شفق نيوز- الأنبار

في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنشيط الاقتصاد المحلي واستثمار الموارد الطبيعية الهائلة، أعلن مجلس محافظة الأنبار، يوم الثلاثاء، عن استعداده لفتح أبواب المحافظة أمام الاستثمارات السعودية والعربية والأجنبية، مؤكدًا أن قراراته مستقلة وملزمة داخل حدود المحافظة، بعيدًا عن تأثيرات الحكومة المركزية أو الضغوط السياسية.

وتأتي هذه المبادرة بعد جدل طويل حول اتفاقيات استثمارية وتأثير الضغوط السياسية على تنفيذها، خصوصًا فيما يتعلق بدور الإقليم السني في فرض قيود أو اعتراضات على المشاريع الاقتصادية، لتضع الأنبار، كأكبر محافظات العراق مساحةً وأكثرها تنوعًا بالموارد الزراعية والصناعية، على خارطة المشاريع الاستثمارية الكبرى، رغم التحديات الأمنية والسياسية التي لا تزال تثير قلق المستثمرين.

وقال عضو مجلس محافظة الأنبار، عدنان الكبيسي، لوكالة شفق نيوز، إن "هناك تعطيلًا للاستثمارات السعودية في السابق، لكن اليوم الوضع مختلف، حيث إن مجلس محافظة الأنبار معني بطرح المشاريع الاستثمارية والموافقة عليها، والموضوع مفتوح أمام جميع الشركات السعودية والعربية والأجنبية لاستغلال موارد المحافظة واستثمارها"، مؤكدًا أن "كل الدعم موجود من قبل المجلس، وقراراتنا اليوم منفصلة عن الحكومة المركزية في بغداد وملزمة داخل المحافظة".

وأضاف الكبيسي: "ما يتعلق بالإقليم السني، فهو لم يعد مطروحًا في هذا السياق، كانت هناك بعض الإجراءات لفترة معينة لأغراض سياسية، لكن اليوم لا توجد أي مخاوف من هذا الموضوع، وموقفنا واضح مع عراق واحد موحد، وهذا الأمر غير مطروح أبدًا في جدول أعمالنا".

من جهته، أكد الباحث في الشأن السياسي، مهند الراوي، أن "هناك اتفاقية اقتصادية تسعى المملكة العربية السعودية لإبرامها تشمل خطة استثمارية داخل الأراضي العراقية في مجالات الزراعة وتربية المواشي والدواجن والأسماك، خصوصًا في المناطق الغربية والجنوبية الغربية، وهي أراضٍ واسعة تحتاج إلى استثمارات كبيرة"، مبينًا أن "السعودية تسعى لإنشاء مشاريع زراعية وصناعية تغطي الاحتياجات المحلية وتعزز الصادرات".

وأشار الراوي، في حديثه للوكالة، إلى "وجود بعض التصريحات من نواب محسوبين على الفصائل السياسية تعترض على الاستثمارات السعودية، مما قد يعرقل بعض المشاريع ويقوض الخطط الاستثمارية للحكومة العراقية، خصوصًا مع النمو السكاني الكبير في العراق، الذي تجاوز 46 مليون نسمة".

في المقابل، رأى الخبير الاقتصادي، طه الجنابي، أن "الاستثمارات السعودية في الأنبار تمثل فرصة استراتيجية للاقتصاد العراقي"، مبينًا أن "هذه الاستثمارات ستُسهم في تطوير البنية التحتية وتوفير بيئة ملائمة لتنفيذ المشاريع الصناعية والزراعية، كما ستوفر آلاف فرص العمل للسكان المحليين، ما يُسهم في تقليل البطالة ورفع مستوى المعيشة".

وأضاف الجنابي، لوكالة شفق نيوز، أن "الاستثمار في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة سيعزز الإنتاج المحلي ويقلل الاعتماد على الواردات، ما ينعكس إيجابًا على استقرار الاقتصاد الوطني، كما أن التعاون الاقتصادي مع السعودية يفتح آفاقًا جديدة للعلاقات الثنائية ويعزز قدرة العراق على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية".

وتُعد محافظة الأنبار، أكبر المحافظات العراقية من حيث المساحة، مثالية للاستثمار الزراعي والصناعي، نظرًا للأراضي المنبسطة والواسعة التي تصلح لمشاريع زراعية كبيرة تشمل الحبوب والخضروات والفواكه، إضافة إلى تربية المواشي والدواجن، وإنشاء مزارع أسماك بالاعتماد على نهر الفرات وروافده.

أما الجانب الصناعي، فيتضمن فرصًا واعدة في الصناعات التحويلية المرتبطة بالزراعة، مثل مصانع الأعلاف والألبان واللحوم، ومعامل تجهيز الأسماك والدواجن، بما يُسهم في خلق قيمة مضافة عالية وفرص تصدير لدول الجوار، كما تتميز المحافظة بموارد معدنية ونفطية محدودة، إلى جانب مواقع سياحية وتراثية يمكن استثمارها في تطوير السياحة البيئية والثقافية.

ورغم الإمكانات الكبيرة، تواجه الأنبار تحديات تتعلق بالأمن والسياسة، إذ تحاول بعض القوى السياسية أحيانًا عرقلة المشاريع الاستثمارية، خاصة المرتبطة بدول معينة مثل السعودية، ما يؤثر على ثقة المستثمرين، كما أن المشاريع بحاجة إلى بنية تحتية قوية تشمل طرقًا حديثة، وشبكات كهرباء ومياه، ومراكز لوجستية داعمة.

وأكد مجلس المحافظة، في تصريحات سابقة، التزامه بتذليل العقبات أمام المستثمرين، لضمان نجاح المشاريع وتحقيق العائد الاقتصادي المطلوب، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد توازن بين الطموحات الاستثمارية والسياسات المحلية، لضمان عدم تعرض المشاريع للعرقلة السياسية أو الأمنية، والاستفادة القصوى للعراق من هذه الفرص الاقتصادية.

وتمتلك الأنبار احتياطيات نفطية مهمة ضمن خامس أكبر احتياطي نفطي عالمي، بالإضافة إلى احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، وفوسفات يُقدّر بنحو 9.5 مليار طن، ما يجعلها منطقة مثالية للاستثمار في الطاقة والصناعات الكيميائية والأسمدة.