شفق نيوز - بغداد
وجه رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، يوم الخميس، بضرورة إجراء تقييم واعادة هيكلة شاملة لجميع منظومات الإدارة الضريبية في العراق، وما تتضمنه من سياسات خاصة.
جاء ذلك خلال ترأسه، اجتماعاً خاصاً لمتابعة تنفيذ حوكمة النظام الضريبي الشامل، بحضور الكادر المتقدم للهيئة العامة للضرائب والمؤسسات المعنية، وممثلين عن شركة "أوليفر وايمن" الاستشارية، وفقا لبيان صادر عن المكتب الاعلامي للسوداني.
وذكر البيان، أن الاجتماع استعرض الجهود السابقة الخاصة بمتابعة تطوير قطاع الادارة الضريبية بشكل شامل من خلال إجراء خطوات إصلاحية، وفي مقدمتها استقطاب الشركات العالمية المختصة للعمل على الأتمتة المتكاملة لدوائر الضرائب، حيث جرى تقديم عرض مفصّل لهذه الشركات.
كما ووجه السوداني بدراسة برنامج شركة "أوليفر وايمن" في التخطيط والتنفيذ من قبل اللجنة العليا للإصلاح الضريبي وتقديم تقرير مفصّل عنه، إذ تضمن هذا البرنامج منهج عمل متكاملاً لإصلاح وتطوير الإدارة الضريبية، بوصفها ركيزة أساسية ومحورية لزيادة الايرادات الحكومية المستدامة، من أجل الوصول إلى إدارة ضريبية تتسم بالشفافية والعدالة، وتسهم في رفع تصنيف العراق مالياً واستثمارياً.
وبحسب البيان، فإن الاجتماع استعرض عدداً من التجارب المماثلة في الدول العربية، ومقدار التطوّر الذي طرأ في عملها، ومقدار الزيادات الضريبية التي تحققت خلال سنة التطبيق الاولى.
وتذيل العراق قائمة الدول العربية بأعلى نسبة ضريبة الدخل للعام الماضي 2024 حسب موقع infoflix.
وأظهرت بيانات اقتصادية حديثة اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، تصدرت موريتانيا قائمة الدول العربية من حيث أعلى نسب دفع ضريبة الدخل لعام 2024 بنسبة 40%، تلتها المغرب بنسبة 38%، ثم الجزائر وتونس بنسبة 35% لكل منهما.
وجاءت مصر في المرتبة الخامسة بنسبة 26%، تلتها لبنان بنسبة 25% ، تليها سوريا في المرتبة السابعة بنسبة 22%، فيما سجلت الأردن في المرتبة الثامنة نسبة 20%.
وفي المرتبة الأخيرة جاءت العراق والسودان بنسبة 15% لكل منهما، ما يعكس تفاوتًا واضحًا في السياسات الضريبية بين الدول العربية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن انخفاض نسبة ضريبة الدخل في العراق يعود إلى المحاولات المستمرة لجذب الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، خصوصًا الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية.
كما أن النظام الضريبي في العراق لا يزال يواجه صعوبات في التطبيق والتحديث، مما يؤثر على قدرة الدولة على تعظيم الإيرادات غير النفطية.
وكان السوداني قد أكد في نهاية شهر آب/ أغسطس، أن العراق يواجه تحدياً اقتصادياً كبيراً يتمثل في أولوية الإصلاح والتحول إلى اقتصاد متنوع، مشيراً إلى أن حجم الإنفاق العام في كل سنة مالية يبلغ نحو 150 تريليون دينار، مقابل إيرادات ضريبية لا تتجاوز 3 تريليونات.
وقال السوداني في كلمة له خلال المؤتمر الضريبي لتنمية الاقتصاد وتنشيط بيئة الاستثمار الذي انعقد في بغداد، إن "الموازنة العامة تبلغ نحو 150 تريليون دينار سنويًا، مقابل إيرادات ضريبية لا تتجاوز 3 تريليونات، وهذه الأرقام تحتاج إلى وقفة ومراجعة".
وأضاف أن "قرارات الإصلاح في مجال الاقتصاد كانت تستغل سابقًا في إطار الشعارات والضغط على المؤسسات الرسمية"، مشيرًا إلى أن "الحكومة رعَت مؤتمر إصلاح النظام الضريبي في كانون الأول 2023، والذي خرج بحزمة توصيات مهمة".
وأوضح أن "قرار مجلس الوزراء (24074 لسنة 2024) وضع حزم الإصلاح الضريبي موضع التنفيذ، وتبعه تشكيل اللجنة العليا لمتابعة الإصلاح الضريبي"، مبينًا أن "الجهود أثمرت عن اهتمام دولي من جانب المستثمرين بالإصلاح الضريبي في العراق".
وتابع السوداني أن "الحكومة عملت على زيادة الموارد غير النفطية رغم الحذر الكبير لغياب البيئة السياسية والاجتماعية الداعمة"، لافتًا إلى أن "المؤشر ارتفع من 7% عام 2022 إلى 14% عام 2024".
وأشار إلى أن "العوائد الضريبية ارتفعت بنسبة 26% خلال 2024 مقارنة بالعام الذي سبقه، وبنسبة 3% في النصف الأول من العام الحالي عن نفس الفترة للعام الماضي"، مؤكداً أن "التحول الرقمي أسهم في تعزيز القدرة والدقة الضريبية".
وبيّن السوداني أن "منصة الاستعلام الضريبي أنهت حالات التشابه في الأسماء والتأخير والفساد، وزعزعة ثقة المكلف بالإجراءات الضريبية"، مضيفًا أن "نظام وصولات دفع الضريبة ومطابقتها أُنجز إلكترونياً بعد أن كان ورقياً في السابق".
وأكد أن "هناك تواصلاً مع شركات عالمية رصينة للعمل على تحقيق أعلى المعايير الدولية في النظام الضريبي"، مشددًا على أن "مسودة قانون ضريبة الدخل الجديد اعتمدت المعايير الدولية، مع التمسك بالعدالة الاجتماعية و السماحات الضريبية لأصحاب الدخل الأدنى".
ولفت إلى أن "القانون الجديد الذي سيشرّع قريباً سيكون صديقاً لبيئة الأعمال وداعماً للاقتصاد الأخضر والمشاريع الناشئة"، مبينًا أن "اللجنة العليا للإصلاح الضريبي أنجزت ورقة السياسات الخاصة بالتحاسب الضريبي للشركات النفطية لمعالجة المشاكل والعقبات أمام عملها".
وأضاف السوداني أن "توحيد الإجراءات الضريبية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان العراق يسَّر معالجة الملفات الضريبية للجامعات والمصارف الأهلية"، مشددًا على أن "ما يتحقق من إصلاحات يمثل رسالة للمواطن بدعم نظامه السياسي وإدارة الموارد بالشكل الأمثل".
وختم بالقول: "لن نسمح بحدوث زيادة ضريبية تؤدي إلى مناخ طارد للأعمال أو تكون على حساب العدالة في فرض الضريبة".