شفق نيوز- ترجمة

كشفت منظمة "العمل حول العنف المسلح" البريطانية غير الحكومية، يوم الخميس، عن واقعة قتل غير مسجلة، لاب وطفلته، تقول الشهادات ان القوات البريطانية ارتكبتها في الايام الاولى من غزو البصرة في العام 2003.

وذكرت المنظمة غير الحكومية في تقرير لها تحت عنوان "اشباح الحرب - العراق: وفاة علي واثراء عبد الله" وترجمته وكالة شفق نيوز، ان "هذه الواقعة تأتي في اطار سلسلة توثق وفيات المدنيين في البصرة خلال السيطرة البريطانية من العام 2003 إلى العام 2009، وذلك بالاعتماد على الشهادات وروايات شهود العيان وسجلات الارشيف".

واشار التقرير الى "دخول بريطانيا الى العراق في اذار/ مارس العام 2003، انطلاقا من الكويت، لان الوزراء البريطانيين وقتها اعتقدوا ان الأغلبية الشيعية في البصرة قد تكون اكثر تقبلا لقوات التحالف، من المناطق السنية في مناطق اخرى، ولذلك شارك حوالي 46 الف جندي بريطاني في الغزو"، موضحا انه "خلال تقدم الفرقة المدرعة الاولى التابعة لبريطانيا نحو البصرة، كانت المقاومة متفاوتة، حيث استسلمت بعض الوحدات العراقية، وخاضت وحدات اخرى معارك قصيرة قبل انسحابها".

وتابع انه "في 27 اذار/مارس 2003، كانت القوات البريطانية تتقدم عبر المنطقة المحيطة بشارع ابو سقارة النفطي، بالقرب من مدرسة الكرامة في البصرة، حيث كان قد مضى على الغزو اكثر من اسبوع بقليل، وكان الموقف البريطاني في الجنوب يتعزز، واستنادا الى الروايات المحلية، فان قوات الجيش العراقي كانت لا تزال متمركزة في المدرسة الا انها لم تكن تطلق النار على القافلة العسكرية البريطانية التي دخلت المنطقة في ذلك اليوم".

وبحسب التقرير، فإنه "كان من بين المدنيين المتواجدين علي عبد الله، وهو عامل في اوائل الثلاثينيات من عمره، وكان يحمل بين ذراعيه ابنته اثراء بعمر العامين، بينما كان شقيقه قدير عبد الله (61 عاما) وهو موظف في وزارة البصرة، في مكان مجاور".

ونقل التقرير، عن قدير قوله وهو يتذكر ما جرى منذ سنوات، ان "الجيش العراقي لم يكن يرد على مصادر النيران، وكان اخي يسير عبر الشارع، ولم يختبئ، ولا يهاجم اي شخص"، موضحا ان "جنديا بريطانيا يستخدم من على عربة همفي مدفعا رشاشا محمولا، وانه ربما يكون قد رأى شخصا يحمل شيئا غير واضح، وربما كان مرتعبا في خضم المعركة، وفتح النار، وبسبب ذلك اصيبت اثراء ووالدها، ومات كلاهما فورا".

واكد ان "قدير يعتقد ان مطلق النار من الهمفي ربما كانت امرأة وانه رآها تبكي بعد ان ادركت ما جرى"، مشيرا الى ان "سيدة اخرى قريبة اصيبت في ساقيها خلال اطلاق النار".

وذكر التقرير انه "كحال العديد من الوفيات والاصابات خلال ذلك الوقت في العراق، فان وصف حالات الوفيات كهذه مفصل نسبيا الا انه لا يمكن تاكيده بشكل مستقل، مضيفا انه لا يبدو ان هناك وثيقة تلخص العمليات البريطانية في ذلك الوقت وتتحدث عن مقتل رجل وطفلة في ذلك المكان وفي ذلك التاريخ، كما انه لا توجد صورة معروفة لهذه الحادثة، ولا توجد افادات شهود قادمة من طرف ثالث".

ولفت الى انه "في ذلك الوقت، كان الصحفيون جزءا بدرجة كبيرة من الوحدات العسكرية ونادرا ما كانوا حاضرين في مثل هذه الحوادث، كما ان قدرة المدنيين على توثيق الاحداث كانت محدودة، في حين ان الحرب كانت ضبابية كما انه كان من الصعب على جندي في قافلة متحركة ان يحدد خلال ثوان التهديد المحتمل، والتمييز بين المدني والمقاتل في مثل تلك اللحظات".

لكن التقرير، قال ان "الثابت هو ان العشرات من الجنود العراقيين قتلوا في المنطقة المجاورة في ذلك اليوم، وانه، على الاقل كما تظهر السجلات العامة، لم يمت اي من الجنود البريطانيين في ذلك اليوم، وليس من الواضح ما اذا كانت الرصاصات التي اطلقت باتجاه علي واثراء ناتجة عن تهديد خاطئ او خرق لقواعد الاشتباك".

وذكر التقرير انه "مع سقوط نظام صدام، انهارت مؤسسات الدولة، وكان الامن في البصرة هشا، والسفر محفوفا بالمخاطر وجرى دفن علي واثراء في منطقة الهارثة، لكن بعد مرور 6 شهور، وبعدما اصحبت الطرقات اكثر امانا، اعيد دفنهما في النجف"، لافتا الى ان "ارملة علي تركت مع ابنتين وابن هو حميد عبد الله، الذي كان صبيا صغيرا وقتها، وهو الان في العشرينات من عمره، وقد تسبب مقتل الاب في خسارة المعيل الرئيسي للاسرة التي واجهت صعوبات مالية".

وبحسب قدير، فانه "تحمل الكثير من المسؤولية لرعاية عائلة اخيه المقتول، وانه بعد ذلك بعامين، حاول التقدم الى منظمة عراقية توثق وفيات المدنيين، قائلا "لقد اشتكينا، لكن لم يقبلها احد، ولم يظهر احد من الجيش البريطاني بتاتا".

وتابع قدير انه "يعتقد ان عدم المتابعة لم يكن فقط بسبب فوضى الاحتلال في وقت مبكر، وانما ايضا بسبب اللامبالاة، وذكر انهم "اطلقوا النار على شخص ما وواصلوا تحركهم في طريقهم".

واشار التقرير الى ان "قدير يحاول المطالبة بتعويض قيمته 70 الف دولار لاطفال علي، لكنه شبه متيقن من انه لن يحصل عليه".

ونقل التقرير عن قدير وصفه لشقيقه بانه بريء ورجل بسيط ومتسامح ولم يكن لديه اجندة سياسية، مضيفا انه "لو كان يريد القتال، فلن يكون في الشارع حاملا طفلته".

وخلص التقرير الى انه "مع حلول الوقت الذي سحبت فيه بريطانيا آخر قواتها القتالية من البصرة في العام 2009، كانت المدينة قد عاشت سنوات من حكم الميليشيات والعنف الطائفي والاضطرابات السياسية، وان حوادث مثل مقتل علي واثراء لم يتم تسجيلها في السجل الرسمي ابدا".