شفق
نيوز- ترجمة خاصة
رأى
تقرير بريطاني أن هناك ترابط بين فكرة سحب سلاح الفصائل العراقية ومصير وطبيعة
الوجود الأميركي في البلاد، حيث يشير إلى وجود فرضيتين لموقف الفصائل من السلاح، إحداهما
يتضمن احتمال نشوب صراع.
بينما
يحتمل موقف واشنطن خيارين، أما استكمال انسحابها بالكامل ووفق الجداول الزمنية،
وأما تغيير إستراتيجية الانسحاب الشامل، طالما أنه لا وجود لأي طرف عراقي رسمي
قادر على تحقيق مطلب حل الميليشيات، بحسب موقع "ميدل إيست مونيتور"
البريطاني.
وذكر
الموقع البريطاني، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن جماعات مسلحة عدة أصدرت
للمرة الأولى بيانات تدعم فكرة "احتكار الدولة لاستخدام القوة"، من خلال
تسليم أسلحتها للحكومة، أو حلّها، أو الاندماج مع الجيش وقوات الأمن، والانخراط في
العمل السياسي، مشيراً إلى أن هذه البيانات جاءت رداً على نتائج الانتخابات التي أظهرت
فوز مرشحي الجماعات المسلحة بنحو 100 مقعد نيابي.
وأضاف
أن واشنطن مارست في الوقت نفسه ضغوطاً إضافية على العراق لتشكيل حكومة لا تضم ميليشيات،
ولتشديد العقوبات الاقتصادية لتشمل المؤسسات العراقية الرسمية، ولشن ضربات ضد
الميليشيات، وذلك بالتزامن مع تراجع نفوذ إيران في التأثير على السياسة الداخلية
العراقية.
وأعاد
التقرير، التذكير بالمواقف والدعوات التي صدرت لتسليم السلاح عن قيادات في جماعات
مثل عصائب أهل الحق، وكتائب الإمام علي، وجند الإمام، وكتائب سيد الشهداء، بينما أعربت
غالبية قيادات الإطار التنسيقي عن مشاعر مشابهة.
واعتبر
التقرير أن هذه المواقف تمثل "خروجاً ضمنياً عن المحور الإيراني، الذي يشجع
على إنشاء منظمات مسلحة خارج إطار الدول الإقليمية"، مضيفاً أن جماعات مسلحة
أخرى رفضت في هذا الإطار مقترحات تسليم الأسلحة، بما في ذلك "أكثر جماعتين تسليحاً"،
وهما كتائب حزب الله بقيادة أحمد محسن فرج الحميداوي، وحركة النجباء بقيادة أكرم
الكعبي.
وتابع
التقرير، قائلاً إن وسائل الإعلام والمنظمات السياسية المرتبطة بهاتين الجماعتين
ركزتا على تشويه سمعة الجماعات الأخرى، مستغلة الوجود الأميركي في العراق كمبرر
لاستمرار تمسكها بالسلاح، معتبرة أن أي نقاش حول اتفاق نزع سلاح مع الحكومة لن يتم
إلا بعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية والتركية و"الناتو" من
الأراضي العراقية.
وأوضح
أن هذا التباين الواضح في مواقف الفصائل المسلحة يطرح فرضيتين مختلفتين، الأولى هي
أنه "انقسام حقيقي وجوهري"، ما يزيد من احتمالية تحوله إلى صراع مباشر
بين الفصائل المدعومة من الدولة والولايات المتحدة، وبين الفصائل الأخرى المدعومة
من إيران.
أما
الفرضية الثانية، فهي أنه "انقسام مخطط له وسطحي"، يهدف إلى توزيع
المهام وكسب الوقت لحين إجراء انتخابات التجديد النصفي لعام 2026 والانتخابات
الرئاسية لعام 2028 تغييرات في المشهد السياسي الأميركي.
