شفق نيوز- ترجمة خاصة
حذرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" من "مغالطة إستراتيجية" متمثلة بمقارنة تجربة غزو العراق والأخطاء التي تخللتها، بمواجهة إيران وبرنامجها النووي، داعية الغرب إلى التخلص من تردده وصياغة سياسة متعددة الجوانب، ترتكز على الاحتواء والردع والالتزام القوي بالخيارات العسكرية المضمونة.
وبعدما ذكّر التقرير الإسرائيلي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بهجوم الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، على العراق في 20 آذار/ مارس 2003، كذلك بهجوم الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب على إيران في إطار عملية "مطرقة منتصف الليل"، قال التقرير إنه في الخطاب الغربي، تجري مقارنة أي عمل عسكري ضد إيران حالياً، بالتدخل في العراق العام 2003، وهو تشبيه يتسم بالكسل، والتضليل بشكل خطير.
وفي حين لفت التقرير إلى أن حرب العراق شنت بناء على فرضيات خاطئة وتخطيط سيء، إلا أنه اعتبر أن إيران تمثل تهديداً ثابتاً وملحاً ومتصاعداً، ولهذا فإن الخلط بين الحالتين، يشكل "مغالطة إستراتيجية" تساهم في شلل السياسات الفعالة، وتفويض عزيمة الرأي العام، ويجعل إسرائيل والغرب معرضين لحكم ديني يطمح إلى امتلاك أسلحة نووية.
وتناول التقرير "كذبة" أسلحة الدمار الشامل التي كان يُعتقد أن صدام حسين كان يمتلكها، لكنه قال إنه بدلاً من بروز ديمقراطية على النمط الغربي، انزلق العراق بعد الغزو إلى الفوضى، وصعدت الجماعات الإرهابية، وخاصة القاعدة وداعش، مما أشعل فتيل العنف الطائفي، بينما حوصرت قوات التحالف في تمرد وحشي.
ولهذا، رأى التقرير أن الندم العميق الذي شعر به القادة والشعوب الغربية على حد سواء إزاء هذا "الخطأ المأساوي في التقدير"، خلق تردداً فيما يتعلق باحتمالات التدخل في الشرق الأوسط.
إلا أن التقرير اعتبر أنه برغم "المأساة العراقية" التي شكلت درساً صارخاً، فإنه يجب ألا تتحول إلى ذريعة للشلل الإستراتيجي، موضحاً أن أوجه التشابه بين عام 2003 وإيران حالياً، ليست غير دقيقة فحسب، بل هي خطيرة، وتحجب الأنظار عن تهديد مختلف جوهرياً.
وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن التهديد النووي الإيراني، وعلى العكس من قضية أسلحة الدمار الشامل لدى عراق صدام حسين، هو حقيقي ومتسارع بشكل مرعب، حيث سعت إيران منذ العام 2002، إلى امتلاك قدرات الأسلحة النووية من خلال الاستحواذ على اليورانيوم المخصب والماء الثقيل والبنية التحتية الحيوية، كما أنه منذ حزيران/ يونيو الماضي، جرى تخفيض الفترة اللازمة لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة، إلى أدنى مستوى له، لمجرد أسابيع فقط.
وإلى جانب تطويرها النووي، قال التقرير إن وضع إيران الإقليمي والعالمي يشكل خطراً أكبر بكثير مما كان عليه العراق في عهد صدام حسين لأنه بحلول العام 2003، كان العراق دولة منبوذة ومشلولة بسبب عقوبات الأمم المتحدة، والعزلة الدولية والاستنزاف العسكري، إلا أن إيران على عكس ذلك، تعتبر قوة إقليمية صاعدة وتتمتع برؤية ايديولوجية راسخة، وإمكانيات عسكرية متطورة، ولها رصيد حافل في استعراض قوتها خارج حدودها من خلال شبكة الوكلاء الإقليميين.
ولهذا، اعتبر التقرير أن مواجهة إيران أمر ملح لأن من شأن امتلاكها للسلاح النووي أن يتسبب بتحول جذري في الأمن العالمي، لأنها لن تكون مجرد دولة مارقة أخرى، وانما ستكون أكثر جرأة، وأقل ردعاً.
وأضاف أن هناك جانبين، أولاً ضرورة منع ظهور دولة مارقة مسلحة نوويا، وثانياً كبح جماح دولة راسخة ترعى الإرهاب وتمثل أفعالها تهديداً وجودياً ملموساً لإسرائيل، وتحدياً خطيراً ومتنامياً للغرب.
وخلص التقرير الإسرائيلي إلى القول إنه شبح حرب العراق يجب ألا يتسبب بشلل السياسة الغربية تجاهَ إيران، مضيفاً أنه يتحتم على الغرب التخلص من تردده الذي سار عليه في حقبة العراق، وأن يعمل على صياغة سياسة متماسكة ومتعددة الجوانب إزاء إيران، وترتكز على الاحتواء والردع القوي، والأهم من ذلك، أن يتضمن التزاماً راسخاً بخيارات عسكرية موثوقة.
ودعا التقرير أيضاً الغرب إلى إعادة تأكيد مصداقية ردعه العسكري، وإظهار استعداد حاسم لاستخدام القوة في حال فشلت التدابير الدبلوماسية أو القسرية في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
وأضاف أنه برغم أن الدبلوماسية ما تزال ضرورية، إلا أنها يجب ألا تتسم بالسذاجة، ولهذا، فإن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن الحد الكبير في قدرات التخصيب، الوصول الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كافة المواقع.
وختمت "تايمز أوف إسرائيل" قائلة إنه في حال إذا قوبل برنامج إيران النووي المتسارع وعدوانيتها الإقليمية المتزايدة، بالحذر الخطابي فقط، فإن تداعيات ذلك ستمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، وستعيد صياغة الأمن العالمي جذرياً، مضيفاً أن العمل الغربي الحاسم لم يعد خياراً، وإنما تحول إلى ضرورة.