شفق نيوز/ يسعى العراق منذ عامين لإنهاء ظاهرة التعامل بالدولار في السوق المحلية، فيما يشير خبراء اقتصاديون إلى نجاح إجراءات البنك المركزي العراقي في تحقيق نجاح "نسبي" في السيطرة على العملة الصعبة.

وشهد العام 2023 ارتفاعاً غير مسبوق في سعر صرف الدولار حيث وصل إلى 1700 دينار للدولار الواحد واستمر لعدة أسابيع قبل أن ينخفض تدريجياً في أواخر العام ليصل خلال الشهرين الماضيين إلى مستوى يتراوح بين 1470 ديناراً إلى 1450 ديناراً لكل دولار.

وبدأت أزمة العملة العراقية في أعقاب حرمان وزارة الخزانة الأمريكية 14 مصرفاً عراقياً من آلية التحويلات المصرفية العالمية المعروفة باسم "سويفت" في محاولة لمنع تهريب الدولار إلى إيران.

وتتولى منصة البنك المركزي العراقي تمويل طلبات التحويل الخارجي من العملات الأجنبية التي تستعمل تحديداً لأغراض تمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص.

الموازنة تزيد الفجوة

يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، خلال حديث لوكالة شفق نيوز، إن "سبب ارتفاع الدولار هو التجارة مع إيران التي عليها عقوبات أمريكية، وبالتالي المنصة الإلكترونية للبنك المركزي العراقي المخصصة لبيع الدولار لا تمنح التجار هذه العملة مما يضطرهم إلى اللجوء للسوق السوداء لشراء الدولار".

ويشير إلى أن "المسافرين إلى سوريا ولبنان وإيران لا يستطيعون أيضاً الحصول على الدولار الرسمي من المصارف لذلك يلجأون إلى السوق الموازي فيزيد الطلب على الدولار".

ويضيف المرسومي "الفجوة بدأت موخراً بالاتساع خاصة بعد إطلاق الموازنة الجديدة وهو يعني زيادة في الطلب الكلي والإنفاق الاستهلاكي والاستثماري وبالتالي زيادة في الاستيراد والذي بدوره سيؤدي إلى زيادة الضغط على الدولار فيدفعه إلى أعلى وقد يصل 150 ألف دينار لكل 100 دولار وأعلى بقليل".

ووافقت الحكومة العراقية حينها على مقترح البنك المركزي خفض قيمة سعر الصرف من نحو 1470 ديناراً إلى 1300 دينار للدولار الواحد، وهو ما كان له أثر واضح في سوق الصرف حينها بخفض الأسعار التي وصلت لمستوى 1700 دينار للدولار الواحد في السوق الموازية.

خلل هيكلي في الاقتصاد

الخبير الاقتصادي وأستاذ علم الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني، يعزو استقرار سعر الدولار للشهر الثاني إلى "نتيجة الأداء والآليات التي استخدمتها الحكومة والبنك المركزي، أما الارتفاع الذي حصل خلال أيام العيد الماضية فسببه الإقبال الكبير على السفر خارج العراق لذلك زاد الطلب على الدولار".

ويوضح المشهداني لوكالة شفق نيوز، أن "إيجاد الحلّ هو جزء من التعامل مع إيران التي يتراوح معدل الاستيراد اليومي منها بين 25 إلى 30 مليون دولار، جزء منها يكون عن طريق الإمارات العربية المتحدة".

ولفت إلى أن "الحلول لم تعالج الخلل الهيكلي في الاقتصاد، إذ لم تتم إعادة تنظيم القطاع التجاري، ولم يمتثل الجهاز المصرفي تماماً للمعايير الدولية والبنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) في عمليات التحويل التي تجرى يومياً".

تهريب الدولار

بدوره يبين الخبير الاقتصادي والمدير السابق في البنك المركزي العراقي محمود داغر، خلال حديث لوكالة شفق نيوز، أن "بقاء الفجوة بين السوق والسعر الرسمي هو بالدرجة الأولى بسبب تسريب الدولارات إلى السوق ومن ثم عبر الحدود غير المنضبطة".

ويضيف أن "تهريب الدولار إلى دول عليها عقوبات هو السبب الرئيسي لأزمة الدولار، ولحلّ هذه الأزمة يجب السيطرة على الحدود والجمارك ليعود الدولار للسعر الرسمي".

ويتابع "السبب وراء بقاء وعدم ارتفاع الدولار لأكثر من 1500 دينار خلال الشهرين الماضيين هو أن البنك يبيع يومياً أكثر من 300 مليون دولار وهذا العرض واسع ويقيد إلى حد ما الارتفاعات، لكن السعر في السوق ما زال فوق 1450 ديناراً للدولار الواحد والسعر الرسمي 1320 ديناراً ما يعني أن 120 نقطة أي 130 ديناراً لكل دولار".

وأدى تذبذب سعر صرف الدولار بالسوق السوداء إلى اضطراب حركة التجارية بالبلاد، بما أسهم في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وعلى الرغم من زيادة متوسط دخل الفرد العراقي إلى سبعة ملايين دينار العام الماضي، إلا أن الارتفاع السعري للبضائع والسلع وكذلك تقلب أسعار الصرف يؤثران على السوق العراقية.

انكماش السوق

ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "بقاء الدولار ضمن منطقة عدم الاستقرار له أضرار على السوق المحلية حيث أن الفجوة بين السعر الرسمي والموازي كلما زادت انكمش السوق وقلّ معروض البضائع ما يرفع ثمنها أكثر من قيمة الصرف الموازية حتى، لذلك فإن ثبات السعر ضمن مستوى واحد وخنق السوق الموازية هو الحل لأي أزمة سعرية".

ويؤكد أن "الآثار التضخمية طويلة الأمد ومعالجتها تكون صعبة وبطيئة حتى ضمن النطاق السعري المستقر".