شفق نيوز – دمشق

كشفت مصادر مطلعة، يوم الخميس، تأجيل اللقاء المرتقب بين وفد الحكومة السورية ووفد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في العاصمة الفرنسية باريس، نتيجة اتساع الخلافات بين الجانبين.

وكان من المقرر عقد الاجتماع يوم الجمعة بمشاركة قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إضافة إلى وفدي الطرفين، وبحضور المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم براك، ومسؤولين فرنسيين، و برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وبحسب المصدر في حديثه لوكالة شفق نيوز، فإن اللقاء تأجل إلى موعد غير محدد، بعد تراجع الحكومة السورية عن المشاركة، على خلفية خلافات جوهرية، أبرزها تمسك "قسد" بعدم تسليم السلاح ورفضها الانضمام إلى الجيش السوري ككتلة مستقلة، وهو ما اعتبرته دمشق طرحاً مرفوضاً.

وأشار المصدر إلى أن "بعض المعلومات تشير إلى ضغوط تركية على الحكومة السورية لرفض التفاوض مع قسد في باريس وتحت وساطة أوروبية وأمريكية".

وفي السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام سورية عن مصدر حكومي تأكيده أن "الدولة السورية لم ولن تقبل بأي خطاب يقوم على التهديد أو فرض شروط مسبقة تتعارض مع مبدأ وحدة الدولة ومؤسساتها السيادية".

وأضاف المصدر: "الحوار الوطني الحقيقي لا يكون تحت ضغط السلاح أو عبر استقواء بأي طرف خارجي، بل من خلال التزام كامل بوحدة البلاد ومرجعية الدولة السورية والتمسك بالمؤسسات الشرعية".

وتابع: "الحديث عن رفض تسليم السلاح والتمسك بتشكيل كتلة عسكرية هو طرح مرفوض جملةً وتفصيلاً، ويتناقض مع أسس بناء جيش وطني موحد، ومع أسس الاتفاق الموقع بين الرئيس الشرع ومظلوم عبدي في آذار الماضي".

وأكد أن "لا يمكن لأي كيان عسكري خارج المؤسسة العسكرية السورية أن يُعتبر مشروعاً للدولة، وأيّ محاولة للإبقاء على مظاهر التسلح والانفصال عن مؤسسات الدولة هو مسار يؤدي إلى مزيد من التوتر والانقسام وليس إلى حل وطني شامل".

كما شدد المصدر على أن "استخدام أحداث السويداء أو الساحل لتبرير رفض الانضواء تحت راية الدولة أو للتشكيك بنواياها، هو أمر مدان ويعكس محاولات مكشوفة لتأليب الرأي العام وتشويه الحقائق".

كما أشار المصدر إلى أن "الدولة السورية قامت رغم كل التحديات بجهود كبرى لمنع الفتنة وحقن الدماء في السويداء، وهي مستمرة في أداء دورها الوطني في كل المحافظات دون تمييز بين مكون وآخر".

وأضاف: "الهوية الوطنية السورية لا تُصنع من خلال مناطق أو تشكيلات عسكرية، بل من خلال الانتماء إلى دولة واحدة ذات دستور واحد ومؤسسات واحدة".

وخلص المصدر بالقول: "أيّ دعوة لـ(هوية مستقلة) تتناقض مع مبدأ المواطنة وتُعدّ دعوة انفصالية لا يمكن قبولها تحت أي ظرف. الدولة السورية لم تتهرب يوماً من مسؤولياتها، بل كانت وستبقى الطرف الوحيد الذي يتحمل مسؤولية حماية أبناء الوطن كافة دون تفرقة، وستستمر بالتحاور مع أبناء الوطن للوصول إلى السلم والاستقرار المنشودين".

وأكد أن "الطريق الوحيد لتحقيق الحل السياسي المستدام يكمن في العودة إلى حضن الدولة وفتح حوار وطني جاد تحت سقف السيادة السورية ووحدة أراضيها، وبعيداً عن الشروط المسبقة أو التهديد بالسلاح أو الارتباط بالمشاريع الخارجية التي أثبتت فشلها".

قسد ترفض إلقاء السلاح

أكد مدير المركز الإعلامي لقسد، فرهاد شامي، في لقاء متلفز أمس الأربعاء، أن "تسليم السلاح خط أحمر بالنسبة لنا، ونحن لا نساوم على مبادئنا"، مشدداً على أن قسد تتفاوض مع دمشق كطرف ندّي، وليس كتابع أو خاضع.

واعتبر أن "إرادة الحل شبه معدومة لدى الحكومة السورية".

وأشار شامي إلى أن المبعوث الأمريكي توماس باراك طلب من قسد المساعدة في إيجاد حل لأزمة السويداء، كما كشف أن عمليات مكافحة داعش ستشهد تصعيداً في مناطق شمال شرق سوريا، وقد تمتد إلى مناطق أخرى خارج نطاق سيطرة قسد، بالتنسيق مع التحالف الدولي.

دمشق ترفض اللامركزية

بدوره أفاد مسؤول كوردي سوري، بأن المحادثات التي جرت الشهر الفائت في دمشق بين وفد من الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، وممثلين عن الحكومة السورية من جهة أخرى، انتهت دون إحراز أي تقدم، وذلك بسبب رفض دمشق تبني نظام حكم لا مركزي في البلاد.

وأوضح المصدر، أن "الحكومة السورية جددت تمسكها بنظام الحكم المركزي، ورفضت جميع المقترحات المتعلقة بالحكم الفيدرالي أو اللامركزي، الأمر الذي يعقد مسار المفاوضات بين الجانبين".

وأضاف أن وفد "قسد" أبدى اعتراضه على "الإعلان الدستوري" الصادر عن الحكومة السورية المؤقتة، وطالب بإجراء تعديلات جوهرية عليه، تشمل كذلك ضمان حقوق الكورد وباقي المكونات السورية، وتكريس مبدأ المشاركة العادلة والتعددية في السلطة.

اتفاق الشرع - عبدي

ووقع الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي يوم 10 آذار/مارس الفائت اتفاقا يقضي "بدمج" المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

وكذلك "الاعتراف بالمجتمع الكوردي كجزء أصيل من الدولة السورية، وضمان حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية".

إلى جانب "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفرقة بين مكونات المجتمع السوري كافة".

ونص الاتفاق على "وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية لإنهاء النزاع المسلح وعمل وسعي اللجان التنفيذية على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي".

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز.

وتشكلت قسد، رأس حربة في قتال تنظيم داعش وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته شرق سوريا في العام 2019.