شفق نيوز - بغداد/ ترجمة خاصة
ذكر "معهد الشرق الأوسط" الأمريكي أن أسباباً عديدة دعت العراق إلى تأييد التهدئة بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، التي من شأنها دفع بغداد وأربيل إلى معالجة خلافهما النفطي، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية لطالما سارت على طريق يحاول من جهة الحفاظ على العلاقات السياسية مع جارتها إيران وحلفائها في الداخل، ومن جهة أخرى الحفاظ على علاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة.
واعتبر المعهد الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه "من غير المستغرب" أن ترحب بغداد سريعاً باتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 23 حزيران/ يونيو الجاري بين إسرائيل وإيران.
وأضاف أن تأييد العراق لمبدأ خفض التصعيد ينطبق عليه نفسه، حيث تسعى الحكومة إلى كبح جماح الميليشيات الموالية لإيران، وتسعى في الوقت نفسه إلى احتواء التحديات الاقتصادية للحرب الإسرائيلية الإيرانية والنزاعات المستمرة مع حكومة إقليم كوردستان.
وبعدما لفت التقرير إلى الإدانات الصادرة ضد الهجوم الإسرائيلي في 13 حزيران/ يونيو عن الحكومة العراقية ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى جانب مجموعة من القيادات السياسية والشخصيات الدينية والتي من أبرزها البيان الصادر عن مكتب آية الله علي السيستاني، قال التقرير إنه حتى رئيس حكومة إقليم كوردستان أدان الهجمات علناً، ووصفها بأنها تهديد للاستقرار الإقليمي ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف الأعمال العدائية.
إلا أن التقرير رأى أن ضعف الجيش العراقي يجعل أي تحرك من جانب الدولة العراقية يكون أبعد من الإدانة اللفظية، أمراً صعباً، مضيفاً أنه برغم الانتقادات الحادة، فإن حكومتي بغداد والإقليم، لا تريدان أن يتم جر البلد إلى الحرب.
وأشار إلى شعور السلطات الكوردية بالقلق من احتمال شن هجمات إيرانية واسعة ضد القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة في القاعدة الجوية في حرير، إلى الشمال من أربيل، حيث قامت بنشر حماية إضافية من قوات البيشمركة.
وبحسب التقرير، فإن واحدة من القضايا الحساسة بالنسبة لبغداد خلال المواجهة بين إسرائيل وإيران هي الانتهاك المستمر للمجال الجوي العراقي من قبل الطرفين، على الرغم من أن الجانب الأكبر من انتقاداتها، كان يوجه إلى إسرائيل.
وبين أنه مع ذلك فأن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، قال في 14 حزيران/ يونيو إن اتفاقية الإطار الإستراتيجي الثنائية بين واشنطن وبغداد، تحمل التزاماً من الولايات المتحدة بمنع الانتهاكات الإسرائيلية للمجال الجوي العراقي.
واستعان المعهد الأمريكي بتقرير نشرته وكالة شفق نيوز، قالت فيه إن نائب وزير الخارجية العراقي حسين بحر العلوم قال لدبلوماسي أمريكي كبير في بغداد إن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للمجال الجوي العراقي "لا تقوض السيادة العراقية فقط، وإنما تهدد أيضاً سلامة الطيران المدني".
واعتبر التقرير الأمريكي أنه من الواضح أن هذا الموقف العراقي لم يكن يستند على أسس محلي فقط، موضحاً أن الإيرانيين ضغطوا أيضاً على بغداد لمحاولة وقف الطلعات الجوية الإسرائيلية في العراق وهي في طريقها إلى ضرب أهداف في إيران، وهي نقطة كان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان طرحها علنا في 16 حزيران/ يونيو الجاري.
وتابع التقرير أن بغداد التي تدرك "ضعفها الأمني الخطير"، تقوم بشراء بطريات دفاع جوي كورية جنوبية، لكنها لن تبدأ بالحصول عليها قبل أشهر، مضيفاً أن الحكومة الاتحادية تبحث أيضاً في كيفية الاستفادة من اتفاقية الإطار الإستراتيجي لتأمين الضغط الأمريكي على إسرائيل لوقف استخدامها للمجال الجوي العراقي.
ورأى التقرير أنه بغض النظر عن الخلافات حول إسرائيل والضربات على إيران، فأنه لا بغداد ولا حكومة إقليم كوردستان تريدان أن تتضرر علاقاتهما مع الولايات المتحدة بسبب هذه الأزمة، مضيفاً أن بغداد تريد دعما أمريكياً مستداماً لقواتها الامنية، خصوصاً أنها تبحث في تداعيات سقوط حكومة بشار الأسد في سوريا واحتمال عودة المتطرفين السنة، كما أن الإسلاميين الشيعة الذين يمثلون العمود الفقري لحكومة السوداني، يريدون أيضاً الحفاظ على علاقة أمنية مع واشنطن، إلا أنهم أيضاً يرغبون في إحباط أي تحرك أمريكي لتدمير الميليشيات المدعومة من إيران.
وحسب التقرير، فإن قطاع النفط العراقي يمثل سبباً آخر خلف رغبة بغداد وأربيل في انحسار الأزمة، مذكراً بأن صادرات النفط تشكل جميع عائدات التصدير في العراق تقريباً وأكثر من 80% من إيرادات ميزانية الحكومة، وأن أي إجراءات إيرانية لعرقلة حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز لفترة طويلة من شأنها أن تهدد الاقتصاد العراقي بشكل مباشر، ما يعني بالإضافة إلى إغلاق معظم المجال الجوي العراقي، إنه كان لدى بغداد أسباب اقتصادية قوية لكي تؤيد التهدئة السريعة في الحرب.
وذكر التقرير أن الأزمة الحالية اشتعلت بينما كانت الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كوردستان، في حال نزاع يتعلق بمشاكل داخلية ملحة اخرى، ووصل خلافهما الدائم حول صادرات النفط وعائداته، إلى طريق مسدود مجددا في شباط/ فبراير الماضي، وذلك بعدما تحركت بغداد لوقف الأموال المخصصة لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في الإقليم.
وفي حين لفت التقرير إلى أن الزعماء العراقيين منشغلون بمشاكلهم الداخلية، ويراقبون في الوقت نفسه التطورات بين إسرائيل وإيران بعناية، اعتبر أنه في ظل غياب الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني، فإنه من المرجح أن يندلع المزيد من القتال.
ولفت إلى أن لهجة العراق في التعامل مع إسرائيل، ستظل حادة حيث تشير الحكومة العراقية بانتظام الى "الكيان الصهيوني" و"العدوان الصهيوني"، مذكراً بأن السوداني قال في مقابلة متلفزة في 15 أيار/ مايو الماضي أن العراق لن يقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأنه من غير المرجح أن ينضم العراق إلى أي تحركات على المدى القريب من جانب دول عربية أخرى لتطبيع العلاقات مع اسرائيل.