما أن هذا وفقاً للتقرير، إعلان نوايا واضح من جانب الولايات المتحدة وحلفائها الأساسيين، بأنهم هناك للبقاء، ليس فقط في إقليم كوردستان، وإنما في العراق، وأن هذا لن ينطوي فقط على تعزيز صفقات الاستكشاف والتطوير في كل أنحاء البلد، ولكن أيضاً الدعم المالي للشمال والجنوب خلال عملية النفط والغاز باكملها، من التنقيب إلى التسليم.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن الوجود الميداني لأفراد الأمن الغربيين في الشمال والجنوب، سيتواصل بما هو مسموح به بموجب القانون الدولي عندما يتعلق بحماية الأصول القيّمة في ولاية قضائية أجنبية.
ونقل التقرير عن مصدر قانوني كبير مرتبط بوزارة الخزانة الأميركية، ومقره واشنطن، قوله إن شحنة النفط الأخيرة من العراق إلى الولايات المتحدة، "ليست سوى جزء من المشهد الكامل الذي يقول: نحن هنا مرة أخرى الآن، وهذه المرة لن نرحل بعيداً".