شفق نيوز- ترجمة خاصة
وصف موقع "ميديا لاين" الاخباري الأميركي،
الجدار الخرساني الذي اعلن عن استكمال 350 كلم منه بين العراق وسوريا، بأنه يعكس
نهاية للطموحات الإيرانية في تهريب السلاح والمقاتلين عبر الاراضي السورية، ويساهم
في الوقت نفسه في التفريق بين العائلات والعشائر على طرفي الحدود.
وذكر التقرير الأميركي، الذي ترجمته وكالة شفق
نيوز، بإعلان السلطات العراقية عن انجاز 350 كيلومترا من الجدار الامني على طول
الحدود العراقية السورية، وهو المشروع الذي بدأ في العام 2022، قبل السقوط المتوقع
لنظام بشار الاسد، لافتا الى ان قيادة حرس الحدود العراقية اعلنت ان "العمل
مستمر لسد الثغرات الامنية بين العراق وسوريا لمنع عمليات التسلل والتهريب بين
البلدين".
وبحسب قيادة حرس الحدود فان هذه التحصينات ستغطي
في نهاية الامر نحو 618 كيلومترا من الحدود، وقد تم تعزيزها بمجموعة من الدفاعات،
بما في ذلك خندق بعرض 3 امتار وعمق 3 امتار، وساتر ترابي بارتفاع 3 امتار، وسياج
من شبك الاسلاك، بالاضافة الى وجود برج مراقبة عند كل كيلومتر واحد مزودة بكاميرات
حرارية متطورة متصلة بمركز مراقبة مركزي.
ولفت التقرير الى ان بناء الجدار الحدودي بدأ في
المنطقة الواقعة شمال نهر الفرات، وهي منطقة لها وعرة وصعبة، تمتد من جبل سنجار في
محافظة نينوى الى مدينة القائم في محافظة الانبار.
ونقل التقرير عن السياسي العراقي عوض الفردان،
قوله ان "هذا التوسع الجديد يوجه رسالة سياسية واحدة، وهي ان ايران ترى الان
ان سوريا لم تعد جزءا من مشروع الهلال الخصيب الذي تتحدث عنه منذ سنوات".
وبحسب الفردان كما نقل التقرير، فإن "الامر
لا يتعلق فقط بعمليات التهريب او دخول عناصر داعش او غيره من التنظيمات الارهابية،
بل يتعلق باستراتيجية طويلة الامد، وتوسيع الجدار يعني ان ايران ترى نفسها قد خسرت
سوريا الى الابد"، مشيرا الى ان عناصر من السوريين كانوا ينظمون عمليات تهريب
ويعبرون الحدود العراقية السورية منذ العام 2003، بعلم الدولة العراقية والفصائل الشيعية،
وان هذه الحدود كانت بمثابة الممر الرئيس لها، والتي تقاتل الى جانب نظام الاسد،
ولتزويد حزب الله في لبنان بالاسلحة".
ونقل التقرير عن الفردان قوله "اليوم، يغلق
هذا الممر بشكل دائم".
كما نقل التقرير عن الضابط المتقاعد في الجيش العراقي
محمد الخياط، قوله انه "لطالما طرحت دعوات لبناء جدار امني بين العراق
وسوريا، إلا ان العقبة الاساسية كان مرتبطة بمحدودية الميزانية، وليس الخلافات
السياسية".
وبحسب المصدر نفسه فانه "كان من الصعب
السيطرة على الحدود، وبدأنا بالمناطق الاكثر اضطرابا، تلك التي تشهد اعلى معدلات
التهريب، اما الان، فان المشروع اصبح يغطي كامل الشريط الحدودي".
وبعدما قال التقرير، إن المناطق الحدودية القريبة
من القائم، تعتبر موطنا للعديد من العائلات من عشائر مثل العقيدات والراوي وعنيزة،
حيث يعيش اقاربهم على جانبي الحدود، اشار الى ان هذه العائلات كانت تتبادل
الزيارات والبضائع من دون استخدام المعابر الرسمية، اذ لم تكن تفصل قراهم سوى
عشرات الكيلومترات.
ونقل التقرير عن احد سكان منطقة القائم الحدودية محمد
الراوي قوله "لدي ابناء عمومة على الجانب الاخر من الحدود، وكنا نزور بعضنا
البعض اسبوعيا، والطريق وعر، إلا انه لا يبعد سوى بضعة كيلومترات".
وبحسب الراوي، مثلما اشار التقرير، فانه اصبح
الان على بعد اكثر من 50 كيلومترا من اقرب معبر حدودي، وهو بحاجة الى ختم لجواز السفر
والحصول على تاشيرة "وهو امر لم يكن ضروريا من قبل".
وتابع الراوي قائلا "نحن ابناء عمومة، من
نفس الجد، ولكن خلال ترسيم الحدود بين العراق وسوريا، اصبحنا مواطنين سوريين ومواطنين
عراقيين، مع اننا عائلة واحدة".
أما على الجانب السوري من الحدود، فقد قال سمير
العقيدات، كما نقل عنه التقرير، ان لعائلة العقيدات اقارب في كل من العراق وسوريا،
وانهم كانوا يعبرون الحدود دائما بعلم حرس الحدود والجهات الرسمية الاخرى، وانه لم
يسبق لاي من اقاربه التورط في التهريب او اي نشاط غير قانوني اخر.
وتابع العقيدات قائلا انه حتى خلال حرب عام 2003 في
العراق، "كانت القوات الأميركية متواجدة، وكانوا يعرفوننا جيدا، وكنا نعبر
الى جانبهم ونعود بعد اتمام زياراتنا او انشطتنا الاخرى بلا أي مشاكل، والان الوضع
سيتغير، وسيتم قطع الروابط العائلية بسبب حاجتنا الى الحصول على تأشيرات دخول،
وينطبق الامر نفسه على ابناء عمومتنا على الجانب العراقي".
واشار التقرير، الى انه منذ العام 2003، فان هذه
المناطق الحدودية كانت تشهد مرور مئات الالاف من المقاتلين والاسلحة والمعدات،
لافتا الى ان هذا الطريق استخدم بشكل رئيس لامداد الجماعات المدعومة من ايران في
سوريا، والتي قاتلت الى جانب نظام الاسد، وكذلك لتسليح حزب الله اللبناني.
ونقل التقرير عن الناشط في الانبار علي الكربولي،
قوله ان عمليات التهريب كانت تنفذ "بعلم الدولة، وهكذا سلمت السلطات الساحة
السورية لهذه الميليشيات"، مضيفا انه "كنا نرى المركبات تتحرك برفقة
قوات الحشد الشعبي، او حتى الجيش العراقي او الحرس الوطني وقوات الامن الاخرى،
الذين كانوا يرافقونهم اثناء عبورهم الى سوريا".
ويبين انه "منذ سقوط نظام الاسد، لم نعد
نراهم، لذا فان المسالة الان تتجاوز مجرد الحفاظ على الحدود".