شفق نيوز/ أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس، أمس الخميس، أن اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيتباطأ هذه السنة بالمقارنة مع العام 2023، غير أنه سيحتفظ بقدر من المتانة، مشيرا إلى "عدم اليقين" بسبب الوضع الجيوسياسي.
وإن كان الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر والعمليات العسكرية المدمرة التي تنفذها الدولة العبرية منذ ذلك الحين على قطاع غزة "أثارت قدرا من التقلبات" على الصعيد الاقتصادي في المنطقة، فإن أزعور لفت إلى أن "هذا يبقى محدودا".
لكنه أضاف أن "عدم اليقين الذي يلف الجانب الجيوسياسي كبير. وثمة عوامل أخرى قد تؤثر على النمو، لذلك ننبه إلى زيادة المخاطر هذه السنة".
وإلى الحرب في قطاع غزة التي قد يتسع نطاقها مع الهجوم الإيراني الأخير بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل، تشهد المنطقة حربين أهليتين أخريتين في اليمن والسودان.
وأعربت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا الخميس عن قلقها بشأن الوضع "المروع" في البلدين.
وقالت "عندما تكون هناك حروب تجتذب كل الاهتمام مثل الحرب في أوكرانيا أو في غزة، فهي تطغى على المعاناة والصعوبات التي تظهر في أماكن أخرى، ولكن تأكدوا أنه بالنسبة للصندوق، فإن جميع أعضائنا لهم الحق في الحصول على دعمنا واهتمامنا، بغض النظر عن مدى صعوبة الظروف".
وفي السودان حيث يدور صراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، توقع صندوق النقد الدولي في تقريره الإقليمي انتهاء الحرب بحلول نهاية العام، وقال جهاد أزعور أن هذا سيوفر للبلد الذي "يملك طاقات كبيرة" إمكانية العودة إلى "وضع مستقر وناجع على صعيد الاقتصاد الكلّي".
لكنه أقرّ بأن انتهاء النزاع يبقى في الوقت الراهن هدفا منشودا، مشيرا إلى أنه "لا يمكن لصندوق النقد الدولي التصرف بناء على ذلك".
وأضاف أن "البلد يواجه حاليا تضخما بنسبة 150%، و60% من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية، وتم تفكيك المؤسسات بصورة شبه كاملة" محذرا بأنه "كلما استمرّ النزاع زاد من معاناة" السكان.
والوضع أقل خطورة في مصر التي تحظى بأكبر برنامج مساعدات من صندوق النقد الدولي في المنطقة قدره ثمانية مليارات دولار، غير أن البلد يعاني رغم ذلك من تبعات الحرب في غزة، ولا سيما جراء الهجمات التي يشنها الحوثيون اليمنيون على الملاحة التجارية في البحر الأحمر.
وأدت هذه الهجمات إلى تراجع حركة مرور السفن التجارية من قناة السويس التي تعتبر من المصادر الأساسية للعملات الأجنبية في مصر، في وقت يعاني البلد من تضخم متزايد وديون عامة مرتفعة.
وبين الإصلاحات التي يدعو إليها صندوق النقد الدولي، تعتبر خصخصة الاقتصاد الوطني الذي لا يزال مملوكا إلى حدّ بعيد من الدولة أو من الجيش من الأولويات المطروحة.
وقال جهاد أزعور "على مصر أن توجد مساحة لنمو قطاعها الخاص. يجب إعادة تحديد دور الدولة في الاقتصاد، أن تلعب دور الميسّر أكثر منها دور المنافس. وهذا يقترن بمزيد من الشفافية لاجتذاب الاستثمارات في البلد. إنها ركيزة مهمة" بين الإصلاحات المطلوبة.
غير أن التقدم في هذا المجال يبقى بطيئا، ولو أن هذا لم يمنع صندوق النقد الدولي من زيادة القرض الممنوح لمصر الشهر الماضي من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية مليارات دولار.
وللحصول على هذه الأموال الإضافية، رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة لتسجل معدلات قياسية للإيداع والإقراض، ما تسبب بتراجع حاد في قيمة الجنيه المصري.
وشدد أزعور على أن هذا الإجراء "مهم" بالنسبة لصندوق النقد الدولي لأنه "يسمح بالتصدي للتضخم، ومرونة سعر الصرف وسيلة لخفض مخاطر انتقال الصدمات الخارجية".
وتلقت مصر من جهة أخرى 35 مليار دولار من "الاستثمارات المباشرة" من الإمارات العربية المتحدة لمساعدتها على مواجهة أزمتها الاقتصادية وتفادي الانهيار التام للاقتصاد الوطني.