وأشار
التقرير، إلى أن الجماعات المسلحة التي أعلنت مؤخراً نيتها تسليم أسلحتها "بدأت
مفاوضات" مع الولايات المتحدة قبل أشهر عبر وسطاء، وفقاً لتسريبات من مصادر
سياسية عراقية مطلعة، مبيناً أن محور المفاوضات كان يتعلق بعملية الانتقال
السياسي.
ولفت
إلى أن تركيز الضغط الأميركي شهد تحولاً نتيجة للتغييرات الإقليمية التي تلت
الحروب الإسرائيلية في غزة ولبنان وإيران، فضلاً عن الأحداث الأخيرة في سوريا
وتأثيرها على التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط، إذ أنه بدلاً من أن يقتصر هذا
التهديد على الميليشيات التي تهدد الأفراد أو المصالح الأميركية في العراق، فأنه
بات يطال الآن الحكومة العراقية والأحزاب السياسية المعنية.
وبحسب
التقرير، فقد بدأت الولايات المتحدة في إثارة مسألة ضرورة ضبط وجودها العسكري في
العراق بعد قصف إيران لقاعدة عين الأسد الجوية في العام 2020، لافتاً إلى جولات
"الحوار الإستراتيجي" مع الحكومة العراقية لتقييم الاحتياجات الأمنية
للعراق ووضع جدول زمني للانسحاب، وتشكيل لجان عسكرية فنية.
وبحسب
عدد من المصادر، فإن الولايات المتحدة أثارت موضوع مستقبل الميليشيات في العراق
خلال جولات الحوار هذه والتي جرت بشكل منتظم وتزامنت مع انسحاب "القوات
القتالية"، وربطت التنفيذ الناجح لخطة الانسحاب بالقضاء على دور الفصائل
المسلحة وتوحيد الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
كما
أضاف التقرير، أن واشنطن وبغداد أعلنتا في أيلول/ سبتمبر 2024، عن اتفاق على
انسحاب أميركي على مرحلتين، مؤكدتان بذلك على الإطار الزمني المتفق عليه سابقاً،
حيث تتضمن عمليات الانسحاب من قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار في تشرين
الثاني/ نوفمبر 2025، ومن قاعدة حرير الجوية في محافظة أربيل في تشرين الثاني/
نوفمبر 2026.
وقال
أيضاً إن التراجع عن تنفيذ الاتفاقية المذكورة أعلاه دون تأييد عراقي رسمي ومعلن،
سيكون محرجاً للسياسة الأميركية بشكل عام، وسيضع ضغطاً على وضع القوات الأميركية
داخل العراق، على الرغم من أن الأحداث الأخيرة في الشرق الاوسط وتداعياتها الأمنية
قد تكون أجبرت الولايات المتحدة على إجراء تعديلات فيما يتعلق بالانسحاب.
واعتبر
التقرير، أنه يمكن طرح فرضيتين في هذا الصدد، أولاً وجود رغبة صادقة لدى الولايات
المتحدة في الانسحاب من العراق وفقاً للجداول الزمنية المحددة، وأن الضغط المتزايد
على الحكومة والقوى السياسية والجماعات المسلحة يهدف إلى تهيئة مناخ في العراق
يسهل الانسحاب.
أما
الفرضية الثانية، وهي تستند إلى تغيير إستراتيجية الانسحاب الأميركية الشاملة،
فضلاً عن الاعتقاد بأنه لا يمكن لأي طرف عراقي رسمي تلبية مطالب حل الميليشيات وحل
أزمة قوات الحشد الشعبي بشكل كامل، وأنه نتيجة لذلك، بات من الضروري وضع جدول زمني
معدل للانسحاب يرتبط ارتباطاً مباشراً بتقدم عملية حل الميليشيات.
