شفق نيوز- ترجمة
دعا موقع "ذا
كوليكتور"، الأميركي، الراغبين بالسفر إلى العراق تجاهل دعوات الحذر من هذه
الخطوة، واستبدالها بالدهشة المطلقة، معتبراً العراق بمثابة متحف حي يصور آلاف
السنوات من المهارات والإنجازات البشرية والصمود ما يثير اهتمام كل من لديه شغف
بالتاريخ القديم والمعاصر.
وفي مقارنة بين مناطق
العراق الاتحادي مقابل مناطق إقليم كوردستان، قال الموقع الأميركي المتخصص
بالقضايا الثقافية والتاريخية والفنية، إن "المناطق الاتحادية تشمل مدناً مثل
بغداد والبصرة والموصل وهي منطقة موغلة في التاريخ الإسلامي والحضارات القديمة، لكنها
أيضاً مناطق عانت من عمليات القصف الأكثر كارثية طوال سنوات مر السنين، ولهذا هناك
نوع من "الفوضوية" فيها".
وأضاف التقرير الذي
ترجمته وكالة شفق نيوز: "لهذا فإنها تتطلب مزيداً من الحذر بسبب عدم
الاستقرار السياسي في بعض المناطق، لكن إذا التزم الزائر بما يسمى "الممر
السياحي الآمن" باتباع الطريق السريع 1 من البصرة إلى مدينة الموصل.
أما في الشمال، فقد
أوضح أن المناطق الكوردية تعتبر مكاناً آمناً نسبياً، وتتميز ببيئة طبيعية رائعة،
والسفر إليها أسهل بكثير وأكثر حرية، مبيناً أنه برغم أن المسافر قد يطلب منه
زيارة مواقع تاريخية محددة برفقة مرشد في مناطق العراق الاتحادي، إلا أنه لا توجد
مثل هذه القيود في الشمال.
وأشار التقرير، إلى أن
الشعب الكوردي يعرف بضيافته المذهلة، لافتاً إلى تميز مناطق مثل أربيل ودهوك
بمشاهد طبيعية خلابة والكثير من المعالم التاريخية.
واستعرض التقرير بعض
الأماكن المقترحة للزيارات
بابل
ووصف بابل بأنها كانت
مركزاً ثقافياً وسياسياً رئيسياً في بلاد ما بين النهرين القديمة منذ ما يقرب من 4
آلاف عام، مشيراً إلى استمرار الجدل عما إذا كانت هي موطن حدائق بابل المعلقة أم
لا.
ولفت التقرير، إلى أن
بابل كانت تتباهى بالهندسة المعمارية المثيرة للاعجاب والتخطيط الحضري المتطور،
وقدم مواطنوها مساهمات كبيرة في الرياضيات وعلم الفلك، حيث كان علماء الفلك
البابليون من أوائل من طوروا نظاماً متطوراً لتتبع حركات النجوم والكواكب، في حين
اخترع علماء الرياضيات البابليون الجبر والهندسة.
وأوضح أن البابليين
اخترعوا واحدة من اقدم الانظمة القانونية في التاريخ، مضيفاً أن قانون
"حمورابي" يمثل مبادئ العدالة والإنصاف، بما في ذلك مفهوم العين بالعين
المعروف الذي تبنته العديد من الثقافات الأخرى.
وانتقل التقرير
بالزائر المفترض، إلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في أوائل العقد الأول من
القرن الـ21، حيث تصدرت بابل الأخبار للاسباب الخاطئة، خصوصاً بعدما قررت قوات
التحالف التي تقودها الولايات المتحدة إقامة معسكر في المدينة القديمة هو
"معسكر ألفا" سيء السمعة، بينما عاثت الدبابات والجيوش خراباً بالطريق
التاريخي والمقدس وقمم التلال وحفرت الخنادق في منطقة الموقع الأثري.
في حين كان النهب
منتشراً، لدرجة أن العديد من القطع الاثرية من هناك، عثر عليها في دول مختلفة
بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا وفرنسا وحتى اليابان.
قصر صدام حسين الصيفي
كما أشار إلى قصر صدام
حسين الصيفي في الثمانينيات والذي يقع على تلة تطل على بقايا آثار بابل، والذي
يوفر إطلالات جميلة على الموقع التاريخي ونهر الفرات، حيث يتميز القصر بخليط من
الأنماط المعمارية العراقية التقليدية والحديثة، مع قاعات رائعة ورخاميات وبلاط في
كل أنحائه.
ووفقاً للتقرير، فإن
المؤرخين كانوا يعتقدون أن صدام من خلال موقع قصره المطل على بابل، كان يسعى إلى
ربط نظامه بمجد الملك نبوخذ نصر الثاني ومختلف امبراطوريات بلاد ما بين النهرين
القديمة، وهو ما كان يمثل جزءاً من جهد دعائي أوسع ليبدو متساوياً مع حكام العراق
الأسطوريين.
