شفق نيوز- واشنطن

في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، كشفت تقارير إعلامية عبرية، يوم الثلاثاء، عن تناغم واضح بين موقفي واشنطن وتل أبيب حيال إيران، إذ تؤكد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفضيلها مواصلة الضغط السياسي والاقتصادي على طهران، مع استبعاد منح إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ عمل عسكري مباشر ضد برنامج الصواريخ البالستية الإيراني في المرحلة الراهنة.

وقال مسؤول بارز في الخارجية الأميركية لموقع "والَّا" العبري إن "واشنطن لا زالت تعتبر سلوك إيران في الشرق الأوسط وحول العالم أحد أبرز عوامل زعزعة الاستقرار، لكن الأدوات التي يستخدمها ترمب في هذه المرحلة سياسية واقتصادية وليست عسكرية".

وأشار إلى أن "سلوك إيران يهدد المصالح الوطنية للولايات المتحدة، ولذلك أعاد الرئيس ترمب العمل بسياسة الضغط الأقصى، التي تهدف إلى إنهاء التهديد النووي الإيراني، والحد من برنامجها للصواريخ البالستية، وكبح دعمها للمنظمات الإرهابية".

وبعبارة أخرى، تسعى الإدارة الأميركية إلى تشديد الخناق حول طهران من خلال فرض العقوبات، والعزلة الدولية، والضغط السياسي، وليس من خلال فتح جبهة عسكرية جديدة، الأمر الذي قد يجر المنطقة إلى تصعيد واسع النطاق.

وفي السياق، باتت رسالة واشنطن إلى تل أبيب واضحة وهي "الحرية السياسية للعمل نعم، الضوء الأخضر للعمل العسكري ضد الصواريخ البالستية الإيرانية، ليس مطروحًا في هذه المرحلة على الأقل".

وبحسب الموقع العبري، بدا "واضحًا مدى استيعاب نتنياهو لرسالة واشنطن قبل عروجه المرتقب إلى فلوريدا، وقرر إبداء مرونة كافية (حتى ولو مؤقتا) إزاء مواقفه السابقة من إيران، وربما اتضح ذلك مع اللهجة الحذرة، التي اتسمت بها آخر تصريحاته حول إيران".

وبعد تعداد ما وصفه بـ"إنجازات إسرائيل" خلال حرب الـ12 يومًا أمام إيران، أوضح أن "محور النقاش مع واشنطن لن ينصب بالضرورة على مواجهة عسكرية مباشرة مع طهران".

وأشار إلى أن "مطالب إسرائيل من إيران لم تتغير حول مستوى تخصيب اليورانيوم، ونشاطها الإقليمي، وإزالة تهديد وكلائها في محور الشر"، مؤكدا أن "الموقف الأميركي من إيران لا زال ثابتا هو الآخر".

ومع ذلك، أوضح نتنياهو أنه "من المتوقع أن يرتكز اجتماعه المقرر مع ترامب، على قطاع غزة ومناطق أخرى في المنطقة".

وأضاف: "موضوع إيران سيُطرح على بساط المباحثات مع ترمب بالتأكيد، لكن لا بد لي من القول إنني أعتقد أن التركيز سينصب على غزة في المرحلة المقبلة، وعلى قضايا أخرى تهمنا وعوامل أخرى، لدينا حماس، ولدينا أيضًا حزب الله، ورغبتنا في رؤية لبنان مستقرا وذا سيادة، وبالطبع الحوثيون، الذين يعرقلون الملاحة الدولية، وهو أمر يؤثر على اليونان وقبرص وعلينا أيضًا".

ولا تغاير لهجة نتنياهو، تقييمات مماثلة داخل إسرائيل وخارجها، أشارت إلى أن "ترمب، الذي عاد إلى البيت الأبيض مصممًا على تفادي نشوب حروب جديدة، يفضل مواصلة الضغط التدريجي على إيران وعدم السماح بتحرك إسرائيلي مستقل من شأنه إشعال صراع إقليمي واسع النطاق، خاصة في وقت تنشغل فيه الإدارة الأميركية بمحاولة تحقيق الاستقرار في غزة ولبنان والبحر الأحمر".

وفيما وُصف بتحول مفصلي في مواقف إسرائيل حيال إيران، قالت مصادر أمنية في تل أبيب لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن "حكومة طهران غير معنية في الوقت الراهن باستئناف الحرب مع إسرائيل، وتفضِّل على ذلك تحسين قدراتها، واستخلاص الدروس من إخفاقاتها العسكرية خلال حرب الـ12 يومًا، وتعزيز جمع المعلومات الاستخباراتية، وتسليح حزب الله، والحوثيين بشكل أكبر".

وفي السياق أشارت إلى أنه "يبدو أن غريزة البقاء لدى النظام الإيراني أقوى من رغبة انتقام الإيرانيين، لكن الانطباع الخاطئ عن استعداد إسرائيل قد يدفع الإيرانيين إلى التصرف أولًا هذه المرة من خلال شن هجوم استباقي، الأمر الذي من شأنه منح الولايات المتحدة الشرعية لتقديم الدعم السياسي والمساعدة العسكرية مرة أخرى، حتى الدفاعية منها، في حين تسقط عشرات الصواريخ الثقيلة على إسرائيل كل يوم.

ونقلت الصحيفة العبرية عن ضابط إسرائيلي كبير تخفيف حدة اللهجة إزاء عمل عسكري ضد إيران، وقال: "في الحرب مع إيران، أحرقنا مجموعة من القدرات الفريدة، وعمليات الخداع غير المسبوقة، والأسلحة الخاصة، والتقنيات السرية، والأساليب التي احتفظنا بها لمدة عقدين من الزمن".

وتراجع مسؤولون أمنيون في تل أبيب عن تقديرات، اعتبرت مناورات إيران الأخيرة استعدادًا لتوجيه ضربة استباقية لإسرائيل، وقالت إنه "من المحتمل أن يكون النشاط غير المعتاد الذي رصدته وكالات استخبارات غربية في إيران، نابعًا من موجات شائعات لا أساس لها على مواقع التواصل الاجتماعي في إسرائيل".

كما شكك الجيش الإسرائيلي، أمس الاثنين، في صحة سلسلة المنشورات الصادرة عن دوائر سياسية في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة.

وخلصت على سبيل المثال إلى إن الغرض من التدريب الذي أجراه الجيش الإيراني خلال الشهر الجاري، "لم يكن بالضرورة تحضيرًا لهجوم على إسرائيل".