شفق نيوز- بغداد/ ترجمة خاصة
تعمل روسيا على تعزيز وجودها الاستراتيجي الطويل المدى في قطاع الطاقة العراقي، بتوسيع نشاطها النفطي والغازي مستفيدة من حاجة بغداد لتحديث قطاعها الهيدروكربوني وتعزيز صادراتها من النفط، مشيرا إلى أن الشركات الروسية ستساهم في إعادة تفعيل خط أنابيب كركوك - جيهان وعودة النفط من إقليم كوردستان إلى الأسواق العالمية، وذلك بحسب ما نشره موقع "أوراسيا بيزنيس نيوز" الأمريكي.
وبعدما ذكر التقرير الصادر باللغة الانجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، بأن موسكو وبغداد وقعتا مؤخرا 4 اتفاقيات رئيسية للتعاون في مجال الطاقة ومذكرات تفاهم، وهو ما يعكس التطور الملحوظ في علاقاتهما الثنائية، استعرض التقرير الدوافع الرئيسية وراء سعي روسيا إلى إبرام صفقات نفطية مع العراق.
وبداية، اعتبر التقرير أن هناك استثمارات روسية ضخمة في حقول النفط العراقية حيث أن الشركات الروسية انفقت نحو 19 مليار دولار في قطاع النفط العراقي.
وفي هذا الإطار، لفت إلى أن شركة "لوك أويل"، تنشط في حقل غرب القرنة-2، وهو أحد أكبر حقول النفط في العراق، واحتياطاته تقدر بأكثر من 14 مليار برميل. أما شركة "غازبروم" فانها تشارك في حقل بدرة النفطي، وتُنتج حوالي 85 ألف برميل يوميا. وفي المقابل، فإن شركة "باشنفت" تشارك في استكشاف القطاع 12 وتساهم في تطوير الآبار.
وتابع التقرير أن القطاع 10، الذي تنشط فيه "لوك أويل" وشركة "إنبكس" اليابانية، أظهر نتائج واعدة باحتياطيات تقدر بأكثر من 2.5 مليار برميل، وهو ما من شأنه تعزيز الوجود الاستراتيجي الطويل لروسيا في قطاع الموارد النفطية في العراقي.
أما الدافع الثاني الذي تناوله التقرير فهو استئناف صادرات النفط الكوردي عبر تركيا، موضحا أن استئناف صادرات النفط من إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان التركي، يعتبر انجازا مهما في الاتفاقيات الروسية-العراقية، وذلك بعدما توقف الخط منذ العام 2023 بسبب خلافات قانونية وسياسية، مشيراً إلى أنه من المقدر أن هذا التوقف كبّد العراق خسائر في الإيرادات تجاوزت 23 مليار دولار.
وبحسب التقرير، فإن الشركات الروسية خصوصاً الناشطة في البنية التحتية لخطوط الأنابيب والخدمات الميدانية، ستستفيد من إعادة تفعيل خط أنابيب كركوك-جيهان وعودة كميات النفط من إقليم كوردستان إلى الأسواق العالمية.
أما الدافع الثاني بحسب التقرير، فهو تعزيز التعاون الاستراتيجي الطويل في مجال الطاقة، موضحاً أن موسكو وبغداد اتفقتا على مراجعة وتوسيع عقود النفط والغاز الحالية على مدى السنوات الـ5 المقبلة، مما يعبر عن الالتزام الأعمق بدبلوماسية الطاقة والتعاون الثنائي، وذلك لعدة أهداف هي تأمين استثمارات نفطية روسية مستقرة في المناطق الجنوبية والوسطى من العراق؛ توسيع حجم المساعدة الفنية والخدمات؛ تعزيز نقل المعرفة بين شركتي "روسنفت" و"تاتنفط" وشركات النفط الوطنية في العراق.
واعتبر التقرير أن هذه الأهداف "ترسخ مكانة روسيا كشريك طويل المدى في خريطة طريق تطوير النفط العراقي".
وبالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن اتفاقيات الطاقة هذه تمثل جزءاً من استراتيجية جيوسياسية أكثر اتساعا لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين روسيا والعراق في قطاعات متعددة، مشيراً إلى أن مجالات التعاون تشل أيضاً البنية التحتية للنقل البحري والخدمات اللوجستية، بهدف تطوير قدرات التصدير العراقية؛ ومبادرات الصحة العامة، بما في ذلك التدريب الطبي وتوريد المعدات؛ وتسهيل التجارة، مع التركيز على آليات التجارة ثنائية العملة باستخدام الروبل والدينار، مما يحمي كلا الاقتصادين جزئيا من عقوبات الغرب.
لكن التقرير رأى أنها لهذا التعاون تداعيات استراتيجية من خلال دبلوماسية الطاقة الروسية في الشرق الأوسط، حيث أنه يتحتم النظر إلى دبلوماسية الطاقة الاستباقية الروسية في العراق في سياق استراتيجيتها الأوسع، والهادفة إلى تحقيق التوازن مع النفوذ الغربي في "أوبك" والشرق الأوسط، بالإضافة إلى تنويع أسواق صادراتها النفطية بعد الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي وعقوبات مجموعة الـ7 المرتبطة بتحديد أسعار النفط.
كما لفت التقرير إلى أن روسيا من خلال ذلك، تعزز دورها كقوة رئيسية في الخارج في الخليج العربي.
وتابع التقرير أن استراتيجية روسيا تعتمد على الاستفادة من شركات النفط الكبيرة والمدعومة من الدولة، من أجل تأمين عقود توريد على المدى الطويل، وصفقات للبنية التحتية في دول غنية بالطاقة ولكنها هشة مؤسسيا.
ومن خلال اتفاقياتها مع بغداد، قال التقرير أن روسيا تعزز بذلك مكانتها كشريك مفضل لاستراتيجية العراق بعيدة المدى في مجال الطاقة، في وقت تهيمن فيه الصين والهند بشكل متزايد على الطلب العالمي على نفط الشرق الاوسط.
ولأن العراق يسعى حالياً إلى زيادة انتاجه إلى 6 ملايين برميل يوميا بحلول العام 2027 وتطوير بنيته التحتية من خلال شراكات أجنبية، قال التقرير إن "الشركات الروسية تتمتع بمكانة فريدة بفضل خبرتها التقنية في حقول النفط القديمة؛ والتنسيق بين الحكومات من خلال اللجان الاستراتيجية؛ والتوافق الجيوسياسي في مقاومة الهيمنة الغربية على حوكمة الطاقة".
وخلص التقرير إلى القول إن محاولات روسيا لإبرام صفقات نفطية جديدة في العراق، تعتبر مدروسة من أجل توسيع حضورها في قطاع الطاقة، وتعزيز العلاقات الثنائية، والاستفادة من التغيرات الجيوسياسية في قطاع النفط.
واضاف قائلا إنه "في ظل مواجهة البلدين لضغوط اقتصادية وأمام مشهد عالمي متسارع التطور في مجال الطاقة، فإن هذه الشراكة القائمة على الهيدروكربونات، قد تتطور لتصبح ركيزة أساسية في مرحلة ما بعد دبلوماسية الغرب للطاقة.