وتحدث
التقرير، أنه من وجهة نظر المصالح الإيرانية، فإن الانقسام الحالي بين الفصائل حول
احتكار الأسلحة، يبدو مرتبطاً بسياقين، الأول أن سيطرة إيران على الميليشيات
التابعة لها تتراجع بالفعل، ما يتيح لبعضها التمرد واتخاذ قراراتها الخاصة، إلا أن
هذا المنظور لا تعززه التطورات الأخيرة، بما في ذلك تشجيع إيران للميليشيات على
المشاركة في الانتخابات، وتوافق خطاب قادة الفصائل مع الخطاب الإيراني أثناء حرب
الأخيرة مع إسرائيل والولايات المتحدة وبعدها.
وفي
السياق الثاني، بحسب التقرير، أن كل من عصائب أهل الحق، وكتائب سيد الشهداء،
وكتائب الإمام علي، ومنظمة بدر، يعتبر أمثلة قليلة على الفصائل المسلحة التي وافقت
إيران على إعادة تنظيم أدوارها ضمن الحشد الشعبي، بينما تستمر أقوى الجماعات مثل
كتائب حزب الله وحركة النجباء في العمل كذراع عسكرية، من أجل المناورات المحتملة
مع الأميركيين في المستقبل، مضيفاً أن هذا القبول الإيراني يعني دمج هذه الفصائل
في الحياة السياسية كبديل للحكومة الشيعية الحالية.
أما
السيناريو الثاني، كما يقول التقرير، فإنه يفترض تغييراً إستراتيجياً إيرانياً في
السيطرة على أدوات النفوذ في العراق والمنطقة، مع احتفاظ الفصائل المختلفة بوضعها
الحالي وتعديل أدوارها العسكرية، في حين أن السيناريو الأول يشير إلى مواجهة حتمية
بين هذه الفصائل.
ووفقاً
للتقرير، فإن إصدار فصائل مسلحة عراقية عدة بيانات حول قضية حصر السلاح، تتخطى
بأهميتها المناورة السياسية لضمان مشاركتها في الحكومة أو لمنع هجمات من الولايات
المتحدة وإسرائيل، حيث أنها تمثل تعهداً بالالتزام بمعيار حصر حيازة الأسلحة
بالدولة، وبشروط تسليم مختلف أنواع الأسلحة إلى السلطات الرسمية.
لكن
التقرير، اعتبر أن كل هذه المتغيرات تعتمد على عدد من العوامل، بما في ذلك نوع الأسلحة
المراد تسليمها -جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة فقط-، وتوقيت التسليم -فوراً
أو ضمن جدول زمني-، والجهة المستلمة الجيش والشرطة أو قوات الحشد الشعبي، ووجود
هذه الفصائل داخل الدولة وهل هم جزء من الحكومة والمؤسسة السياسية أم أنهم يقتصرون
على قوات الحشد الشعبي، ومستقبل الحشد الشعبي نفسه هل سيتم حله أم دمجه في الجيش،
أم إعادة هيكلته؟.
وبعدما
لفت التقرير، إلى أنه بعد مناقشات مع الفصائل وواشنطن وطهران، بالإضافة إلى نقاشات
سياسية داخلية، ستكون الحكومة العراقية الجديدة مسؤولة عن معالجة هذه المعايير
وتحويلها إلى آليات عملية، مؤكداً أنه في ظل الصعوبات الجسيمة التي يواجهها
العراق، فإن اعتراف بعض الفصائل بمفهوم "الدولة" يمثل خطوة إيجابية، وإن
كانت محدودة وقابلة للتراجع.
وختم
التقرير، قائلاً إن هذه الصعوبات تشمل رفض الميليشيات نزع سلاحها، ومدى قدرة
الحكومة المنتخبة حديثاً على مواجهتها أو دمجها، بالإضافة إلى أن موقف إيران سيؤثر
على الوضع حيث قد تختار التصعيد والمزيد من زعزعة استقرار العراق، أو قد تختار
الحد من التصعيد للحفاظ على السلام الحالي مع واشنطن وإسرائيل.
وبين
أن ذلك يشمل أيضاً الموقف الإستراتيجي للولايات المتحدة فيما يتعلق باتباع جدول
الانسحاب المعلن أو إعادة التفاوض بشأنه.