وتابع قائلاً:
"قبل عقدين من الزمن، كان لا يمكن تصور أن يتمكن مدنيون من دخول القصر، لكن
اليوم، بالإمكان القيام بذلك، حيث كان صدام يقف على الشرفات ملوحاً ببندقيته أو
وهو يطلق النار في الهواء"، موضحاً أن "القصر مدمر ومهمل، وهناك كتابات
على الجدران، والطيور تعشش في العوارض الخشبية، وحالة الحدائق المحيطة سيئة، إلا
أنه ذلك يجب ألا يحجب روعة المكان".
قلعة أربيل
وذكر التقرير، أن قلعة
أربيل كانت مأهولة بالسكان منذ العصر الحجري الحديث، وكبرت القلعة في نهاية الأمر
وتحولت إلى مركز محوري لعدد لا يحصى من الحضارات، من الآشوريين والفرس إلى
العثمانيين، وهي أصبحت اليوم، من خلال المنزل الكوردي ومتحف النسيج الذي تم ترميمه
مثل خليطاً من الترميم المعتدل والتنقيب المستمر، علما بأنها مدرجة على قائمة
اليونسكو وتعتبر مثالاً لا يقدر بثمن على التراث الكوردي.
وبين أن الموقع
المرتفع للقلعة ايضاً يوفر إطلالات شاملة على أربيل المعاصرة والصاخبة، وهو تناقض
كبير مع العالم القديم داخل جدرانها.
أور
ووصف التقرير،
"أور"، بأنها واحدة من أهم المدن في بلاد ما بين النهرين السفلى
القديمة، مؤكداً: "رغم انها في منطقة صحراوية قاحلة حالياً، إلا أنه كانت منذ
آلاف السنين مستنقعاً خصباً وقابلاً للزراعة وحافلة بالحياة البرية ومصادر الغذاء
الوفيرة".
وأضاف أن أور بحسب
روايات تاريخية ودينية، هي مسقط رأس النبي ابراهيم، الأكثر تبجيلاً عند الإسلام
والمسيحية واليهودية، لافتاً إلى أن تاريخ المدينة يمتد إلى ما هو أبعد من روابطها
في الكتب الدينية، وهي كانت مركزاً ثقافياً ودينياً وتجارياً نشطاً لقرون، ووصلت
إلى ذروتها حوالي العام 2000 قبل الميلاد.
وبحسب التقرير، فإن
التغيير الطبيعي لمجرى نهر الفرات في العام 400 قبل الميلاد والجفاف الذي تلا ذلك،
قاد إلى بداية نهاية هيمنة المدينة.
الحضر القديمة
وتناول التقرير، مدينة
الحضر في نينوى، والتي يبلغ عمرها 2000 سنة، ويعود تاريخها إلى الإمبراطورية
البارثية، وكانت تعتبر المعقل الأكثر قوة في بلاد ما بين النهرين العليا، مبيناً
أنه بفضل موقعها الاستراتيجي وتصميمها وتحصيناتها المثيرة للاعجاب، فإنها صعدت
بسرعة كمركز تجاري وصمدت أمام العديد من الحضارات الرومانية.
وأكد التقرير، أن
القلعة تجمع ما بين الأنماط المعمارية اليونانية الرومانية والشرقية، وهو أمر نادر
في المنطقة، ورغم الضرر الذي لحق بها بسبب النزاعات الاخيرة، إلا أن آثارها ما
تزال مدرجة على موقع اليونيسكو للتراث العالمي، وتعتبر بأنها احدى أهم المواقع
التاريخية في العراق.
الموصل ومسجد النوري
في حين، وصف التقرير،
الموصل بأنها مدينة تتمتع بجذور تعود إلى الامبراطورية الاشورية، وكانت منذ فترة
طويلة على مفترق طرق ثقافي واقتصادي في العراق، ورغم أن تاريخها الحديث ارتبط
بالحرب، إلا أن الجهود المبذولة لإعادة الإعمار قد أطلقت حياة جديدة في هذه
المدينة المرنة والرائعة.
واستطرد حديثه بالقول
إن أحد أكثر معالم الموصل شهرة هو مسجد النوري، مع مئذنته المائلة التي حصلت على
لقب “الحدباء"، وهو مسجد لعب دوراً محورياً في تاريخ المدينة حتى الآن تعرض
للتدمير في العام 2017 خلال معركة تحرير الموصل.
وبين التقرير، أن
الزائر سيحصل على تجربة رصينة وملهمة للغاية، رغم أن الأمر سيتطلب سنوات لإعادة
الإعمار واستعادة المدينة لمجدها القديم، مضيفاً أن هناك اجواءً صاخبة وطاقة
شبابية ولمحة عن الثقافة النابضة بالحياة التي ازدهرت ذات مرة هنا.
واقترح التقرير، زيارة
قلعة "باشطابيا" المدمرة جزئياً والسوق المركزي الصاخب، موضحاً أن زيارة
الموصل برفقة مرشد ليست الزامية، إلا أنه يوصى بها بشدة، كما يجب زيارة هذه
المدينة بحساسية ثقافية واحترام التعافي المستمر للمجتمع، مثلما هو الحال بالنسبة
للعراق كله.