شفق نيوز/ أكدت سينم محمد شيركاني، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) في واشنطن، أن ملامح "سوريا ما بعد الأسد" يجب أن تتأسس على نظام اتحادي ديمقراطي يضمن تمثيل جميع المكونات، محذرة من أن استمرار النهج المركزي سيؤدي إلى تفاقم الانقسامات.
وشددت شيركاني وفي مقابلة خاصة مع وكالة شفق نيوز من واشنطن، على أهمية "الحوار السوري – السوري" باعتباره المدخل الحقيقي لإعادة بناء الدولة، مشيرة إلى أن مجلس سوريا الديمقراطية يعمل مع قوى سورية معارضة وديمقراطية لتكريس نموذج سياسي يقوم على "اللا مركزية، والتعددية، والديمقراطية، والاتحادية".
وأشارت إلى أن هذا التوجه يحظى باهتمام الإدارة الأميركية، التي تواصل تواصلها مع "مسد"، وتُبقي على دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في إطار محاربة الإرهاب، لا سيما تنظيم داعش.
و"قسد" هو الذراع العسكري لمجلس سوريا الديمقراطية.
وأضافت شيركاني: "نحن نركز على الحوار بين جميع السوريين، ومؤخراً سلط مؤتمر وطني الضوء على الانتهاكات التي تحدث في الساحل السوري، ومناطق الدروز، وأخرى، ما يؤكد الحاجة إلى حكومة شاملة تمثل كافة مكونات الشعب السوري".
فيدرالية سورية.. وأميركا تراقب
ورداً على سؤال بشأن موقف واشنطن من مشروع الفيدرالية، أوضحت شيركاني أن "القرار في هذا الشأن يعود للسوريين"، لكنّ التجربة أثبتت أن "النظام المركزي لم يعد قابلاً للحياة في سوريا الجديدة"، مؤكدة أن "نموذج الحكم الاتحادي هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار وتوزيع السلطة بعدل".
وأضافت أن الإدارة الأميركية تواصل فرض شروطها على حكومة دمشق، وعلى رأسها "تشكيل حكومة وحدة وطنية، وضمان تمثيل كافة المكونات، وخروج المقاتلين الأجانب، ومواصلة الحرب على الإرهاب"، لافتة إلى أن واشنطن تراقب عن كثب مدى الالتزام بهذه الشروط، وتسعى لمنع انزلاق البلاد إلى "حرب أهلية شاملة".
كما لفتت إلى أن "هناك إمكانية لأن تضغط واشنطن باتجاه إعلان دستوري يمثل جميع السوريين، لا كما هو الحال مع الإعلان الأخير الذي قوبل برفض واسع".
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه سوريا تحولات سياسية لافتة، أبرزها تشكيل إدارة جديدة برئاسة أحمد الشرع، الذي خلف بشار الأسد بعد عقود من الحكم. الشرع، المعروف بمواقفه الدينية المتشددة سابقاً، يواجه تحديات لإعادة هيكلة الدولة وتثبيت الاستقرار في ظل استمرار الانقسام السياسي والإقليمي.
ورغم هذه التغييرات، لا تزال سوريا خاضعة لسلسلة من العقوبات الأميركية الصارمة التي فُرضت بموجب "قانون قيصر" لعام 2020، والتي تستهدف النظام السوري وداعميه بسبب الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان. وتشمل هذه العقوبات قيوداً على التعاملات المالية والطاقة وإعادة الإعمار، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
لكن وفق شيركاني، هناك بوادر لتخفيف جزئي لهذه العقوبات في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق بالملف الإنساني، مع استبعاد رفعها بالكامل في الوقت الراهن.
الإدارة الذاتية الكوردية
في شمال شرق البلاد، تُعد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا - التي تأسست عام 2014 بمبادرة من قوى كوردية وعربية وسريانية - نموذجًا عمليًا لما تدعو إليه "مسد". وتُعرف هذه الإدارة بمؤسساتها المدنية، ومجالسها المحلية، وجيشها المتمثل في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي لا تزال تحظى بدعم واشنطن لجهودها في محاربة تنظيم داعش.
وأكدت شيركاني أن "قسد" تواصل لعب دور محوري في تثبيت الأمن، وقد ضبطت مؤخراً خلايا نائمة لداعش في شمال شرق البلاد، مشيرة إلى أن هذه التهديدات تثبت أن خطر الإرهاب لا يزال قائماً.
وفي ما يتعلق بمستقبل "قسد"، قالت إنها "أبدت استعدادها للاندماج ضمن الجيش السوري المستقبلي في إطار دولة جديدة ودستور جديد"، مشددة على أن "وجودها لا يمكن تجاهله في أي ترتيبات انتقالية".
كما كشفت عن استمرار التواصل بين "مسد" ودوائر صنع القرار الأميركي، بما فيها الكونغرس ووزارة الخارجية.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن مشروع سوريا ديمقراطية اتحادية هو "الضمانة الوحيدة لسوريا عادلة وآمنة لكل أبنائها"، داعية إلى حوار وطني واسع يضم كل الأطراف، بما فيها جهات داخل حكومة دمشق.