شفق نيوز/ سلط تقرير فرنسي، الضوء على العجز الحاصل في عمليات سحب مواطنين عراقيين أموالهم المحولة إليهم من خارج البلاد، منذ أشهر، لكونه مرسل إليهم بالدولار الأمريكي، بعدما فرضت السلطات قيودا جديدة تعقّد استخدام العملات الصعبة، في سعيها لضبط سوق سوداء لسعر الصرف، في إجراء يعتبر مفارقة في بلد غني بالنفط، وفي رصيده احتياطات هائلة من العملة الصعبة تخطّت المئة مليار.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "فرانس برس"، واطلعت عليه وكالة شفق نيوز، فإن ظهور سوق موازية للصرف، وفرض السلطات قيوداً في إطار تعزيز الرقابة المصرفية امتثالاً للقواعد الدولية التي تفرضها واشنطن، تسبب في تعقيد الحياة اليومية للسكان.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1320 دينارا مقابل الدولار الواحد، لكن لدى الصرافين، يساوي سعر الدولار الواحد 1500 دينار وقد يصل إلى 1600، هذا وأصبحت مكاتب صرف العملات تتعامل بحذر شديد مع الزبائن، بعد القبض على عشرات الصرافين المتهمين بالتلاعب بالأسعار، وفق التقرير.
وأعلن البنك المركزي العراقي في بيان سابق له، أنه قرر اعتبارا من يناير "حصر كافة التعاملات التجارية وغيرها بالدينار العراقي بدلاً من الدولار" داخل البلاد.
"السيادة النقدية"
وفي حين يمكن سحب الدولار نقداً من الودائع الموجودة سابقا بالعملة الصعبة بشكل طبيعي، سيصبح لزاماً اعتبارا من عام 2024، سحب كل حوالة مالية من الخارج بالدينار حصراً، ووفق سعر الصرف الرسمي.
ويؤكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر صالح، أن "هذه هي القاعدة التي هي جزء من السيادة النقدية، إنما هناك استثناءات"، تشمل خصوصاً السفارات.
ويضيف: "نعزز ما يسمى بالسيادة النقدية.. لا يمكن التعامل بعملتين داخل الاقتصاد الوطني"، إلا أن هذه القيود تثير الجدل، وتعرقل الحياة اليومية للعراقيين، وفق وكالة فرانس برس.
وأصبحت الحوالات المباشرة خارج إطار المصارف غير ممكنة بالدولار، وتقتصر على الدينار بالسعر الرسمي، كما اعتمد القطاع المصرفي في العراق منصة إلكترونية، الهدف منها مراقبة استخدامات الدولار، وإحكام السيطرة على اقتصاد غير رسمي آخذ بالازدهار، فيما يجذب التهرب الضريبي بعض المستوردين والتجار.
وأقرّ رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أنه مع الإجراءات الجديدة، فإن الكتلة النقدية بالعملة الصعبة المتوفرة في السوق تراجعت من "200 إلى 300 مليون دولار" في اليوم إلى "30 و40 و50 مليون دولار".
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال السوداني إن التجار الذين يتعاملون مع إيران يصبحون مرغمين على التحول إلى السوق الموازية للحصول على العملة، نظرا لأن إيران بلد "عليه عقوبات، وغير مسموح له تسيير تحويلات مالية".
وأكّد في الوقت نفسه، أن المصرفين المركزيين في العراق وإيران، يناقشان "آلية" من أجل "تنظيم التجارة"، من شأنها أن "تقسم ظهر السوق الموازي".
"تجارة مشبوهة"
وأعلنت الحكومة، أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن تسهيلات من أجل دفع مستوردي السجائر والسيارات والذهب والهواتف المحمولة، إلى الحصول على العملة الأجنبية عبر القنوات الرسمية.
أما فيما يتعلق بالمبادلات الثنائية، تشجع السلطات المصارف والمستوردين على استخدام عملات أخرى غير الدولار، مثل اليورو أو الدرهم الإماراتي أو اليوان الصيني.
ودافع مستشار رئيس الوزراء، مظهر صالح، عن القيود المصرفية التي تهدف إلى "التحقق من هذه التحويلات"، بهدف طمأنة "المجتمع المالي الدولي، ولدواعي أيضا تتعلق بالمجتمع العراقي: هل هذه التحويلات تذهب فعلا لتمويل تجارة العراق؟".
وأضاف صالح: "ما يحدث لا علاقة له بقوة الاقتصاد العراقي، العراق اليوم في أعلى مستويات الاحتياطات الأجنبية في تاريخه المالي"، إنما "حدثت تغيرات هيكلية في مسائل التعاطي مع العملة الأجنبية".
وذكّر كذلك أنه من أجل حماية البلد الذي بلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة من التضخم، فإنّ للمستوردين إمكانية الوصول إلى الدولار، وشرائه بالسعر الرسمي، وهو أكثر إفادة.
ويتعلق الأمر خصوصاً بالمواد الغذائية والأدوية ومواد البناء. ويرى صالح أن ذلك "يخلق جواً من الاستقرار، هذا الأمر مضاد للسوق الموازية".