شفق نيوز/ شهدت الأسهم الصينية المدرجة في الأسواق الرئيسية قفزة ملحوظة بعد عودتها للتداول عقب عطلة "الأسبوع الذهبي"، متأثرة بموجة صعود مدفوعة بإجراءات التحفيز الاقتصادي.
وتزايدت التوقعات الإيجابية، مما يتيح للمستثمرين والمتداولين الاستفادة من هذه الموجة من خلال التداول عبر أفضل منصات التداول الموثوقة والمرخصة لعام 2024، بعد تعهد حكومة البلاد بمواصلة جهودها لإنعاش الاقتصاد.
وافتتح مؤشر سي إس آي 300 (CSI 300)، الذي يتتبع أداء أكبر 300 شركة في بورصتي شنغهاي وشنتشن، ارتفاعًا ملحوظًا في الشهر الماضي، حيث زاد بمقدار 1,063.15 نقطة، ما يعادل 33%، ليصل إلى مستوى 4,256.10 نقطة.
ووفقًا للتقارير، حققت صناديق التحوط التي استثمرت بشكل مكثف في السوق الصينية عوائد تصل إلى 25% خلال الأشهر الأخيرة، مما يبرز التأثير الإيجابي للإجراءات الحكومية على حركة الأسواق المالية.
حزمة تحفيز ضخمة تتجاوز 500 مليار دولار
كانت الحكومة الصينية قد أطلقت حزمة من إجراءات التحفيز قبل العطلة، مما أدى إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الأسواق منذ ذلك الحين. وقد تستمر سياسة التحفيز بناءً على قدرة بكين على استخدام القوة المالية، مما قد ينتج عنه حزمة تحفيزية تتراوح ما بين 4 إلى 10 تريليونات يوان (570 مليار دولار)، مما يعزز التوقعات باستمرار الزخم الإيجابي في الأسواق الصينية.
سبق أن أعلنت الصين عن إطلاق إجراءات اقتصادية بغرض التحفيز، بدءًا من خفض الفائدة وضخ رؤوس أموال في البنوك المحلية ضمن سياسات النقد، وكذلك دعم مبيعات المنازل، خاصةً وأن قطاع العقارات هو صاحب الأزمة الأكبر في الصين. تعمل الحكومة على دعم زيادة الطلب المحلي وتنشيط استهلاك الإنتاج الصناعي والاستهلاك الداخلي.
ورغم هذه الإيجابيات، تظهر بعض التحديات التي تهدد استقرار الاقتصاد، خاصةً مع تراجع أسعار العقارات، بالتزامن مع زيادة الديون في هذا القطاع، مما يؤثر بشكل سلبي على استقرار الاقتصاد ويثير قلق المستثمرين بشأن استمرارية النمو على المدى الطويل.
تأتي سياسة التحفيز في وقت تواجه فيه الصين احتمالية الدخول في مرحلة انكماش اقتصادي طويل الأمد، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي بأسره. يأتي ذلك على عكس تباطؤ مؤشرات التضخم بعد فترة طويلة من ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية.
تباطؤ في تضخم المستهلكين وارتفاع خطر الانكماش وارتفاع البطالة بين الشباب
كشفت البيانات عن ارتفاع معدل التضخم الاستهلاكي في الصين خلال أغسطس/آب بنسبة 0.6% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وهي أعلى وتيرة له في ستة أشهر. وعلى الرغم من هذا الارتفاع الطفيف، إلا أن النمو في الأسعار كان مدفوعًا بشكل أساسي بزيادة أسعار المواد الغذائية بسبب الأحوال الجوية السيئة خلال فصل الصيف، وليس نتيجة تحسن ملموس في الطلب المحلي.
وعند استبعاد العناصر المتقلبة مثل الغذاء والوقود، يتبين أن التضخم الأساسي قد تباطأ ليصل إلى 0.3% في أغسطس/آب، مقارنة بـ 0.4% في يوليو/تموز السابق، وهو ما يمثل أدنى مستوى للتضخم الأساسي خلال الثلاث سنوات ونصف الماضية.
وتضمنت التقارير تحذيرات محللي "مورغان ستانلي" من أن استمرار الانكماش في الصين يمثل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد المحلي، خاصةً مع تراجع الأجور، الذي قد يشكل أحد أكبر المخاطر في الوقت الحالي. من المتوقع أن يؤدي هذا الاتجاه إلى سلسلة من التأثيرات السلبية، بدءًا من انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، مرورًا بتراجع إيرادات الشركات، ووصولًا إلى ارتفاع معدلات البطالة.
ولإعطاء مثال واضح على تداعيات هذا النوع من الانكماش، يمكن النظر إلى تجربة اليابان في التسعينيات، عندما عانت من فترة طويلة من الانكماش عُرفت بـ"العقود الضائعة". خلال تلك الفترة، شهد الاقتصاد الياباني ركودًا طويل الأمد بعد طفرة النمو السريع في الثمانينيات، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير واستمرار التباطؤ لسنوات.
وتأتي هذه البيانات في وقت كشفت فيه التقارير عن ارتفاع معدل البطالة بين الشباب في الصين إلى أعلى مستوى منذ بداية 2024 خلال أغسطس/ آب، بعدما سجل نسبة 18.8%. يعكس هذا الرقم التحديات المتزايدة التي تواجهها الحكومة الصينية في مساعيها لإعادة تنشيط الاقتصاد المحلي المتدهور، وسط تزايد الضغوط لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل التباطؤ الحالي.
هل تفلح سياسة التحفيز الصينية؟
تسعى الحكومة الصينية جاهدة لتجنب تكرار تجربة اليابان في التسعينيات، من خلال ضخ قروض في القطاع الصناعي بهدف تحفيز الاقتصاد. إلا أن هذه الإجراءات أدت إلى زيادة في إنتاج السلع دون وجود طلب كافٍ لاستيعاب هذا الإنتاج، مما فاقم من حدة مشكلة الانكماش. في هذا الشأن، أوضح محللو "مورغان ستانلي" أن هذه المحاولات أسفرت عن تأثير محدود على تحسين فرص العمل والدخل، وبالتالي لم تؤدِ إلى تحفيز الإنفاق المحلي بشكل فعال. وبالرغم من الجهود المبذولة، لا يزال الاقتصاد الصيني يعاني من ضغوط انكماشية تعيق انتعاشه.